الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإجهاد الوظيفي يضر بالصحة النفسانية والبدنية ويجلب التعاسة

الإجهاد الوظيفي يضر بالصحة النفسانية والبدنية ويجلب التعاسة
18 ديسمبر 2012
الإجهاد الوظيفي هو نوع خاص من التوتر الناتج عن الإجهاد والإرهاق في مقر العمل. وهو حالة تنجم عن مزيج من العوامل التي يتداخل فيها البدني بالنفساني أو الذهني. وتتزامن هذه الحالة عادة مع شعور الشخص بشكوك حول مدى قدرته على استدامة كفاءته في العمل، وحبه لما يقوم به. فإذا كنت تجد أنك تشعر بأعراض الإجهاد الوظيفي أو تعيشه حقيقة، فحري بك أن تكون ملماً بمسبباته، وأن تتسلح بالعدة النفسانية والبدنية اللازمة لمواجهته قبل أن يأخذ بتلابيب نفسك وبدنك، فيصعب عليك الفكاك من آثاره، فبالصحة الجيدة يمكنك تحقيق كل شيء، ومن دونها تقل خياراتك ونجاحاتك. يقول خبراء الصحة المهنية النفسانية من عيادات “مايوكلينيك” الأميركية، إنه يتعين على كل شخص أن تكون له وقفات خاصة مع نفسه من فترة لأخرى، يجري فيها حواراً مع نفسه ويوجه لها عدداً من الأسئلة حتى يتحقق ما إذا كان العمل الذي يقوم به يُحقق ذاته ويُسهم في إسعاده، أم العكس. ويمكن لكل شخص أن يُصارح نفسه ويطرح عليها ما شاء له من أسئلة، مثل هل بدأت أتعامل باستخفاف مع عملي وأميل إلى البحث عن كل جانب سلبي لأنتقده؟ هل أذهب إلى العمل على مضض وأستثقل بدء العمل؟ هل أصبحت سريع العصبية والغضب عند التعامل مع زملائي في العمل أو الزبائن والعملاء؟ هل أشعر بنقص في الطاقة والحيوية اللازمتين لتظل إنتاجيتي مرتفعة بانتظام؟ هل أفتقد إلى الشعور بالرضا عما أحققه من إنجازات في وظيفتي؟ هل أشعر بنوع من الغبن تُجاه عملي؟ هل ألجأ إلى الأكل بنهم أو التدخين بشراهة لأشعر بتحسن، أو حتى لا يتفاقم شعوري بالاستياء؟ هل تغيرت عاداتي في الأكل والشرب والنوم؟ هل تُصيبني حالات صداع الرأس أو آلام الظهر أو أوجاع بدنية دون أن أجد لها سبباً؟ وفي حال أجاب الشخص عن أي من هذه الأسئلة بالإيجاب، فقد يكون يعاني فعلاً من الإجهاد الوظيفي. ويُفضل إذا تأكد له ذلك أن يُناقش الأمر مع أحد أصدقائه أو أحبائه المقربين ممن يثق في آرائهم ويرتاح إلى نصائحهم، أو يُراجع اختصاصياً في الصحة النفسانية المهنية. فبعض أعراض الإجهاد الوظيفي قد تكون مقدمة لبعض الأمراض الأخرى كالكآبة أو أحد أمراض الغدة الدرقية. مُسببات الإجهاد إن الإجهاد الوظيفي يمكن أن ينتج عن عوامل عديدة أبرزها: ? فقدان السيطرة: ففشل العامل أو الموظف في التأثير على القرارات التي تؤثر على عمله مثل الأعباء الوظيفية والجدول الزمني لتنفيذ المهام الموكلة إليه، يمكن أن يؤدي إلى الإجهاد الوظيفي. ولذلك، فإن افتقاد الموظف إلى الموارد والمراجع الداعمة التي يحتاجها في دوامه اليومي قد تُسبب له الشعور بفقدان السيطرة، وأحياناً فقدان البوصلة. ? توقعات مهنية فضفاضة وغير واضحة: فإذا لم يكن واضحاً جداً بالنسبة إليك نوع الصلاحيات التي يخولها لك توصيفك الوظيفي، أو كان يعتري هذا الأخير لُبس وغموض حول ما هو مطلوب منك بالضبط، وما الذي يجب أن تُحاسَب عليه وما ليس لك علاقة به، فإنه سينتهي بك المطاف إلى الشعور الدائم بعدم الارتياح، والعيش على إيقاع ترقب المفاجآت غير السارة. ? التنمر الوظيفي: فإذا كنت تعمل في مكان لا يسود فيه الاحترام المتبادل بين الزملاء، أو في بيئة يُمارس فيه المسؤول شتى أنواع التنمر الوظيفي أو ينفذ صلاحياته وسلطته بشطط وبشكل فيه عدم احترام أو إذلال للآخرين، أو تمييز بينهم بناء على معايير شخصية أو أحكام مزاجية لا علاقة لها بالكفاءة أو الإنتاجية، أو يتعامل بنوع من التصغير والتحقير لعمل موظفيه، فإن مآلك سيكون لا محالة الإصابة بالتوتر يعقبه إجهاد حقيقي. ? التنافُر القيمي: فإذا كانت قيمك تتنافى أو تتنافر مع طريقة تعامل رئيسك أو رب عملك معك أو إدارته للعمل وتوزيعه للأدوار، فإنك ستشعر مع مرور الوقت بتزايُد التوتر، وربما الإجهاد الوظيفي بسبب الضغط النفسي الناجم عن صراع داخلي بين القيم الشخصية والقيم المفروضة من قبل بيئة العمل. ? وظيفة غير مناسبة: إذا كنت ترى بجلاء أن الوظيفة التي تشغلها بعيدة كل البعد عن تخصصك واهتمامك ولا تجعلك تمارس أياً من مهاراتك، فاعلم أنك ستتحول إلى ماكينة للإنتاج بسبب غياب اللمسات الشخصية والحماسية والشعورية في عملك، ما قد يعرضك إلى الإصابة بضغط نفساني عال. ? التطرف الوظيفي: فعندما يكون العمل روتينياً وساكناً دوماً أو فوضوياً دائماً، فإنك ستحتاج إلى دفقات طاقة منتظمة لتحافظ على تركيزك في بيئة عمل تفتقر إلى الوسطية في وتيرتها، ما قد يؤدي إلى إصابتك بالتعب والإرهاق، ثم الإجهاد. ? غياب الدعم الاجتماعي: فإذا كنت تشعر بالعزلة في عملك وحياتك الشخصية، فإن ذلك قد يفضي بك إلى الإصابة بتوتر متنام. ? اختلال التوازن: فعندما يكون عملك يأخذ قسطاً كبيراً من يومك وجهدك، سواء داخل مقر العمل أو خارجه، أو فيهما معاً، وتشعر بأنك تُسخر النسبة العظمى من طاقتك في عملك ولا تجد طاقة متبقية لصرفها في حياتك الشخصية مع الأسرة والأصدقاء، فإنك ستشعر بما يشبه الاستنزاف والاحتراق، وستُصاب سريعاً بالإجهاد الوظيفي. ويقول خبراء الصحة المهنية النفسانية إن أكثر الناس عُرضة للإصابة بالإجهاد الوظيفي هم أولئك الذين يتوحدون كثيراً مع عملهم لدرجة أنه يصعب عليهم التمييز والفصل بين حياتهم المهنية وحياتهم الشخصية، وكذا الأشخاص الذين يحرصون على إرضاء الجميع وتنفيذ كل ما يُطلب منهم دون استثناء ودون امتلاك الشجاعة لقول كلمة “لا” عند اللزوم، وأولئك الذين يعملون في قطاع الرعاية الصحية أو تقديم الاستشارات الاجتماعية أو التدريس، وأيضاً الأشخاص الذين يشعرون أنهم يفتقدون التحكم بزمام أمور عملهم، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يشغلون وظائف روتينية يكرر صاحبها عمل اليوم الواحد طوال السنة. عواقب الإجهاد في حال تجاهلت إصابتك بالإجهاد الوظيفي أو أصررت على عدم معالجته، فإنك تفتح على نفسك أبواب اعتلال متعددة الواجهات، ويمكن بالتالي أن تُصاب بالتوتر الشديد أو التعب أو الأرق أو العزلة الاضطرارية وخسران الأصدقاء والأحباب بسبب الإفراط في العمل أو الكآبة أو القلق أو الإدمان أو أحد أمراض القلب أو ارتفاع مستوى الكولستيرول أو السكري من النوع الثاني (خصوصاً إن كنت امرأة) أو السكتة الدماغية أو السمنة أو الهشاشة المناعية. كما يمكن في أسوأ الاحتمالات أن تتكالب عليك هذه الأمراض جزئياً أو كلياً. وتذكر أنه يتعين عليك في حال كنت تعاني من الإجهاد الوظيفي ألا تتجاهل أعراضه، وألا تتردد في مراجعة خبير صحة مهنية نفسانية أو طبيب نفساني حتى يتسنى لك تشخيص حالتك بدقة ومعرفة ما يُعوزك بالضبط من أجل إيجاد مخرج لحالتك. علاج الإجهاد إذا كنت قلقاً بشأن احتمال إصابتك بالإجهاد الوظيفي، فكُن مبادراً واتخذ تدابير احترازية واحتياطية ووقائية معينة من قبيل: ? إدارة مسببات التوتر التي تقود إلى الإجهاد الوظيفي، وذلك بوضع خطة عملية للتصدي لكل ما من شأنه إشعارك بالإنهاك المهني المتكرر بمجرد استشعار أحد أعراضه. ? تقييم الخيارات: وذلك عبر مناقشة بواعث القلق مع رئيسك في العمل، فربما يمكنكما العمل معاً لتغيير التوقعات، أو الوصول إلى حلول أو تسويات متفق عليها، وذلك عن طريق تخفيف العبء الوظيفي أو تقليل المهام أو تشارُكها مع الآخرين ممن هم أقل عبئاً، كما يمكنك أن تطلب من رئيسك التحلي بمرونة أكثر معك فيما يتعلق بأدائك لعملك عبر السماح لك أحياناً بالعمل من البيت أو مكان آخر غير المكتب، وأن يكون مرناً معك أكثر ما دامت إنتاجيتك عالية. وفي أحسن الحالات، يمكن أن يُساعدك رئيسك في العمل ويتيح لك مواصلة تطويرك المهني ودراستك، ويُساعدك بعدها على الاستعداد لشغل وظيفة واضحة المعالم. ? تعديل المواقف: فإذا شعرت بأنك أصبحت لا مبالياً ومستخفاً بما تقوم به لسبب موضوعي أو ذاتي، فحاول مراجعة موقفك وأحكامك حتى تتجلى لك الصورة كاملة. وحاول إعادة استكشاف الجوانب الممتعة في عملك. واحرص على أن تعترف لزملائك بإسهاماتهم القيمة في العمل أو إتقانهم ما يقومون به، ولا تتردد في التعبير لهم عن امتنانك وشكرك إن ساعدوك. وحاول أخذ استراحات قصيرة خلال الدوام. واحرص على أن تقضي وقتاً ممتعاً عندما تكون بعيداً عن العمل في بيتك أو في مكان آخر. ? البحث عن دعم: فالسعي وراء الدعم العاطفي والاجتماعي في الأوقات الصعبة من الزملاء أو الأصدقاء أو الأحباء أو الأقرباء يُساعدك في التغلب على التوتر والضغط ومشاعر الإجهاد. وفي حال كان يوجد في المؤسسة التي تعمل فيها اختصاصي صحة مهنية ونفسانية أو برنامج دعم الموظفين ومساعدتهم، فلا تتردد في الاستعانة بخدماته. ? تقييم الاهتمامات والمهارات والهوايات: فالقيام بتقييم ذاتي صادق يمكن أن يُساعدك على تحديد ما إذا كنت بحاجة إلى بدء التفكير في البحث عن عمل بديل أقل إنهاكاً واستنزافاً، وأكثر تقديراً لجهدك، واحتراماً لحياتك الخاصة، وتناغماً مع قيمك الأساسية واهتماماتك الشخصية. ? ممارسة الرياضة: فبالمواظبة على ممارسة الرياضة مثل المشي أو الجري أو التمرن على الدراجة الهوائية، يمكنك التعامل بشكل أفضل مع التوتر، وإخراج نفسك من مزاج العمل وضغوطه، وعيش تجارب موازية ممتعة كل يوم. ويبقى الشيء الأهم والأكثر موضوعية وواقعية هو أن يتحلى الشخص بذهن منفتح ويدرس الخيارات كافة المتاحة أمامه، وألا يسمح للعمل المجهد والمنهك أو غير المجزي التأثير سلباً على صحته مهما كلفه ذلك. هشام أحناش عن موقع “mayoclinic.com”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©