الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نافذة على القلب

نافذة على القلب
7 يوليو 2007 22:03
رحل الشاعر الجميل يعقوب الرشيد عن الدنيا بصمت متدفق نحو اختزال ما تبقى من سيرة حالمة بعنفوان العشق الأبدي، فقبل أيام معدودة، رحل الصديق بلون الرحيق، رحيل يشع، وكأن الأوسمة الأدبية والدبلوماسية تغمر ذاته التي كانت تفضي بالعطاء على نهج الدروب المتجددة، قد تقمصت مساراته الحياتية بكل رفعة مؤثرة، فكان كما أطلقت عليه من قبل، وساماً كويتياً من الدرجة الرفيعة، فالرشيد فعلاً، مثال للرفعة والصداقة المؤثرة، فكما كان شاعراً يجوب الدروب كان دبلوماسياً مجدداً للحياة العصرية وكان محباً للتجديد! التقيت الشاعر الرشيد لأول مرة منتصف التسعينيات، من خلال مؤتمر التأسيس الثاني لاتحاد الكتاب الخليجيين، وكان المؤتمر بإشراف الأمانة العامة لمجلس دول الخليج العربي، يومها أسندت إليه رئاسة الاتحاد الوليد، الذي لم ير النور بسبب الأمانة العامة الخليجية وفوضى السمات التي تحفز ثم تشتت المشاريع الثقافية أو تحبطها لتظل أفكاراً مجردة تبحث عن مكانا تحت الشمس!! وقد تعددت اللقاءات الثقافية بيننا بعد الدوحة، بأبوظبي التي احتضنت الرشيد بأمسية على منبر اتحاد الكتاب، وكان آخر اللقاءات بدمشق، وذلك من خلال اجتماعات الكتاب العرب، حيث كان المرحوم يشغل حيزاً فكرياً وثقافياً، فكانت تلك اللقاءات قصيرة في طياتها، لكنها مشبعة بالحب وأحسبها طويلة وممتدة في وهج حضوره المتلألئ، فكان يغذي مساراته بالصداقات ويجلها بالرؤى، وكونه شاعراً نقياً، فكان يحب الحياة ويسمو نحو الصفاء في الشعر، ومن سماته يرجيء الحديث عن نفسه أو عن والده رحمهما الله، فلم يذكر عن والده شيئاً على مدار اللقاءات، بالرغم من أنه مؤرخ الكويت الأول ومؤسس مجلة الكويت الذي كان ليعقوب الريادة في إعادتها للصدور! ومن سمات حضوره كان يتلذذ بالأشعار، ويردد أعذبها وأجملها وبالأخص أشعار زميله وصديق عمره، الشاعر عمر أبو ريشة، فكم كان يسرد العلاقة الثقافية والأدبية والمناخات التي كانت بينهما أيام تمثيل بلديهما بالهند حتى تطورت العلاقة لتصبح عائلية تتدفق بالحميمية! فقد تجلى الشاعر إلى المكان الذي يتوق إليه في ثوب الشعر المطرز بلون السواد، بخيوطه الفاخرة المشعة، ذلك الإبداع اللامع كالنجم في مسارات التاريخ، فهو الذي منذ طفولة تأثر بالمناخ الأدبي وبالسحر الثقافي فأراد القصيدة الذات المعبرة عن الشجون المشبعة بالروحانية المتقلدة بوشاح الغزل الرفيع المستوحى من الحس المرهف واللغة الشعرية العربية المنتقاة! فكان للمرأة الجميلة ذات النسق والعنفوان أن تشكل مسام القصيدة لدى الشاعر الجميل يعقوب الرشيد وتثير اللغة الشعرية لديه! إذا رحل الشاعر الملتفت إلى الذات المحبة، ذات الخصال الإنسانية الواسعة، المتوسمة بزخرفة الرؤى العاشقة، كما توحي دواوين الشاعر: سواقي عام ،1974 دروب عام 1980 ثم غنيت في ألمي، رحل الشاعر الذي تمنى ترجمة الحالة الثقافية الخليجية إلى هيئة تعنى بالأدباء والكتاب وكأنه يسطر العلاقة التي تسقى بماء الثقافة الحرة، هذا حال الدول فما حالنا ونحن ننشد شعباً واحداً لا يتجزأ، انها حالة الحلم لدى الشاعر يعقوب الرشيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته· moc.liamtoh@h_tarama
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©