الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مئة كاتب عالمي يسألون ذواتهم·· ويجيبونها

مئة كاتب عالمي يسألون ذواتهم·· ويجيبونها
14 مارس 2008 01:33
المرء يسأل عادة عما يجهله، فما معنى أن نسأل أنفسنا عما نفترض أنها تعرفه كوننا ننتظر منها الجواب، أو ما جدوى سؤالنا لها عما تجهل؟ مجددا تتناسل الاسئلة، كما االكثير من الأشياء، من بعضها، هل السؤال، في جوهره، استبطان لبعض ملامح الاجابة؟ وبأوضح هل نسأل لاننا نرى الأمر أكثر سهولة، وأقل تكلفة من الجواب؟ ذلك أن الأخير يرتب علينا التزاما ما، في حين أن الاول مفتوح على احتمالات مرنة، بل ومخادعة أيضا؟ لازلنا نسأل لكننا في اللحظة نفسها، نسعى خلف إجابة لا تقيدنا الى مدلولاتها الراسخة، ولا تعفينا من معاودة طرح السؤال، وإن بأشكال أخرى· السؤال الأول مبعث الأسئلة، كما دوما، سؤال أول، وهو حكاية رواها الصحافي الألماني توبياس وينزل، على بعض جدران المعرض الدولي للكتاب، عن توجهه الى قرابة المائة من الكتاب العالميين، ليطلب من كل منهم أن يطرح سؤالا على نفسه، وأن يجد الإجابة عليه، يقول إن الدافع الى ذلك كان احساسه في ختام كل مقابلة كان يجريها مع أحدهم، أن ثمة سؤالا على الأقل، لم تسعفه به الذاكرة، فظل معلقا على احتمالات التغاضي، ذلك أنه لم يعرفهم كما يجدر بسائل حقيقي ان يفعل، فغاب عنه ذلك السؤال اللغز الذي يطوي الأسئلة كلها، كما يخمد الفجر آخر انفاس الظلمة، فهل وفق وينزل الى غايته؟ لعله من الأفضل له، ولنا، ولمن سألهم أيضا، أن لا يكون قد فعل، لأن اندحار الليل أمام الفجر نذير شؤم بهزيمة الفجر نفسه· وقد تكون الكاتبة السنغالية أميناتا صوفال قد تنبهت إلى الهدف الماكر الذي يصبو اليه، فقطعت عليه الطريق بسؤال بسيط واجابة حاسمة:'' أميناتا هل تعرفين نفسك؟ لا، لانه ليس من السهل أن تعرف انسانا ما حق المعرفة''· إغواء اللعبة بعض الكتاب الذين اقترح عليهم وينزل الفكرة وافقوا بسهولة، ربما رأوا في غرابة اللعبة ما يغوي، في حين اعترض آخرون، لكنهم لم يلبثوا أن أبدوا استعدادا لخوض التجربة مدفوعين بطابعها المختلف، وقد جاءت الاسئلة مدهشة في معظمها، وان كان بعضها لم يرتق الى مستوى التوقعات، ثمة أسئلة طرحها بعضهم من خارج اطار التكهن، وبينهم من اختار سؤالا، يدرك جيدا أن الآخرين لن يجرؤوا على طرحه·'' كما فعل الكاتب المجري، الحائز على جائزة نوبل، ايميري كيرتز، إذ توجه إلى نفسه بمنتهى الوقار والجدية قائلا: ''السيد كيرتز، وقتك شارف على نهايته، فهل أنت راض؟'' الجواب جاء صارما، كما لو أن الرجل يقتص من لحظاته المتسربة باضطراد: لا! الكاتبة ايزايبل اللندي توجهت الى نفسها بالسؤال: ''ايزايبل، ما هو شغفك بالحياة؟'' وردت واثقة: ''أستطيع القول ان الحياة نفسها شغفي، بكل ما يدور فيها، ولهذا فأنا كاتبة·· أرغب قي أن أروي حياة كل الناس، اريد ان أكتبها كتابة كي لاتمضي في غياهب النسيان''''· الكتابة إذن وسيلة لحفظ الحياة من التلاشي؟ هذا سؤال أيضا· أيضا كان أمبرتو ايكو، كعادته، مثيرا للاهتمام· إذ اختصر، ممعنا في تكثيف الدلالة: ''أمبرتو ايكو هل هذا سؤال؟ نعم''! هكذا اذن فالكائن البشري بحد ذاته سؤال مبهم، وما السعي الدائب الذي يمارسه، منذ البدء الى الخاتمة، سوى محاولة عديمة الجدوى لبلوغ الإجابة· استنطاق الملامح الصحافي وينزل العامل في الإذاعة، لم يكتف باستنطاق محاوريه بالكلمة فقط، هو اتفق مع المصورة كارولين سيلينغير على التقاط صور للكتّب المستنطقين، تمهيدا لتوثيق التجربة في كتاب ينتظر صدوره عن مؤسسة بنتلي السويسرية في شهر أبريل المقبل، تقول سيلينغير إنها حاولت التعمق مطولا في ملامح الاشخاص الذين قامت بتصويرهم، لاستخراج أقصى المسكوت عنه من دلالات البوح، واضعة نصب عينيها المتمترستين خلف عدسة التصوير، أن الهدف هو استدراج الملامح الى منصة الاعتراف، مع ما يعنيه ذلك من ضرورة التخلي عن كل وسائل التمويه والمداراة، هي حاولت تعرية الوجوه، ولعل الناظر الى صورها يمكنه الاستنتاج أنها وفقت الى ذلك· مساحة التساؤل تراوحت الاسئلة بين الشيق والعادي، وصولا الى السؤال الحيادي الذي لا يقول شيئا، لكنها عكست هواجس طارحيها، بصورة او بأخرى، الكاتبة الأميركية دونا ليون سألت ما اذا كان آمنا حقا أن نضيف قشور الموز والبرتقال الى السماد العضوي، وأجابت بأن ثمة مدرستين في هذا السياق، واحدة تقول بذلك، وأخرى ترفضه، لكن ليون اعربت عن شعورها بالأسى كون حياتها لن تمتد لترى البلاستيك وقد اعيد تدويره عبر الأرض· أيضا الكاتب النرويجي جوستين غادر سأل نفسه: ''هل تعتقد أن الوعي الكوني من قبيل المصادفة؟'' وأجابها: ''لا اعتقد ذلك، لدي حدس بأن وعينا بخصوص الكون، بدءا من الانفجار العظيم وحتى اليوم، ليس محض صدفة، انه جوهر الكون، فتطور الجزيئات المكونة للحياة التي تحددنا ليس صدفة بحتة، انه تعبير عن حقيقة هذا الكون''· الكاتب الألماني أنغو شوليتز اختار أن يذهب الى أماكن أكثر حميمية، فتوجه الى نفسه متسائلا: ''أنغو شوليتز لدي سؤال لك: لماذا تحتفظ بمذكرات؟'' ثم اجاب قائلا: ''حسنا هذا سؤال جيد، لكن كما تعلم، فان الاحتفاظ بالمذكرات أشبه بأن تطرح سؤالا على نفسك، اذ ليس ثمة من يوجه اليك السؤال، الأمر أشبه بالتحدث مع صورتي في المرآة، فلا اعرف متى أكون مطابقا لذاتي، ومتى أكون صريحا، أنا بحاجة لشخص أتعامل معه، وقد أكون شخصا مختلفا مع مختلف الأشخاص، اعتقد انني كل ذلك·'' الكاتب الألماني هانز اينتسينسبرغر تجرأ على نفسه قائلا: ''سيد اينتسينسبرغر لماذا انت غير تعس؟'' وأجابها: ''لأن الوقت المتبقي لدي أثمن من أهدره في ذلك''· في ما يخص الكاتب المغربي الطاهر بن جلون كان الهاجس ابداعيا: ''الطاهر بن جلون متى ستكتب ذلك الكتاب الذي ينتظره منك الجميع''؟ وجاءت الإجابة: ''أتمنى لو تشكل كل الكتب التي أولفها كتابا واحدا في نهاية حياتي، بهذه الطريقة يمكنني أن اجيب على سؤالك·'' جوناثان فرانزين، من الولايات المتحدة، اختار أن يجلد نفسه: ''السيد فرانزين لقد وصلت الى مرحلة من حياتك الخاصة والمهنية، لم تعد فيها بحاجة الى ان تظهر في الصور، التقطوا لك مئات الصور، ويمكنك أن تقول: ''لا أريد المزيد، لماذا لاتفعل ذلك؟ لماذا تتصرف بلطف عندما يطلب منك أن تتصور؟'' ثم حاول الدفاع عن موقفه شارحا: ''حسنا أيها السيد فرانزين هذا سؤال جيد جدا، أعتقد انني افعل ذلك لأن محاولة الرفض ستكلفني مجهودا أكبر، أفعل ذلك لأنه الاسلوب الأقل مقاومة، أفعل ذلك لأنه من الأسهل أن أكون لطيفا لعل الوقوف والابتسام امام الكاميرا أسلوب ينطوي على مفارقة في الحفاظ على خصوصيتك، فعندما تقول نعم، فهذا يعني أنك مسيطر على الوضع الذي إن رفضته تفقد السيطرة، وكلما أظهرت المزيد من نفسك حميت ذاتك أكثر· لا أعرف بالضبط كيف تعمل هذه المعادلة، ولكن هذا ما أشعر به''· سؤال الشر ييقى الحوار الذي أجراه الكاتب الأميركي ريتشارد باورز مع نفسه مدعاة للتساؤل العميق، ولنستمع اليه يجادل في إحدى المقولات الوجودية: ''ربتشارد باورز ما هو الشر؟'' ويجيب متوسعا: ''الشر يأخذ حيزا لا بأس به في الأخبار هذه الأيام، ويذكر الشر في أميركا الشمالية، في أكثر الأماكن اثارة للدهشة، حتى أن السياسيين الكبار يذكرونه بحرية كبيرة، فيتحدثون عنه كما لو كان قوة فيزيائية تلوح في العالم، ولدى الآخرين، وأنه موجه الينا، اعتقد أن الشر بسيط للغاية، فهو ليس قوة تكمن خارجنا، فالشر بكل بساطة، هو قدرتنا على ان نرفض أن نرى ذاتنا في الآخر''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©