الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفريقيا وسجال الوحدة الفورية

8 يوليو 2007 03:49
التطورات الكبرى في تاريخ الشعوب، وانتقال واقعها من حال إلى حال، لا بد أن تسبقه في العادة قناعات، تعكس قدراً من الخيال الطموح، وهذا بالضبط هو ما حدث قبل أن يتشكل أول تنظيم للدول الأفريقية عام 1963م، تحت مسمى منظمة الوحدة الأفريقية· الحديث عن الوحدة أو التوحد الأفريقي قديم، ولكنه تجدد في أوائل القرن الماضي بقيادة نفر من المثقفين الأفارقة، نذكر منهم الدكتور ''ديبوا'' الأكاديمي الأميركي من أصل أفريقي· وكان على قمة من تابعوا دعوة الوحدة الأفريقية في الأعوام الأخيرة من القرن الماضي الرئيس الغاني الراحل ''كوامي نكروما'' الذي كان يريدها وحدة فورية لكل بلدان القارة· لم يتحقق حلم ''نكروما'' بالكامل ولكن قام أول تنظيم وحدوي للقارة قبل نحو 44 عاماً، تم تدرج ذلك التنظيم وأصبح (اتحاداً أفريقياً) له صلاحيات أكثر من بضعة أعوام· والآن يريد بعض القادة الأفارقة أن ينقلوا ذلك التنظيم إلى مرحلة أرقى، وهي قيام وحدة متكاملة بحكومة واحدة··· الخ· وكان الاتحاد الأفريقي القائم الآن قد دافع عن فكرة الولايات الأفريقية المتحدة في اجتماع له في العام الماضي، إلاّ أنه حدد للتنفيذ عام 2015م، وليس فوراً· أبرز دعاة هذه الوحدة الفورية هو الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي الذي ظل يدعو لذلك منذ فترة، ثم واصل دعوته بزيارات متواصلة لعدد من الدول الأفريقية، وهو في طريقه لمؤتمر القمة الأفريقي الأخير الذي عقد بعاصمة غانا بين يومي الأحد أول يوليو والثلاثاء الثالث منه· وعندما طرحت الفكرة للقمة الأفريقية، وضح أنها لا تحظى بتأييد الكل فهناك من يؤيدون نظرية الرئيس الليبي ومنهم الرئيس المالي وهناك من يعارضونها وفي مقدمتهم الرئيس ''تابو مبيكي'' رئيس جمهورية جنوب أفريقيا وكذلك رئيس جمهورية كينيا· كثيرون من القادة الأفارقة يفضلون أسلوب التدرج في مستوى الوحدة الأفريقية إلى مستوى متقدم، مع مراعاة كل الظروف التي تساعد على ذلك التطور إلى مرحلة جديدة، ويرى هؤلاء أن القول بأن يتم قيام الوحدة الكاملة فوراً فيه نوع من القفز إلى الأمام· أنصار التحول التدريجي يثيرون قضايا كثيرة، يرون أنه يجب النظر إليها أولاً، ومن تلك القضايا التجمعات الإقليمية الأفريقية الثمانية، والتي ينبغي أن يكون تطويرها وتفعيلهـــا هو الخطوة التي تسبق أي حديث عن توحد كامل، كذلــك هناك من القادة الأفارقة من يرى أن من الضروريات الأولية أن تكون للقارة الأفريقية كلها لغة واحدة· أمّا الرئيس الليبي ومن يؤيدونه في هذه القضية، فإنهم يتحدثون عن أن تنفيذ المشروع فوراً (الاتحاد) سيكون خطوة في مواجهة العولمة! وأن من الأجدى إعلان قيام الاتحاد الأفريقي، ثم مواصلة سد الثغرات بعد ذلك· التعجل أو التعجيل بتشكيل نظام جديـــد للوحدة الأفريقيـــة قبل أن تستكمــل كـــل الإعـــدادات التي تسبق، قد يكـــون أمراً ضارا بالقــارة وقد يكون واحــداً من الأمور التي قـــد تــؤدي إلى تدهور ما تم تحقيقه حتى الآن من تقدم· ولعل أصحاب هذا التحول الفوري، ينظرون إلى الخطوات الطويلة والمعقـــدة التي سبقــت تكوين الاتحاد الأوروبي الحالي، والذي لم يصل حتى الآن إلى مرحلــــة حكومــة واحـــدة، ولكنــه يمضي نحـــو ذلك الهــدف بروية وتأن يضمنـــان السلامـــة· ومهمــا يكن من أمر، فإن القارة الأفريقية موعودة بتطور لاحق تسبقه هذه الأحلام الطموحة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©