الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفجيرات جلاسجو··· محاولات إرهابية فاشلة

تفجيرات جلاسجو··· محاولات إرهابية فاشلة
4 يوليو 2007 01:42
''نعم، إن خط بيكاديلي بطيء اليوم··· لقد استلزم الأمر مني وقتاً طويلاً حتى أصل إلى هنا''· هذا ما سمعته من امرأة كانت تتحدث مع أخرى في أحد المحلات في لندن في وقت متأخر من الليل الأسبوع الماضي· ومن خلال متابعة حديثهما، عرفت أن هناك من حاول تفجير سيارتين مفخختين في لندن، وتحديداً في مكان يجري تحته خط مترو بيكاديلي، وأن السلطات قد أغلقت المنطقة لعدة ساعات في الصباح، قبل أن تعيد فتحها في آخر النهار· ولو كانت هاتان السيارتان قد انفجرتا في الصباح الباكر في الوقت الذي يتوجه فيه أهالي لندن إلى أعمالهم- كما خطط المتآمرون لذلك- لبلغت الخسائر المئات· وعلى الرغم من ذلك الاحتمال، فإن الشيء الذي بعث في نفسي الارتياح حقاً من دون أن أجد نفسي مضطرة لترديد تلك الإكليشيهات عن برود البريطانيين وعدم ميلهم للانفعال- هو أنني لم أر أي مظهر من مظاهر الهستيريا، وهو ما قد يرجع في نظري لحقيقة أن سكان تلك المدينة قد واجهوا حملة إرهاب منظمة في التسعينيات على أيدي ''الجيش الجمهوري الأيرلندي''، وتمكنوا من تجاوزها· وقد تعرضت بريطانيا إلى محاولة إرهابية ثانية، عندما اقتحم رجلان يقودان سيارة تحمل اسطوانات غاز أحد أبواب مطار جلاسجو في اسكتلندا· من الواضح أن الإرهابيين كانوا قد خططوا أن يكون الهجومان منسقين، وربما كان الهدف منهما هو تهديد رئيس الوزراء البريطاني الجديد ''جوردون براون''، الذي تولى منصبه رسمياً الأسبوع الماضي· أياً كان السبب، فإن الأمر المؤكد هو أن هؤلاء الإرهابيين قد فشلوا حيث لم تسفر محاولاتهم سوى عن أضرار مادية أو نفسية طفيفة· ولكن ما السبب في فشل المحاولتين الإرهابيتين باستخدام أسلوب السيارات المفخخة في لندن،على الرغم من أن استخدام هذا الأسلوب بواسطة المتمردين في العراق، يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة؟ أولاً، إن فشل محاولتي لندن الإرهابيتين يرجع إلى أن منفذيها من الهواة· فالفرع البريطاني من ''القاعدة''، أو من مقلدي ''القاعدة'' لا يمتلك أسلحة دمار شامل، بل ولا يمتلك متفجرات'' سيمتكس'' البلاستيكية التي كان ''الجيش الجمهوري الأيرلندي'' يفضلها· وحتى إذا ما افترضنا أنه كان لتلك المجموعة مؤيدون في الحكومات أو الخدمات السرية الأجنبية، فمما لا شك فيه هو أن هؤلاء المؤيدين ليسوا على درجة عالية من الذكاء، حيث رأينا أن المتفجرات التي تم استخدامها في السيارة كانت عبارة عن أوعية حاوية لغاز البروبين ومسامير صدئة، تبين عند فحصها أنها تحتوى على آثار بصمات أصابع وغيرها من الأدلة التي يمكن للمحققين أن يستدلوا منها على شخصية المنفذين، وهو ما حدث بالفعل،وساعد الشرطة البريطانية على شن حملات دهم والقبض على بعض الأشخاص في مناطق مختلفة من البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع· ثانياً، من المحتمل أنه قد تم مراقبة المتآمرين بواسطة الكاميرات المثبتة في منطقة وسط لندن، وهي كاميرات مزودة بإمكانيات تساعد على التقاط عدة صور من زوايا مختلفة· فالتقنيات الغربية المتقدمة لا تزال متفوقة بكثير على الوسائل والأدوات المتاحة للإرهابيين المحتملين على الرغم من أننا نعتقد عكس ذلك· ثالثاً، السبب الأكثر أهمية من ذلك هو أن المؤامرة الإرهابية في لندن قد فشلت لأن المجتمعات الغربية المنفتحة أكثر صلابة مما قد نعتقد أحياناً· فإحدى السيارتين المفخختين في منطقة ''بيكاديلي'' تم اكتشافها، لأن طاقم عربة إسعاف كان في طريقه لتلبية نداء استغاثة آخر لا علاقة له بالأمر، عندما شاهد أفراده دخاناً يتسرب من صندوق الأمتعة الخلفي في سيارة، وبادروا بإبلاغ الشرطة· أما السيارة الأخرى فقد كانت واقفة في مكان ممنوع،وقام رجال المرور اليقظون بجرها إلى موقف انتظار، وهناك اشتموا رائحة جازولين تنبعث منها، وبادروا بإبلاغ الشرطة أيضاً· مثل هذه اليقظة بين رجال المرور ورجال الإسعاف ورجال الشرطة البريطانيين ليست بالشيء الاستثنائي أو غير العادي في بريطانيا، ولكنه الشيء المفتقد تماماً في العديد من المدن الأخرى ومنها بغداد على سبيل المثال، وهي مدينة لا يمثل إيقاف سيارة فيها في مكان ممنوع أو غير ممنوع مشكلة، كما أن سكانها يتجنبون الذهاب إلى الشرطة لإبلاغها عن شيء لأن الشرطة- وسواء كان ذلك عن حق أو غير حق- متهمة بكل شيء تقريباً بدءاً من ممارسة التطهير العرقي وحتى تلقي الرشاوى· في جلاسجو كانت التفاصيل متشابهة· فالرجلان اللذان قادا سيارتهما، وصدماها في أحد أبواب مطار جلاسجو تم إيقافهما بواسطة رجال الشرطة، بالتعاون مع المارة الذين دخل أحدهم في صراع مع السائق الذي كان قد غمر جسمه قبل ذلك بوقت قصير بالبنزين وطرحه أرضاً· فهنا نرى أن نجاح الشرطة كان مرتبطا بتعاون الجمهور معها· ومرة ثانية أقول إن هذا النوع من التعاون غير موجود في العديد من الدول الأخرى- وبالتأكيد ليس موجوداً في العراق، الذي لا تتمتع فيه الشرطة كما قلنا بدعم من الجمهور على الإطلاق· ما المحصلة التي نخرج بها من كل ذلك؟ المحصلة هي أن تلك المحاولات الفاشلة تمثل دليلاً يذكرنا أن حرب الإرهابيين على الغرب لا تزال مستمرة، كما أنها تمثل أيضاً دليلاً دامغاً يذكرنا أيضاً بأن مجتمعاتنا المفتوحة وقيمنا الليبرالية لا تزال قادرة على الفوز على الرغم من كل شيء· آن أبيلباوم كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©