الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الإسلاموفوبيا».. لمصلحة «داعش»!

26 مارس 2016 22:41
انطوت الفكرة الأساسية للحرب العالمية ضد الإرهاب على استراتيجية تكتيكية تفيد بأن «من الأفضل مواجهة الإرهابيين بعيداً بدلاً من مواجهتهم في أوطاننا»، وأدى ذلك إلى إطلاق حروب واسعة لا تكاد تنتهي في العراق وأفغانستان وباكستان والصومال.. الخ، تحت شعار «ضمان السلام في الغرب». وبات من الواضح الآن أن هذه الصيغة فشلت تماماً. وجاءت تفجيرات بروكسل يوم الثلاثاء الماضي، في أعقاب هجمات مماثلة في كل من مدينة «جراند بسام» في ساحل العاج و«ميدوجوري» في نيجيريا، وأخريات في اسطنبول وبيروت وباريس وباماكو.. خلال الأشهر الماضية الأخيرة، لتؤكد زيف ذلك الشعار. وعلينا ألا نتفاجأ بما يحدث الآن، لأن القاعدة العامة تقول إن العنف الذي ينمو ويترعرع في الخارج، لابد أن يعود إلى أرض الوطن بصورة ما. وخلال العام الماضي وحده، أسقطت القوات الأميركية 22110 قنابل فوق العراق وسوريا. وتقول مصادر وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» إنه من «المرجح» أن تكون هذه القنابل قد قتلت 6 مدنيين فقط(!) إلى جانب ما لا يقلّ عن 25 ألف مقاتل إرهابي من تنظيم «داعش». إلا أن العدد الحقيقي للقتلى من المدنيين ربما يُعد بالآلاف. وبسبب الاهتمام الضعيف الذي نوليه لنتائج العمل العسكري الذي نمارسه في الأماكن التي يتم استهدافها بالغارات الجوية، تزايدت مشاعر الغضب في أوساط الإرهابيين. وعندما يعبر هؤلاء عن هذا الشعور، لا يبقى أمامنا سوى أن نلقي باللوم على الثقافة الإسلامية ذاتها! وعندما أكدت كل استطلاعات الرأي بأن معظم المسلمين يعتقدون أن الغربيين يمارسون سياسة تتصف بالعنف المفرط والأنانية وانعدام المنطق، لم نكن نعلم الدوافع الحقيقية لهذه الأحكام، ولم نكلف أنفسنا مهمة التفكير فيها. ولهذا السبب، كنا ننحو إلى إقناع أنفسنا بأن هذه الآراء إنما تنبع من تطرف الثقافة الإسلامية ومعتنقيها بدلاً من أن نستنتج بأنها ناتجة عن سياساتنا ذاتها. وقد أشار كل من دونالد ترامب وتيد كروز إلى هذه النقطة بالذات عندما تحدثا عن الرُّهاب الإسلامي «الإسلاموفيوبيا». إلا أن معظم الليبراليين يرون أن التطرف الديني هو السبب الأساسي للإرهاب. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس أوباما أشار إلى أن هناك مفهوماً خاطئاً للإسلام تتبناه فئة قليلة العدد في المجتمع الإسلامي، هي التي نعاديها وهي التي يتحتم علينا دحرها. واستناداً إلى هذا الزعم السائد، سارع كبار صنّاع القرار السياسي ووكالات المخابرات والمؤسسات الأكاديمية المرتبطة بمصالح الأمن العام في الولايات المتحدة، إلى إنفاق ملايين الدولارات، منذ أحداث 11 سبتمر 2001، لإجراء البحوث المتعلقة بالتطرف. وكانوا يأملون أن يعثروا على علاقة الارتباط القائمة بين تبني الأفكار الدينية المتطرفة، والتورط في الأعمال الإرهابية. وربما يمكن القول إن علاقة الارتباط تحتاج إلى تأمل عميق لفهمها. لكن هذه الحقيقة لم تكن كافية لثني الوكالات الاستخباراتية الأميركية عن استخدام «النموذج المتطرف» الذي يتخذ من المعتقدات الدينية دليلاً للميل الكامن نحو الإرهاب. ويمكننا أن نفهم بعض أسباب النزوع نحو التطرف لو تصورنا كيف ستكون ردود أفعالنا لو أسقطت علينا حكومة أجنبية 22 ألف قنبلة. لاشك أن أعداداً غفيرة من الناس سوف تسارع للتطوع ومحاربة المعتدين. وقد تتنافس المشاعر القومية والمعتقدات الدينية بعضها مع بعض لقيادة هذه المعركة المضادة. وهذا هو الموقف ذاته الذي تعلنه بعض التنظيمات المتطرفة عندما تزعم أن هناك حرباً عالمية بين الغرب والإسلام، وهي تمثل صراعاً لطرف يمتلك نواصي الحق والعدالة! مقابل آخر تتهمه بالنفاق والفساد! وهذا يعني أن تجنيد «داعش» للمقاتلين الجدد يعتمد على قناعات حتى لو كانت متطرفة ومنحرفة دون شك. ويوحي لنا كل ذلك بأن علينا أن نجرّب طرقاً أخرى ووسائل مختلفة في حربنا ضد الإرهاب. إلا أنه من واجبنا أيضاً أن نسأل أنفسنا قبل اكتشاف تلك الطرق والوسائل: ما الذي نفعله الآن؟ * محلل بريطاني متخصص في الحركات الدينية والتمييز العنصري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©