الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الموت سينمائياً

الموت سينمائياً
6 يوليو 2007 01:47
أربع تجارب سينمائية تقدم علاقتها بالوجود والموت بما يمكن تسميته سيرة ذاتية للطفولة، فالانفتاح النفسي والمعرفي - وبلا أدنى انفصال بينهما - الذي يوجد لدى ''سبيلبيرج Spieberg'' يعرف الموت على أنه مثال السخرية الأعظم من الحياة، مثله مثل الفلاسفة حينما يبحثون عن الوجود في اللاوجود· بينما ومن زاوية أخرى يطمح ''سكورسيزي Scorsese'' إلى درأ أية فكرة جمالية مُستتبة، بتركيزه على العنف كطريقة مُثلى لبناء الذات المفردة، وبالتحديد المنعدمة الهوية، بشرط الوصول إلى تواصل مستقبلي، لا يهيأ لتغيير الصورة القديمة، بل نسيانها، وهذا نوع من التأسيس لمفهوم ''الغرباء الجدد''، الذين سيصبحون موتى هذا المجتمع، لكن لا ننسى أنهم مثل جميع موتى الأرض كلها· أما ''برجمان Bergman'' فلا يفكر، أي لا يمنح العقل تلك الصفة التي تجعل من سينمائياته محفلاً ماسونياً للموت، فهو فقط يشتمل على لحظة زمنية كلية، لحظة لا يسعى فيها بدمج شيء بشيء، إنه يتنصل من الإحساس بالوجود، قائماً بإبطاء الوصول إلى الموت عبر فَهم فوتوغرافي للصورة المتحركة· ويتخطى ''تاركوفسكي Tarkovsky'' الشكل العلمي للفن، أي المحتوى القابل لتفسير الأمور تفسيراً معملياً للخروج مثلاً بقيمة نظرية، من شأنها تقديم عرض مسرحي للمجتمع، وتحضير الناس لارتداء الثياب، مهما كانت جميلة أو رثة، ومن ثم توزيع المهام الاجتماعية للقيام بالحفاظ على الصورة الأمثل للموت· وهو يصبح بذلك أكثر من مدعي وأكثر من متظاهر بأنه ميت، بما يعني أنه مثيل لكل أزمة محتملة· كل ذلك وأكثر، عند هؤلاء أو غيرهم، ليس من الواقع الذي ينتجونه سينمائياً، إنه من التاريخ، من التفكير في التاريخ، حصراً لوقائع بعينها من ناحية، ومواجهة لواقعة ما بعد الموت، إنه استيهام مُسْبَق على كونهم أصبحوا فنانين، فهم في عِداد الكل، ميتون· وبرغم واقعية ''سكورسيزي'' الأكثر اجتماعياً بينهم، إلا أنها واقعية يمكننا تسميتها ''كما يبدو''، رغم الطفح الوثائقي والرسمي المعلن لبناء علاقة حياة مع الموت· وجميعهم على ما أرى، يتصنعون الحياة باعتبارها جريمة مثالية، من وجهة نظر ''العقل الإنساني المعمول'' به وجودياً، ويتسلحون بشكل ما بلا نهائية''الملهى الكوني''· فعلام ينبي السرد سينمائياً كان، أم غير ذلك من أي نوع فني آخر، سوى على المطابقة الممكنة للتشكل الذي نحن عليه، وكل محاولة مهما وصلت أبعد من ذلك، تتسبب في إندثارها داخل طاقة متنوعة ولا محدودة من الجماليات، التي تمتعنا أولاً وأخيراً بسبب التشابك بين اللذة والموت· أنا أرى القمر، إنها جُملة شاعرية، ترقى إلى مجال تسميتها بالعِبَارة، لأننا نرغب في ذلك، نرغب في تخدير الوعي بالوجود، فلسنا سوى هذه الأنا المشبوهة بالحياة· eachpattern@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©