الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين وسياسات ترامب

26 فبراير 2017 22:55
قضى الرئيس دونالد ترامب كثيراً من الوقت أثناء حملته الانتخابية ينتقد الصين، ووعد باتخاذ موقف حاسم تجاهها إذا تم انتخابه رئيساً. لكن بعد قضاء أسابيعه الأولى في المنصب، برهن ترامب أنه نمر من ورق مع الصين، وجعل نفسه يبدو ضعيفاً في عيون القادة الصينيين، وهو ما من شأنه في المقابل أن يقوي شوكة الصين وسلوكها المتنمر. وأثناء الحملة الانتخابية، دأب ترامب على انتقاد الصين، زاعماً أن الولايات المتحدة لم تعرف كيف تتعامل مع الصين. وكانت الصفقات التجارية السيئة هي محور التركيز الأساسي لترامب، الذي قال: «إن الأموال التي جلبوها من الولايات المتحدة أعادت بناء الصين». وعندما تعلق الأمر بالتعامل مع كوريا الشمالية وبحر الصين الجنوبي، زعم ترامب أن «الصين تلعب بنا». بيد أنه بعد أن أصبح رئيساً، يبدو أن ترامب لا يعرف كيف يتعامل مع الصين. وأثناء الفترة الانتقالية، وجه انتقاداً للصين من خلال تشكيكه في سياسة «الصين الواحدة»، وهي افتراض أن تايوان جزء من الصين، الافتراض الذي ظل أساساً للعلاقات الأميركية الصينية منذ سبعينيات القرن الماضي، وبتلقي اتصال هاتفي من رئيسة تايون. وكان ذلك تصرفاً مستفزاً من وجهة نظر الصين، وكان يمكن أن يخرب العلاقات الأميركية الصينية. وبرر ترامب موقفه من تايوان بقوله إنه لا يعرف السبب في أنه يتعين على الولايات المتحدة أن «تلتزم بسياسة (الصين الواحدة) ما لم تبرم صفقة يتعين بموجبها على الصين القيام بأمور أخرى». ومثل كثير من تصرفاته، فضل البعض وصف ذلك بأنه مناورة استراتيجية لتحريك الأمور، وكسب نفوذ لدى الصين بشأن قضايا أخرى مثل التجارة. وبعد تصريحات ترامب بشأن تايوان، كانت العلاقات الأميركية الصينية تقترب من بداية وعرة. وبعد أن بدأ الرئيس ترامب سلسلة الاتصالات المبدئية المتعارف عليها مع زعماء العالم، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، استنتج مسؤولون أن الرئيس الصيني «شي جينبينج» لن يتلقى اتصالاً ما لم يلتزم الرئيس ترامب صراحة بالسياسة القائمة منذ 44 عاماً. وهكذا، بعد ثلاثة أسابيع فحسب من تنصيبه، أعاد الرئيس ترامب التأكيد على سياسة «الصين الواحدة»، في مكالمة هاتفية مع الرئيس الصيني. وبعبارة أخرى، كان أول تصرف من قبل ترامب تجاه الصين هو تراجعه عن تهديده الأول لبكين. ورغم مزاعم أن ترامب يعرف كيف يتفاوض مع الصين، يبدو أنه لم يحصل على شيء في مقابل تراجعه عن تصريحاته السابقة بشأن «الصين الواحدة». ومن الواضح أنه عندما قرر ترامب تأييد السياسة الأميركية القائمة، اتخذ خطوة ضرورية جداً لتفادي نتائج مزعزعة مع الصين. لكن الرسائل التي تتلقاها الصين من هذا الحدث واضحة أيضاً، وليست جيدة للمصالح الأميركية، إذ تراجع الرئيس الأميركي، الذي يبدو غير مطلع بشكل جيد، عن تهديد دون الحصول على شيء في المقابل. وحتى بيان البيت الأبيض حول المحادثة الهاتفية بين ترامب و«شي» أقر بأن ترامب اضطر إلى الاستسلام قائلاً: «إن الرئيس ترامب وافق بناءً على طلب الرئيس (شي) على احترام سياسة (الصين الواحدة)». والدرس الذي ستستنبطه الصين من ذلك هو أن تهديدات ترامب لا تؤخذ على محمل الجد. وهذه الحادثة بحد ذاتها بداية سيئة بما يكفي، لكن ترامب قرر خلال أسبوعه الأول في السلطة، ومن جانب واحد، إضعاف موقف الولايات المتحدة تجاه الصين بالانسحاب من اتفاقية الشراكة عبر الأطلسي. فقد كان الهدف الأساسي من الاتفاقية هو منح واشنطن علاقات تجارية مميزة مع الشركاء الآسيويين الأساسيين في منطقة تتوسع فيها العلاقات التجارية الصينية بشكل سريع. ولو أن ترامب أراد اتخاذ موقف حاسم تجاه الصين بشأن التجارة، لتعين عليه الدفع من أجل تحسين اتفاقية التجارة عبر الأطلسي لتعزيز الموقف الاقتصادي الأميركي في المنطقة، ومنح نفسه مزيداً من النفوذ في المحادثات التجارية مع بكين. لكن بمجرد إلغاء المشاركة الأميركية في الاتفاقية، منح ترامب الصين هبة، ولم يحصل مرة أخرى على شيء في المقابل. ومن الممكن أن تصبح تداعيات هذه الزلات المبدئية كبيرة، فلن تؤمن الصين بأن الرئيس الأميركي الجديد بمقدوره إملاء ما يريد فحسب، ولكن أيضاً ستعتقد أن بمقدورها التنمر تجاه جيرانها من دون حساب. وسيصبح حلفاء وشركاء الولايات المتحدة أقل ثقة في أن الإدارة الجديدة يمكن الاعتماد عليها في التصدي للصين. *زميل رفيع المستوى لدى «مركز التقدم الأميركي» ونائب سابق لمساعد وزير الخارجية الأميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©