الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بغداد وأربيل... صراع متجدد على النفط

20 ديسمبر 2012
بينفان هوفلين بغداد بحشد قواتهما على جانبي الحدود المتنازع عليها التي تفصل شمال العراق عن جنوبه، يحذر القادة في بغداد ومنطقة الحكم الذاتي في كردستان من حرب أهلية وشيكة قد تساهم في إشعال نيرانها شركة «إيكسون موبيل» الأميركية. فمع أن الطرفين يتفاوضان حالياً على اتفاق للتراجع والتزحزح ولو قليلاً عن حافة الهاوية، إلا أنهما أيضاً يؤكدان بأن جيشيهما قد يُستفزان في أية لحظة لينجران بالتالي إلى الحرب. ويبقى الفتيل الأشد اشتعالاً في الأزمة الراهنة، متمثلاً في شركة «إيكسون» التي تستعد لبدء التنقيب على النفط في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، والتي تكمن في قلب الصراع الجاري، فإذا لم يصل الطرفان إلى حل لتسوية النزاعين السياسيين الرئيسيين حول النفط والأرض، فإن الوضع قد ينفجر في أي لحظة ليدخل العراق في أتون حرب جديدة بين مكوناته المختلفة. وفي هذا السياق قال سامي العسكري، عضو البرلمان العراقي والمقرب من رئيس الحكومة العراقية، «لقد كان رئيس الوزراء واضحاً: إذا وضعت شركة «إيكسون» أصبعها على هذه الأراضي ستواجه الجيش العراقي، نحن لا نريد الحرب، لكننا سنذهب إليها من أجل النفط وسيادة العراق». وترجع أسباب الأزمة إلى الخلاف المستحكم بين المكونات العرقية للبلد بعد مطالبة كل طرف بالأراضي الواقعة في شمال العراق بين كردستان والمناطق الشمالية، بحيث يخترق المنطقة خط متنازع عليه وغير ثابت بين حدود المنطقتين اللتين معاً تشكلان العراق. وقد بدأت تفاصيل المواجهة الحالية في 16 نوفمبر الماضي على إثر معركة اندلعت في بلدة «طوزخورماتو»، التي تمثل تركيبتها السكانية المتنوعة نموذجاً لباقي المناطق المتنازع عليها، بحيث اندلعت المعارك عندما حاولت القوات الفيدرالية اعتقال رجل كردي يهرب الوقود، هذا الأخير طلب حماية البشمركة التي استجابت له ليبدأ إطلاق النار. وبسرعة أمر المالكي، ورئيس إقليم كردستان، مسعود برزاني، حشد قواتهما وإرسال تعزيزات إلى المنطقة لمنع أي طرف من اختراق الحدود وتجاوز الخط الفاصل بين الجانبين. وفي خطابه أمام الجنود قال برزاني «لا نريد الحرب، لكن إذا جاءت فإن الشعب الكردي كله مستعد للقتال». وما زال الأكراد في العراق تطاردهم ذكريات سيئة عن الحملات القمعية والقتل الذي تعرضوا له على يد صدام وجرائم التطهير العرقي التي خضعوا لها، لذا أصروا بعد سقوطه على تثبيت واقع الحكم الذاتي الذي يتمتعون به، بحيث أصبحت المنطقة أشبه بدولة مستقلة بالنظر إلى الصلاحيات الواسعة لحكومة المنطقة مثل الإشراف على الأمن المحلي والسيطرة على قوات الجيش في المنطقة، فضلا عن علمها الخاص الذي يرفرف على المنشآت والمؤسسات الحكومية، لكن العديد من جيران كردستان في الجنوب العراقي يشتكون من أن الأكراد يتمددون على أراض لا حق لهم فيها، وهو ما يبرر حسب قولهم نشر الآلاف من الجنود العراقيين في المنطقة المتنازع عليها لمنع أي اختراق لقوات البشمركة الكردية. ويحذر القادة العسكريون على الجانبين من أن الحرب قد تندلع لأهون الأسباب مثل إطلاق النار بالخطأ، ففي بعض المناطق المحيطة بمدينة كركوك التي تضم حقول نفط ضخمة وتقع في قلب النزاع لا يفصل الجيشين إلا ميلا واحدا ما يضعهما في مرمى نيران بعضهما البعض. ويؤكد القادة العسكريون في بغداد أن الجيش العراقي لن يطلق النار إلا تحت ثلاثة سيناريوهات: إذا ما فتحت البشمركة النار أولا، وإذا ما تقدمت إلى أبعد من موقعها الحالي، أو إذا شرعت شركات النفط في التنقيب بالمناطق المتنازع عليها، «إذا قاموا بذلك»، يقول أحد الضباط في الجيش العراقي رفض الكشف عن اسمه «ستعتبر بمثابة إعلان حرب». ومع أن شركة «إيكسون» ليست الوحيدة التي أبرمت صفقات للتنقيب على النفط في المناطق المتنازع عليها بالعراق، فإنها تعتبر الأهم بالنظر إلى حجمها ومكانتها الدولية، وأيضاً بالنظر إلى المناطق التي ستباشر فيها التنقيب والواقعة في أقصى جنوب كردستان التي ترى بغداد أنها تابعة لها، وقبل توقيع الشركة على عقد الاستغلال في أكتوبر 2011 حذرت الحكومة العراقية من أنها ستتعامل مع الصفقة على أنها غير قانونية. وقد أوضح هذا الأمر نائب رئيس الوزراء، حسين الشهرستاني، قائلاً: «إنها مسؤولية الحكومة الدفاع عن سيادة العراق»، محذراً شركة «إيكسون» من أنها لو مضت قدماً في عملية التنقيب، فإنها «ترتكب خطأ فادحاً». والملفت أن إدارة أوباما لم تسعَ إلى حث الشركة على التراجع، كما لم تتخذ أية إجراءات لمنعها من بدء التنقيب خلال السنة المقبلة، بل أكد أحد المسؤولين في الإدارة الذي امتنع عن ذكر اسمه لحساسية الموضوع أن الولايات المتحدة لا تملك صلاحية «إيقاف أشخاص لا ينتهكون القانون الأميركي»، لكن ذلك لم يمنع الدبلوماسيين الأميركيين من التوسط لحل الخلاف ونزع فتيل الأزمة بين بغداد وعاصمة إقليم كردستان، أربيل. وإن كانت محاولات الضغط على الطرفين لسحب قواتهما لم تحظَ بموافقة الجيشين إلى أن تمكن يوم الخميس الماضي الرئيس العراقي، جلال طالباني، بمساعدة أميركية التوصل إلى اتفاق بين المالكي وبرزاني للتخفيف من حدة تصريحاتهم العلنية وتشكيل لجنة لإيجاد حل طويل المدى لتسوية القضايا الأمنية في المناطق المتنازع عليها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©