الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قومية الدراما

7 يوليو 2007 21:47
انتهت كل مشاكلنا الوطنية والقومية، فقد تحققت وحدة الصف والهدف، وعلى قاعدتها أنجزت الوحدة الاقتصادية، والوحدة الثقافية، والوحدة الجغرافية ووو··· ولم يبق أمامنا إلا تحقيق اندماج الدراما في وحدة تلفزيونية رائدة، لا تنال منها المحن، ولا تهدد مصيرها المسلسلات المكسيكية· أسارع إلى التنصل من مسؤولية هذا الكلام، والحقيقة أن لا أحد غيري قاله بشكل صريح، لكنه في المجمل يمكن اعتباره إحدى ترجمات التصريحات الأخيرة التي أطلقها الفنان السوري عباس النوري، وأثارت زوبعة أكبر من الفنجان· قال الفنان السوري، وهو ممثل قدير ومخرج كفء إن أصغر مخرج في الدبكة السورية أهم من أي مخرج مصري ، وغمز النوري من قناة مسلسل ''حدائق الشيطان'' الذي قام ببطولته في رمضان الماضي مواطنه جمال سليمان· وفي ترجمة متسرعة، وصفت تصريحات النوري، بأنها تعبر عن حس إقليمي انعزالي وحقد شوفيني، لكن من يعرف ''المزاج الوحدوي'' السوري عن قرب، يدرك أن ما قصده النوري هو قياس إنتاجات الدراما العربية، والمصرية على وجه الخصوص، بالمسطرة السورية· أو بمعنى أكثر دقة، جعل مقاييس الدراما السورية هي قاعدة التقييم لكل مسلسل أو عمل تلفزيوني غير سوري· ولا بد من التسجيل أن الدراما السورية حققت في العقدين الأخيرين قفزات غير متوقعة، سواء في الأعمال التاريخية أو الاجتماعية أو الكوميدية، وفازت بمروحة واسعة من المشاهدين العرب في كل أقطارهم· وما أثاره النوري ليس جديداً عندما تطرح مسألة المقارنة بين الإنتاج المصري والإنتاج السوري· وفي كل موسم رمضاني خلال الأعوام الماضية كنا نسمع كلاماً من هذا النوع، وإن كان أقل وطأة، على الرغم من أن فنانين ونقاداً مصريين مرموقين، كانوا يميلون إلى ترجيح الكفة السورية عندما يتناولون المسألة بموضوعية· لكن الجديد هو هذه الحدة غير المبررة في النقد والمبالغة في التهوين من شأن هذا أو التقدير لذاك· وفي ذلك ظلم بيّن للطرفين· فمن الناحية المادية البحت، ماذا يبقى في الأرشيف الفني العربي إذا حذفنا منه الإنتاج المصري؟ ثم من قال إن كل المشاهدين يحبون ما يبدعه المخرجون السوريون، أو أنهم كلهم يكرهون ما تخرجه استوديوهات ماسبيرو ومدينة الإنتاج الإعلامي؟ المسألة باختصار هي ''ستايل'' (ولا أجد أن كلمة أسلوب العربية تقوم مقامها)، فقد أحببنا ''الستايل'' المصري بكل تعبيراته من الست ماري منيب إلى منى زكي، وكذلك وجدنا في ''الستايل'' السوري تعويضاً فنياً معاصراً لا تعتد به الأساليب التقليدية· من حق عباس النوري، أن يعبر عن حساسية ما بسبب تمكن زميل له، لا يقل عنه كفاءة، من شق طريقه إلى الدراما المصرية، ومن حقه أن يبالغ في النميمة الشخصية كما يشاء، لكن أن تصل المسألة إلى مقارنات وطنية جوفاء··· فإن المقصلة لم تعد تحتمل المزيد من الجثث بحسب التعبير البليغ الذي قاله الكاتب أسامة أنور عكاشة، وما لم تحققه لصالح الأمة الاعتبارات القومية الأخرى، لن تحققه قومية الدراما · عـادل علـي adelk85@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©