الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماذا وراء الدعوة للانسحاب من العراق؟

3 يوليو 2007 00:08
لقد جاءت تعليقات السيناتور ''ريتشارد لوجار'' حول العراق، وهي التعليقات التي طالما جرى تداولها على نطاق واسع في صحافة الأسبوع الماضي، كما هدير الرعد في عز صيف واشنطن الحارق· ومما قاله هذا القائد ''الجمهوري'' البارز في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس ''الشيوخ''، إنه لم يعد يؤمن بجدوى استراتيجية زيادة عدد قواتنا هناك، وعليه فهو يدعو إلى البدء بخفض الدور العسكري الأميركي الذي نؤديه حالياً في العراق· وإلى جانب ''لوجار''، عبر قادة ''جمهوريون'' عن مشاعر إحباط مماثلة، وهددوا بالشروع في معارضة سياسات حزبهم العراقية، ما لم تبد في الأفق، مؤشرات واضحة على إحراز تقدم ملموس بحلول شهر سبتمبر المقبل، وهو أبعد ما يكون عن الحدوث· وإنه ليسهل على المرء أن يرى مشاعر القلق هذه الطاغية على الكثيرين في صفوف الحزب ''الجمهوري''· ومصدر الخوف أنه وفي حال عدم إحراز أي تقدم يذكر في الجهود المبذولة في العراق بحلول العام المقبل، فإن الأرجح أن يمنى الحزب بخسائر فادحة في الانتخابات الرئاسية الحاسمة التي سوف يشهدها العام المقبل· وكما جرى التعبير عن ذلك صراحة على لسان ''ديك موريس''، فإن العراق ولا شيء غيره، هو الذي يدمر صورة الرئيس بوش في نظر الناخبين، وهو الذي تتآكل فرص نجاح حزبه في الانتخابات الرئاسية المقبلة· لذلك وفي حال بدئه الانسحاب العسكري منه، فإن ذلك سيساعد على تحسن شعبيته في استطلاعات الرأي العام، فضلاً عن تحسين فرص حزبه ''الجمهوري''· والمنطق الذي يقوم عليه هذا الحديث- الذي يوجهه القلق السياسي على نتائج الانتخابات، أكثر منه التزامنا الأخلاقي السياسي إزاء العراق- هو أن القائد العسكري الجديد، الجنرال ''ديفيد بيتراوس'' وحلفاءه العراقيين، لا يحققون نتائج مثمرة واضحة بالسرعة المطلوبة منهم، وهو ما يجعل من الانسحاب الفوري من هناك، أمراً محتوماً إثر فوز ''الديمقراطيين'' بالانتخابات الرئاسية المرتقبة في العام المقبل· وبما أن ذلك هو واقع الحال، فإن من الأفضل البدء بخفض عدد الجنود المقاتلين من هناك، بدلاً من انتظار ما هو أسوأ لاحقاً· وقد تطوع ''مركز الأمن الأميركي الجديد'' وهو مؤسسة ''ديمقراطية'' للأبحاث في واشنطن، بتوفير خطة مبدئية لهذه الاستراتيجية، دعت إلى الوقف الفوري لزيادة عدد القوات، إلى جانب البدء بخفض القوة البالغ قوامها حالياً 160 ألف جندي، إلى 60 ألف جندي فحسب، بحلول العام المقبل ·2008 ودعت الخطة كذلك إلى أن خفض عدد المقاتلين، ستصحبه زيادة مؤقتة في عدد المستشارين العسكريين الملحقين بالقوات· والهدف النهائي للخطة هو الانسحاب الكامل من العراق -وليس من منطقة الشرق الأوسط- بحلول عام ،2012 مع ملاحظة أن هذا التاريخ هو موعد نهاية الولاية الأولى للرئيس الأميركي المقبل· وربما تبدو هذه الخطة مغرية للجمهوريين الذين يزداد قلقهم على مصير حزبهم الانتخابي، لكونها تدرأ عنهم شبح الكارثة السياسية التي يهددهم بها العراق، في ذات الوقت الذي يشعرون فيه بأن المصالح القومية الحيوية ليست مهددة في شيء· غير أن السؤال الواجب إثارته هو: هل يعقل أن نسحب ما يزيد على 50 في المئة من حجم قواتنا الحالية، وأن ننجح في تحقيق الحد الأدنى من الأهداف التي غزونا من أجلها العراق؟! وإذا كان قد سبق لنا أن حققنا نتائج مذهلة نتيجة لتعاون قواتنا في القتال المشترك جنباً إلى جنب المقاتلين العراقيين، على نحو ما حدث في محافظة الأنبار العام الماضي، فما الذي يمنع الاستمرار في هذا التعاون، وتطبيق التجربة نفسها في مواقع أخرى من العراق، بما فيها العاصمة بغداد؟ وإذا كانت القبائل العربية السُنية قد تعاونت مع مقاتلينا في تلك الجهود التي استهدفت تنظيم القاعدة في الأساس، فإنه ليس مرجحاً أن تصمد هذه القبائل لوحدها في مواجهة ذلك التنظيم الشرس، في ظل غياب المقاتلين الأميركيين والحماية الأميركية· والأرجح أن يسعى أصدقاؤنا العراقيون إلى المصالحة مع أولئك الإرهابيين· والشاهد أن زيادة عدد القوات قد قدمت من المؤشرات ما يدل على إحراز بعض التقدم النسبي في جهودنا الحالية· والدليل أن عدد القتلة الطائفيين قد انخفض بنسبة 50 في المئة منذ شهر يناير من العام الحالي· ولذلك فإن الالتزام بدعم خطة زيادة عدد القوات، وإنجاح الاستراتيجية الأمنية الجديدة، هما الحل الوحيد الذي يجب التمسك به· فلا شيء ينقذ المصير السياسي للجمهوريين سوى إحراز تقدم ملموس على الأرض العراقية· ماكس بوت كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©