الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشيني وتعزيز دور السلطة التنفيذية

4 يوليو 2007 14:53
لقد ظللت ولمدة طويلة من الوقت، أتمتع بعضوية ناد خاص جداً وصفوي، ألا وهي عضوية معجبي نائب الرئيس ديك تشيني. وهل من أحد يجرؤ على سؤالي عن سبب إعجابي بهذا الرجل؟ تبرعاً مني أقول إنه وبينما يبدي الكثيرون امتعاضهم من أولئك الساسة الذين يعيشون على استرضاء ناخبيهم، ويعبرون عن امتعاضهم هذا بالعبارات الكبيرة الطنانة الجوفاء، فإن الملاحظ أن ديك تشيني هو الوحيد بين ساستنا وقادتنا، من يعمل وفق هواه، ولا يأبه مطلقاً لما يقوله عنه الناخبون. وكم أنا فخور ومعجب جداً بهذه اللامبالاة منه، لا سيما لا مبالاته بما تقوله عنه الصحافة. لكن وعلى رغم تفضيلي لنمط تشيني هذا –قياساً إلى طريقة رئيسه بوش- فإن ذلك النمط تشوبه كثير من الشوائب التي تجعل منه بالكاد مستحباً ويدعو للإعجاب به. وربما كان نصيب تشيني من الشعبية، أكبر بقليل من شعبية "هاري ريد"، زعيم الأغلبية في مجلس "الشيوخ". ولكن يا لبؤس المقارنة وجدواها أصلاً. والأكثر من ذلك، أن أسلوب "تشيني" في التعامل مع شؤون الحكم، هو أسلوب غير مثمر، ويؤدي إلى عكس الأهداف المرجوة تماماً. فهو شأنه في ذلك شأن شخصية الرجل السرطان في فيلم "إكس فايلز"، يبدو واقفاً دائماً في الظل والخفاء، ويعمل باستمرار على شد خيوط اللعبة السياسية وإدارة شؤون الحكم باتجاه أجندته الشخصية الخاصة. وبحسب ما أوردته عنه صحيفة "واشنطن بوست"، فقد مضى "ديك تشيني" شوطاً بعيداً ببلوغه حد تهديد المدعي العام السابق، "جون آشكروفت"، بسبب ما وجهه إليه الأخير من انتقادات تتعلق بقسوة معاملة المقاتلين الأعداء. والمعروف أن نائب الرئيس شديد الولع والاهتمام بأمرين لا ثالث لهما: استعادة السلطات الحصرية الواسعة التي يتمتع بها الجهاز التنفيذي، وهي السلطات التي طالما تراجعت وانحسرت إثر حرب فيتنام، وكذلك فضيحة "ووترجيت". وثانيهما إلحاق الهزيمة الساحقة بأعدائنا في الحرب الدائرة على الإرهاب. وكلا الهدفين نبيل وجدير بالإعجاب. غير أن هناك العديد من المصادر التي لا حصر لها، داخل إدارة بوش نفسها، منها من تطوع بإبلاغ صحيفة "واشنطن بوست" باحتقار تشيني وكراهيته المطلقة لأية مساع ترمي لبناء إجماع بيروقراطي تشريعي، يتعارض مع كراهيته لأي محاولة للحصول على الدعم العام للإدارة، عن طريق الوسائل الإعلامية. وبالنتيجة فلطالما وفق تشيني دائماً في هدم السياسات، وكل ما يتعارض مع آرائه الخاصة بكيفية التحقيق مع الأسرى الأعداء. وقد امتد هذا التوفيق المدمر، حتى طال مكتب الرئيس بوش نفسه. ولكن سرعان ما تلحق الهزيمة بهذه السياسات والسلوك، ما أن يصل الأمر إلى مطالبته بالدفاع عنهما أمام الكونجرس أو الرأي العام الأميركي. ولنتخذ لهذا مثالاً، الاستثناء الشخصي، الذي استصدره تشيني لنفسه من الطريقة التي يجب التعامل بها مع الوثائق السرية المصنفة. فبدلاً من استصدار الإذن الخاص بالتعامل مع الوثائق المذكورة من الرئيس، ادعى تشيني لنفسه حصانة اخترعها من عنده، زعم أنها مستمدة من أوامر تنفيذية، بصفته رئيساً لمجلس الشيوخ، فضلاً عن كونه نائباً للرئيس، ما يعني كونه عضواً بالهيئة التشريعية. والمشكلة أن هذه الحجة ليست واهية وبائسة بحد ذاتها، بل إنها لا تثمر شيئاً ولا تعيد للجهازالتنفيذي تلك السلطات الحصرية الواسعة التي سبق له أن خسرها. فليست الفكرة هنا أن الجهاز التنفيذي، أو بالأحرى أن منصب نائب الرئيس الذي يشغله حالياً ديك تشيني، لم يكن سوى واجهة خارجية لا أكثر للسلطة التشريعية قبيل فضيحة "ووترجيت" المدوية. ولهذا السبب فهي حجة باطلة ومردودة لأنها لا تكشف إلا عن أجندة سرية، هي التي تحرك سلوك تشيني في إدارة شؤون الحكم وتولي مهام منصبه. ـــــــــــــــــ كاتب ومحلل سياسي أميركي ـــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©