الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تركيـــا تحتفي مع العالــــم بجلال الدين الرومي

تركيـــا تحتفي مع العالــــم بجلال الدين الرومي
5 يوليو 2007 02:55
في السبعينيات وفي أوج شهرة المخرج السينمائي التركي البارز ''عاطف يلماظ''، بدا الأمر غريبا بالنسبة لعشاق هذا المخرج الكبير الذين تعودوا منه على أفكار تخاصم غير المحسوس الملموس وأعمالاً تنتمي إلى الواقعية والسينما الطليعية على غرار الايطالي الكبير أيضا فيدور فيسكونتي، فإذا به يجنح إلى السماء ويصنع فيلماً دينياً روحانياً يتناول بدء ''المولوية'' قبل قرون كإرهاص ثم كمسيرة في الاناضول، النقاد آنذاك أرجعوا الفيلم إلى ان يلماظ أراد أن يسجل في تاريخه أنه أنجز عملاً ليس دينياً فحسب بل قومي في المقام الأول· وما ذهب إليه هؤلاء النقاد يتسق إلى حد كبير مع الهالة التي تحظى بها المولوية في عموم البلاد من شرقها الى غربها ومن شمالها إلى جنوبها بيد أنها باتت علامة تروجها تركيا للعالم كواحدة من سمات هضبة الاناضول وهذا يعكس بدوره المكانة الأسطورية التي يشكلها المولانا في العقل الجمعي التركي على اختلاف فصائله وتكويناته القيمية والأخلاقية والفكرية· ولم يكن غريباً ألا يناصبها الكماليون العلمانيون الذين قضوا على الامبراطورية العثمانية المعنونة برجل أوروبا المريض لأنهم اعتبروا المولوية تراثاً يحض على الثورة والسلام في آن ومداً روحياً يجمع الشعب التركي في بوتقة واحدة، فالاناضول يسع كل الثقافات والأديان هكذا نادى جلال الدين الرومي، دعوة المولوية تجاوزت الأناضول لتصبح قيمة إنسانية عالمية واعتباراً من عام 2005 اعتبرت اليونسكو المولوية من أحد الأعمال المتميزة في التراث الانساني·ولأن هذا العام سيكون المتمم للقرن الثامن لميلاد جلال الدين الرومي، بدأت تركيا الاستعداد للاحتفال بهذا الحدث الفريد والذي سيبلغ ذروته في سبتمبر القادم حيث تقام مهرجانات بهذه المناسبة في عموم مدن البلاد وخصوصاً أسطنبول وكونيا حيث انطلقت صيحات الحقيقة المولوية وبالتوازي ستحتفل الأمم المتحدة واليونسكو في نيويورك وباريس بالذكرى المولوية· مولوية الرومي تسبق سعادة بيتهوفن ويا لها من مصادفة مذهلة فالحضرة المولوية وقبل أن يأتي لودفيج فان بيتهوفن ( 1770 ـ 1828 ) بالسيمفونية التاسعة المستندة في أشعارها إلى الالماني شيللر تنقسم إلى أربعة أقسام (حركات)· ينطلق القسم الأول من الحقيقة التي مازالت غائبة وشر البشر الذي لا ينتهي وبعد هذا الوصف يختتم القسم بضرورة إدراك الإنسان لعبوديته لله ثم تنتقل الحضرة في قسمها الثاني بالدعوة إلى صفاء الروح وسكينة النفس والإعجاب بعظمة الله، هذا الإعجاب الذي سيتحول إلى عشق في القسم الثالث· والقسم الأخير سيكون محوره عودة الانسان إلى العبودية وهكذا تتشابه سعادة بيتهوفن ودعوته إلى محبة الرب مع الحضرة المولوية في الدعاء إلى المولى عز وجل وشكره على النعمة التي منحها للبشر، دعوة الرومي للعبودية هي للمعبود الواحد الله أي أنها صرخة للإنسان كي يعود إلى مكامن وسر خلقه· التعبير الراقص في الحضرة المولوية ما أن يبدأ الراقصون المداحون في ذكر الله هنا يخلعون عباءاتهم السوداء كدليل على إنهم باتوا في مرحلة الصفاء الروحي، وتوحي هيئتهم اثناء حالة الخشوع بـ ''الرقم واحد'' والذي يشير إلى وحدانية الله، ومع بداية الحركة الدائرية يرفعون كفوفهم اليمنى لأعلى في حين تتجه كفوفهم اليسرى إلى اسفل ونظرتهم متجهة إلى ابهام ايديهم اليسرى كدليل على سيادة عدل الله الايقاع الراقص يشير إلى أن الصوفية لا يعنيها أي شيء سوى الوصول إلى الحقيقة عن طريق المعرفة ومن خلالها أيضاً يدرك الانسان أنه عبد لخالقه العظيم ولا يكتف الراقصون ـ الذي يقودهم الشيخ الكبير الجالس رمزياً عند خط الاستواء منتصف الكرة الأرضية ـ بذلك فحسب بل يرسلون إيحاءات شتى منها حتمية أن يصل الانسان إلى حالة من الرهبة والتعجب من قدرة الله الخارقة، وعندما يضعون اليد اليمنى على الكتف الأيسر واليد اليسرى على الكتف الايمن ثم يبدأون في الدوران في حركة حلزونية خاشعة فهم في ذلك يدعون الإنسان إلى التحلي بالتواضع·
المصدر: أسطنبول
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©