الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نعوم تشومسكي يحكي عن الغرب الإرهابي

نعوم تشومسكي يحكي عن الغرب الإرهابي
27 مارس 2016 16:00
أحمد عثمان (القاهرة) «قال جورج أورويل إن هناك أناساً يعيشون خارج أوروبا، أميركا الشمالية وبعض البلاد الآسيوية المتمتعة بالامتيازات، غير أنهم (لا- أشخاص)»، هكذا كتب آندريه فيتشك في مقدمته، للكتاب الذي يتمحور حول ملايين الموتى (الذين يسِمْهُم الوعي الغربي بـ لا- أشخاص) من أبناء المستعمرات، ثم العالم الثالث، ضحايا السعي الغربي وراء السلطة، الموارد والخيرات، المقتولين والذين أصبحوا بلا أي قيمة. بعد خمسة عشر عاماً من الرسائل المتبادلة حول هذا الموضوع، اتفق رجلان على اللقاء للتحاور، وخلال يومين، أسفر اللقاء عن تسجيل هذه المحاورة كفيلم (لم يكتمل بعد تحقيقه) وكتاب. نشر الكتاب في بادئ الأمر بالإنجليزية في عام 2013، واليوم بالفرنسية. أما الرجلان فأحدهما نعوم شومسكي، اللغوي الكبير والمثقف المناضل، المنكب على تعرية نظام الدعاية الذي يحدد الرأي العام في الدول الديمقراطية، وكذا على تفكيك الإمبريالية الأميركية. وأما الثاني فهو محاوره، آندريه فيتشك، سوفييتي المولد، نيويوركي الإقامة، فيلسوف، روائي، سينمائي، صحفي، شاعر، مسرحي ومصور فوتوغرافي. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أفضت الكولونيالية والنيوكولونيالية الى وفاة 50-55 مليوناً من الأشخاص، كما قال فيتشك، ماتوا كنتيجة مباشرة للحرب التي أعلنها الغرب، والانقلابات العسكرية المناصرة للغرب وصراعات أخرى على شاكلتها، كما أنها أضافت إلى هؤلاء «مئات الملايين من الضحايا غير المباشرين الذين هلكوا من جراء البؤس، في صمت». في أول الأمر كانت الكولونيالية، ذلك أن «أولى معسكرات الاعتقال لم تبنها ألمانية النازية، وإنما الامبراطورية البريطانية، في جنوب أفريقيا خلال حرب (البوير) الثانية في بداية القرن العشرين. أما بالنسبة لألمانيا، فقبل إبادة اليهود (والغجر)، اشتركت في مذابح رهيبة في أميركا الجنوبية، وفي أنحاء أخرى من العالم - ولكن من يعرف إبادة (الهيريرو) في ناميبيا، (المابوش) في فالديفيا، (الأوزورنو) و(الليانكيهو) في تشيلي، أبناء الساموا الألمانية؟ عن معرفة الأوروبيين بالكولونيالية، أجيب بأنهم لا يعرفون شيئاً. ثم جاءت بعدها النيوكولونيالية، وارتكبت فظاعات خلال الأعوام الأخيرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفقد ثلاثة الى خمسة ملايين شخص حياتهم. من اقترف الجريمة؟ الميليشيات. ولكن خلف هذه الميليشيات هناك القوات «المتعددة الجنسيات» والحكومات، كما أكد شومسكي. والسبب هو «الحصول على (معدن) الكولتان (الذي يستخدمه الغربيون في إنتاج هواتفهم الجوالة) وبعض المعادن القيمة». وأخيراً جاءت الإمبريالية؛ من خلال تاريخ كمبوديا، نعرف على وجه التحديد الجرائم التي ارتكبت ما بين 1975 و1979 من قبل الخمير الحمر. لكن في ما يتعلق بما قبل ذلك نحن «نسبح في العدم». في بدايات السبعينيات، قبل سيطرة نظام بول بوت، كان الرعب يتأتى من قصف الأقاليم الحضرية بأمر من الوزير هنري كيسنجر: «دعوة حقيقية للإبادة». كما في لاوس، «حيث اغتيل ملايين الأشخاص بلا شفقة ولا رحمة»، بما أن هدف العملية يتمثل في «ردع هذا البلد عن الانضمام إلى فيتنام في نضالها التحرري»... إذن، تلك مذبحة وقائية. كانت حرباً سرية أساساً، و«هكذا، كان يلزم جملة واحدة في النيويورك تايمز تحكي ما جرى حتى تنتهي الحملة». ربما تصيبنا الدهشة بسبب تسامح فيتشك النسبي تجاه الدول الشرقية ما بعد ستالين. ومع ذلك، فإن وجود معيار مزدوج يتبدى قابلا للنقاش نوعاً ما؛ لقد كانت نتيجة قمع موسكو لربيع براغ، في عام 1968، الذي وسم لفترة طويلة الذهنية الغربية كتراجيديا رهيبة بين 70 إلى 90 قتيلا. في المقابل، جرى، قبل ثلاث سنوات، «انقلاب عسكري بأمر من واشنطن» ضد إندونيسيا سوكارنو، الدولة المذنبة لإصابتها «بعدوى التنمية المستقلة»، تبعته - أي الانقلاب - مذابح خلفت قتلى يتراوح عددهم ما بين النصف مليون والثلاثة ملايين ضحية. لا يزال البعض يتذكر ما جرى. لكن هذا ليس كل شيء: «عاون الاتحاد السوفييتي حلفاءه الأوروبيين الى درجة أنهم أصبحوا أغنى من سلطتهم الوصية. في التاريخ، تعتبر الكتلة السوفييتية الحالة الوحيدة لامبراطورية يعتبر متروبولها أفقر من مستعمراته»، هكذا أضاف شومسكي. تستمر الدهشة حينما يواصل الرجلان كلامهما عن الصين: «التلفاز والصحف الصينية أكثر انتقاداً للنظام الاقتصادي والسياسي لبلادهم من قنواتنا إزاء نظامنا الاقتصادي والسياسي»، ذكر فيتشك. وأضاف: «للعيش على جميع القارات، أستطيع أن أؤكد أن (الغربيين) كونوا جماعة غارقة في النزعة العقائدية، أقل تثقيفاً وأقل نقداً على الأرض، مع استثناءات قليلة، بالتأكيد». يتفق شومسكي وفيتشك على الأمل الجوهري: «مذّاك، معظم الدول الأميركية أحرار. حتى أن بعض دول أميركا الوسطى على وشك الحصول على استقلالها من السيطرة الأميركية. ولكنهما يختلفان تحديداً حول المستقبل، فـ (شومسكي) متفائل عن فيتشك بالنسبة لإمكانية «وضع حد لنظام الرعب»، الذي أقامه الغرب للسيطرة &ndash رغماً عن الحياة الإنسانية &ndash على «الأسواق الأصيلة». (*)الكتاب: Noam Chomsky، André Vltchek، L&rsquoOccident terroriste.، D&rsquoHiroshima à la guerre des drones، Trad. de l&rsquoanglais par Nicolas Calvé، Ecosociété، 174 p.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©