السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكسيك··· تحديات على طريق الديمقراطية

7 يوليو 2007 22:21
يثير ما يقوله الخبراء من أن المكسيك لم تتمكن من شق طريقها نحو التنمية، لأن المكسيكيين يفتقرون إلى الثقة في أنفسهم سؤالاً هو: إذا ما كان الأمر كذلك حقاً فكيف يمكن تغييره؟ منذ سنوات قلائل كانت المكسيك قادرة على السعي نحو تغيير دراماتيكي في المواقف تجاه الولايات المتحدة، وعلى تقديم مساهمة معتبرة في إنشاء اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا ''النافتا'' ولكن المشكلات التي واجهتها بعد ذلك الثقافي منها والمؤسسي، جعلت من المستحيل بالنسبة لتلك الدولة أن تستفيد من مثل هذه الفرصة الاستثنائية· يرجع السبب في ذلك إلى أن هذه الدولة تحتاج إلى المؤسسات الملائمة الفعالة، وبشكل خاص المؤسسات الرقابية، التي تهدف إلى حماية، والسعي من أجل تحقيق مصالح المواطنين وهو ما لم يكن متوافراً· كما أن نمط ثقافتها السياسية ومؤسساتها القائمة التي تسعى إلى حماية مصالحها الخاصة وتنميتها يساهمان بدورهما في إيجاد عدد لا نهائي من دوائر الشر التي تلعب هي الأخرى دوراً معوقاً· والمعضلات التي تواجهها المكسيك ليست فريدة من نوعها، وإنما تتشابه في طبيعتها مع المعضلات التي تواجه العديد من الدول النامية· من الأمثلة- وإن كانت متطرفة - على ذلك العراق حيث السؤال الذي يتردد أكثر مما عداه في تلك الدولة: هو كيف يمكن بناء الديمقراطية؟ أو هل هناك ديمقراطية يتم بناؤها حقاً هناك· ليس هناك من شك في أن الثقافة الديمقراطية تعتبر عنصراً ضرورياً لتحقيق التقدم، ولكن يجوز لنا مع ذلك القول إن بناء الديمقراطية وترسيخها يتطلب من الجماعات ذات الصلة في المجتمع، أن تشعر أولاً أن الديمقراطية تخدم مصالحها في الأساس· وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن تلك الجماعات ستشعر أنه ليس هناك ما يدفعها للتعاون مع غيرها أو العمل من أجل مستقبل مشترك· والتنمية الاقتصادية تتطلب بنية مؤسسة تعطي جميع أفراد المجتمع نصيباً من عوائد التنمية· فإذا ما اعتقد معظم الناس في بلد ما أن كل المنافع التي يمكن أن تعود من التنمية سيستأثر بها طائفة من السياسيين، والاتحادات، أو رجال الأعمال، ويحرمون الباقين منها فإن احتمالات نجاح التنمية سيتقلص سريعاً· من هنا يأتي السؤال المهم: وهو كيف يمكن إصلاح النظام القائم كي تصبح التنمية ممكنة؟ تكمن المشكلة هنا في أن الناس الذين يتحكمون في عملية صناعة القرارات يكونون عادة من المنتفعين من الوضع القائم وهو ما يجعلهم لا يسعون جدياً لتغيير النظام· فكيف يتم حل هذه المعضلة أيضاً؟ في الديمقراطيات التي تعمل بشكل سليم، فإن ما يحدث عادة هو أن الإرادة الشعبية تجد لنفسها طريقة للتعبير عن نفسها من خلال ممثليها المنتخبين الذين يسعون إلى تحقيق مصالح الجماعات التي تختارهم· وعندما يجد الناخبون أن الوضع القائم لا يخدم مصالحهم، فإنهم يحتجون على ذلك مما يدفع المسؤولين المنتخبين حينئذ إلى العمل من أجل تغيير الأوضاع، وإلا وجدوا أنفسهم خارج السلطة في أول انتخابات مقبلة· وعلى الرغم من أن مصالح المواطنين قد احتلت مكانة سامية في أذهان الآباء المؤسسين لأميركا، فإن الأمر لم يكن كذلك في المكسيك التي نشأ شعبها على ثقافة تقوم على الملكية والتسلط بدلاً من حرية التجارة والأسواق والنمو وحقوق المواطَنة المتساوية· وحتى عام ،2000 كانت الديمقراطية الحقيقية غير معروفة في المكسيك حيث كان الحزب الدستوري الثوري، هو الذي حكم البلاد لثلاثة أرباع القرن بأسلوب ديكتاتوري· وكان انتخاب ''فينسنت فوكس'' من حزب العمل الوطني المعارض عام 2000 خطوة في غاية الأهمية نحو تطبيق النظام الديمقراطي الرشيد في البلاد، بيد أن تلك الديمقراطية التي ساهم الكونجرس المكسيكي في عرقلتها لم تنتج إصلاحات جوهرية· وعندما ذهب ''فينسنت فوكس'' وجاء بعده الرئيس ''فيليب كالديرون'' فإن الأخير أثبت أنه سياسي قح على العكس من سلفه، وأنه على إدراك تام بأهمية وخطورة التحديات التي تنتظره· والسؤال هنا هل كان بمقدور الرئيسين- والكونجرس- النظر لما وراء المصالح البيروقراطية القصيرة الأمد حتى يتمكنا من الإقدام على اتخاذ الإصلاحات الشاملة الضرورية لانفتاح المجتمع المكسيكي حقاً؟ في رأينا أن ذلك لم يكن بالأمر السهل وأن المكسيك تحتاج قبل كل شيء إلى ميثاق اجتماعي جديد يحدد قواعد اللعبة السياسية، كما تحتاج إلى برنامج طويل الأمد يهدف لتكريس القيم الثقافية التي تعزز الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والرخاء· وهذا البرنامج يجب أن يتضمن- مع مبادرات أخرى- إجراء تغيرات على الممارسات التقليدية في تربية الأطفال، وإجراء الإصلاحات الرامية إلى توفير التعليم للجميع بلا استثناء حتى مستوى الدراسة الثانوية، مع ضرورة التركيز على التعليم المدني، وعلى تنمية الشخصية، وعلى خلق خدمة مدنية ذات مستوى ممتاز مثل تلك التي توفرها دولة مثل تشيلي مثلاً· علاوة على ذلك وكما أكد الكاتب البارز ''ميخائيل نوفاك'' فإنه يجب التركيز على روح المبادرة العملية، وعلى الاقتصاد الحر في المقام الأول وهو الأمر الذي سيصبح ممكنا في حالة واحدة فقط إعلان الكنيسة الكاثوليكية القوية في البلاد أنها تدعم اقتصاد السوق وأن تمارس دورها الذي نرى أنه في غاية الأهمية نحو مقاومة مظاهر الظلم واللامساواة في المجتمع وأيضا مقاومة الجريمة المنتشرة والفساد المتفشي· لورانس هاريسون أستاذ بمعهد التغير الثقافي بكلية فليتشر التابعة لجامعة تافتس الأميركية لويس روبيو أستاذ مركز أبحاث التطور- مكسيكو سيتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©