الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

خبير اقتصادي لـ «الاتحاد»: المحفظة الاستثمارية القطرية في لندن تخفي أجندة سياسية

17 فبراير 2018 23:30
شادي صلاح الدين (لندن) يعتبر المال هو السلاح القوي والوحيد الذي يستخدمه النظام القطري للتأثير على دوائر صناعة القرار في الغرب بصفة عامة، وفي بريطانيا والولايات المتحدة بصفة خاصة، وذلك وفق ما أكده المحلل والخبير الاقتصادي في لندن الدكتور جلال إسماعيل لـ «الاتحاد». وأوضح إسماعيل أن قطر تعتبر أكثر الدول العربية ضخا للأموال والاستثمارات في المملكة المتحدة، حيث أصبحت خلال سنوات قليلة أكبر مستثمر عربي في بريطانيا بحجم استثمارات بلغ 44 مليار دولار. وطبقا لبيانات رسمية اطلعت عليها «الاتحاد»، فإن أملاك القطريين في لندن تتخطى أملاك مكتب عمدة العاصمة البريطانية، وأكثر بثلاثة أضعاف من أملاك الملكة إليزابيث نفسها. وأوضحت بيانات إدارة التسجيل العقاري، ومكتب تسجيل الشركات، ووكالة الضرائب البريطانية أن مجموعة «كناري وورف القابضة للاستثمار»، التي تشارك في ملكيتها «شركة قطر القابضة»، وهي جزء من جهاز قطر للاستثمار، بمساحة عقارات تصل إلى 21.5 مليون متر مربع وهي المالك الأول للعقارات في العاصمة البريطانية، وتأتي بعدها بلدية لندن بإجمالي مساحات بلغت 17.4 مليون متر مربع، قبل هيئة نقل لندن بمساحة عقارات بلغت 14.9 مليون متر مربع. وتتنوع الاستثمارات القطرية من شراء شركة «سونج بيرد» لتمتلك حي «كناري وورف» المالي، والحصول على نسبة 26% من سلسلة متاجر «سينسبري»، واستثمار مبلغ 3.4 مليار دولار لشراء أسهم في مصرف «باركليز» وهي الصفقة المشبوهة التي أثيرت حولها العديد من الاتهامات في الأيام الماضية، بجانب مبلغ 660 مليون دولار لشراء برج «شارد»، وملياري ونصف لشراء سلسلة متاجر «هارودز» الشهيرة في حي نايتسبريدج بغرب لندن، إضافة إلى استثمارات في شركة خطوط الطيران البريطانية، والقرية الأوليمبية. وقال الدكتور جلال إسماعيل إن النظام القطري يعتمد في تعاطيه مع أزمة المقاطعة بشكل عام على استخدام أمواله للتأثير على صناعة القرار الغربي، مضيفاً أن بريطانيا بشكل عام، ولندن تحديدا أحد أبرز المناطق التي تنتشر فيها الاستثمارات القطرية، والتي تحرص الحكومة البريطانية بشدة على الاحتفاظ بها. وأوضح الخبير الاقتصادي الكبير أن الاستثمار القطري في بريطانيا وغيرها من الدول الكبرى في العالم، ليس سوى جزء من مخطط لضمان استمرار رغبة ومصالح هذه الدول في الإبقاء على هذا النظام. وتابع أن القطريين يعلمون جيدا أن البريطانيين في طريقهم إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهم بحاجة ماسة إلى تنويع استثماراتهم، وخاصة في الفترة التي تعقب الخروج مباشرة، وبالتالي فإن النظام القطري يخطط لرفع استثماراته مؤخرا في البلاد من 44 مليار دولار إلى نحو 50 مليار دولار، من خلال استثمار 6 مليارات دولار خلال الخمس سنوات القادمة، لافتا إلى أن هذا الأمر تم الإعلان عنه مؤخرا في منتدى الاستثمار القطري في المملكة المتحدة في لندن. وأكد الدكتور جلال إسماعيل أن المحفظة الاستثمارية القطرية في لندن تخفي وراءها أجندة سياسية، لها عدة أهداف: منها تجنب الانتقادات الدولية، وخاصة أن الجميع يعلم مدى ارتباط النظام القطري بالجماعات الإرهابية والمتطرفة، إضافة إلى القلق الذي يسيطر على النظام القطري جراء استمرار المقاطعة وفقدانه لمحيطه العربي والخليجي واندفاعه لتوطيد علاقاته بالغرب من ناحية، وبإيران وإسرائيل من ناحية أخرى، مشددا على أن السؤال المطروح هو إلى متى يمكن للنظام القطري استغلال أمواله في التأثير على دوائر صناعة القرار في الغرب، مع بدء اكتشاف الغاز في عدد من دول المنطقة، وخاصة في مصر، وقرب تصديره إلى أوروبا. وأشار إلى أن القطريين لم يكتفوا باستثماراتهم في البورصة والعقارات وقطاع البترول والغاز، بل أغدقوا على المؤسسات الإعلامية أيضا بالأموال والهدايا في محاولة لحشد كتاب الرأي العام الغربي إلى جانبها بطريقة غير مباشرة، لافتا إلى أن صحيفة الجارديان تعتبر أبرز مثال على ذلك، إلى جانب شراء مساحات إعلانية في صحف أخرى لإسكاتها عن توجيه الانتقادات للنظام القطري، وخاصة في مجالي حقوق الإنسان وانتهاكات حقوق العمال المقيمين لديها، وأيضا ملف كأس العالم المشبوه الذي يوقن الجميع أن قطر حصلت عليه بطريقة غير شرعية. وأضاف أن محاولات التأثير على صناعة القرار البريطاني شملت أيضا الصفقات العسكرية الكبيرة، وخاصة طائرات التايفون التي تحاول بريطانيا منذ عدة سنوات الترويج لها في مواجهة طائرات الرافال الفرنسية المتقدمة. وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية في شهر سبتمبر الماضي توقيع اتفاقية مع النظام القطري لبيع 24 طائرة حديثة من طراز تايفون. وبلغت قيمة الصفقة أكثر من ثماني مليارات دولار، بجانب الاتفاق على شراء طائرات بريطانية أخرى من طراز «هواك». وقال الخبير الاقتصادي إن هدف شراء هذا الكم من الطائرات بجانب الأسلحة الأخرى، حيث أبرم النظام القطري صفقات مشابهة مع دول أخرى، ليس تعزيز النظام العسكري القطري، مشيرا إلى أن الهدف هو إنقاذ شركة «بي ايه ايي سيستمز» المصنعة لطائرات التايفون من الإفلاس، بعد أن أعلن مسؤولو الشركة في وقت سابق العام الماضي أنهم بصدد وقف إنتاج هذا النوع من الطائرات بسبب تراجع الطلب عليه نتيجة ارتفاع تكاليف صيانته. وتابع أن قطر لم تهدف أبدا من هذه الصفقة تدعيم قواتها المسلحة، فالجميع يعرف أنه لا يوجد طيارون بعدد كاف لاستخدام هذه الطائرات، ولكنها كانت تهدف إلى محاولة ضم المملكة المتحدة إلى صفها، وارسال رسالة بأنها تستخدم هذا النوع من الطائرات لمحاربة الإرهاب، نظرا لأن بريطانيا تستخدمها بجانب صواريخ «بريمستون» في حربها ضد داعش، بجانب محاولة نفي الصورة العالقة بأذهان الجميع على أنها دولة راعية للإرهاب. واختتم إسماعيل تصريحاته لـ«الاتحاد» بالتأكيد على أن حاجة بريطانيا لاستثمارات في مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي وخسارة 25% من مواردها واستثماراتها القادمة من أوروبا، جعل النظام القطري يستغل هذه النقطة لصالحه، مشددا على أن المصالح هي من تحكم سياسات الدول بشكل عام، والغرب بشكل خاص.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©