السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مص الإصبع··· لا يداويه إلا الحنان

مص الإصبع··· لا يداويه إلا الحنان
8 يوليو 2007 04:19
تقول أم أحمد: ''لم أفكر للحظة أن ابني يعاني من اضطراب نفسي عصبي، بقدر ما كنت أعتقد أن ما يقوم به مجرد عادة طبيعية شائعة بين الأطفال وسوف تزول مع الأيام، لكن عندما بلغ العاشرة وهو لا يزال يمص إصبعه، أدركت أن هناك مشكلة ما، وأن عليَّ البحث عن الأسباب التي تدفعه لمثل هذا السلوك· بدأت في ملاحظة تصرفاته وردود أفعاله وعلاقته بالمحيطين به سواء في المنزل أو المدرسة، فلمست مدى هدوئه وعزلته وانطوائه· وبالتعاون مع الاختصاصية النفسية في المدرسة استطعنا أن نساعده على تخطي هذه العقبة والتخلص من هذه العادة من خلال إشراكه في الأنشطة المدرسية، وإسناد مهام القيادة إليه، والاعتماد عليه في بعض الأعمال، كل ذلك ساهم وبصورة غير مباشرة في أن يتخلص من هذه العادة نهائيا''· دبِّرني يا دكتور أما شذى كردي (موظفة) فلجأت إلى تدابير أخرى لتخليص ابنتها من هذه العادة الضارة، تقول: ''لديَّ توأمان ''صبي وبنت''، ومنذ الأشهر الأولى لاحظت أن طفلتي تلجأ إلى مص أصبعها بخلاف توأمها، فحاولت منعها مراراً وإعطاءها (اللهاية) لكنها كانت تخرجها من فمها· وعندما كبرت قليلاً، وضعت لها المرَّة والصبار على إصبعها إلا أنها أدمنت عليه، وكانت تطلب مني وضع هذه المادة المرَّة دائماً، وفشلت مجدداً في تخليصها من هذه العادة· لم أستسلم، وشرحت لها مضار هذه العادة عليها وعلى إصبعها وأسنانها وما تتركه من تشوه على شكلها الخارجي· ولترسيخ هذا المعنى في ذهنها، اصطحبتها إلى طبيب الأسنان ليشرح لها كل هذا بالصور، ويبدو أن الأمر نجح لأنها بدأت تفكر بخطورة ما تقوم به، وتحاول قدر الإمكان أن تمتنع عن المص، وإن ظلت تقوم بذلك - بلا وعي أثناء نومها على الرغم من بلوغها الثانية عشرة، وقد تحررت تمامـــــــاً من هذه العادة منذ شهــــرين''· أفتقدك يا أمي أمينة لشكري ترى أن أي سلوك شاذ قد يطرأ على الطفل أثناء فترة نموه، يصيب الآباء بالاحباط ويشعرهم بأنهم أخفقوا في دورهم التربوي تجاه أبنائهم، تقول: ''كان الأمر يشغلني ويسيطر على ذهني، فليس سهلاً أن أجد فلذة كبدي تعاني أمراً ما يجعلها تتجه إلى سلوك كهذا· أخذت أراقبها باستمرار في الفترات التي تنزوي فيها لمص إصبعها، فهي تمتنع تماماً عن ذلك أثناء وجودي في المنزل· استعنت بخبرة صديقاتي فأجمعن على أنه أمر عارض وسينقضي مع الأيام، لكن قلبي لم يطمئن، واصطحبتها إلى طبيبة أطفال فوصفت لي دواءً مراً أضعه على إصبعها، فكانت تترك إصبعها لحظة الإحساس بطعم الدواء، وهكذا إلى أن انتهت مرحلة الطفولة، وأنا بين شد وجذب· جلست معها وناقشتها في الأمر فقالت: ''أفتقد عطفك وحضنك الدافئ يا أماه''· وقعت كلماتها عليَّ كالصاعقة، اخترقت جوفي، هزت كل كياني، وسرعان ما احتضنتها، وأنا في ذهول تام، هل فعلاً كنت مقصرة في مشاعري تجاهها بسبب العمل؟! أحطتها بحناني وحبي وصرت أكثر من الجلوس معها ومشاركتها الأنشطة والألعاب واصطحابها إلى الأماكن الترفيهية إلى أن تمكنــــت من تجاوز هذه الحالة وتركها نهائياً''· فتش عن الأسرة وتشير مريم علي إلى دور الأسرة قائلة: ''الأسرة هي البيئة التي تحدد ملامح الطفل وشخصيته، وما يمكن أن يصدر من سلوك وتصرفات غير سوية إنما يعود إلى أسلوب التربية وعلاقته بأفراد أسرته، وما قد يصادفه من ضغوط وانفعالات تجعله يركن إلى العزلة والخجل والخوف· هذا ما ألاحظه من خلال احتكاكي ببعض الطالبات في المدرسة ممن هنَّ في المرحلة الابتدائية· ودائما أشدد على الآباء والأمهات بتسوية مشاكلهم بعيداً عن أعين أطفالهم ومسامعهم حفاظاً على حالتهم النفسية، فلا يمكن أن نأخذ الطفل إلى بر آمن ومستقر ما لم يكن هناك تعاون من قبل الأسر حيال المشكلة التي يعاني منها الطفل''· أسباب تقول الأستاذة فاطمة السجواني الاختصاصية النفسية: إن مص الإصبع في الأشهر الأولى أو في السنة الأولى من الطفولة عملية عادية يلجأ إليها كل الأطفال، فيمص الطفل أصابع اليد أو القدم· وهي من العادات الأكثر شيوعاً وانتشاراً بين الإناث منها بين الذكور، والمص بهدف المص هو دافع قوي عند الصغار فعدا عن كونه وسيلة تمنح الطفل شعوراً داخلياً مريحاً بالسعادة والدفء والشبع إلا أن له تبعات سلبية، والأسباب التي تدفع الطفل إلى مص إصبعه كثيرة ومتنوعة منها: ؟ بشكل عام، يحقق مص الإصبع للطفل شعوراً بالسعادة والدفء والشعور بالشبع والأمان· ؟ إذا كانت الرضاعة غير كافية أو متباعدة زمنياً، من المحتمل جداً أن يلجأ الطفل إلى مص الإصبع· ؟ التحول من الرضاعة الطبيعية إلى الصناعية وإحساس الطفل بأنه بعيد عن والدته· ؟ حدوث تغيرات أسرية مثل ولادة طفل جديد أو تغير السكن أو التحاق الطفل بحضانة أو روضة أطفال وغير ذلك من التغيرات، حيث يلجأ الطفل لهذه العادة كنوع من التعبير عن الرفض· ؟ الحماية الزائدة والدلال المفرط· ؟ التوتر والقلق وعوامل الحصر النفسي الأخرى التي يمكن أن يعايشها الطفل في الأسرة· ؟ المعاملة غير السوية للطفل والقسوة والنقد المستمر وتذبذب المعاملة من قبل الوالدين، والحديث هنا عن الأطفال في الفئة العمرية بين ثلاث وست سنوات· ؟ رغبة بعض الأطفال في الاحتفاظ بمرحلة الطفولة المبكرة وعدم الرغبة في النضوج، وهذا ينطبق على الأطفال في سن خمس أو ست سنوات· ؟ التوقعات التي تكون أكبر من قدرات الطفل أو طلب أشياء لا تمكنه قدراته العقلية أو الجسمية من تحقيقها· ؟ إحساس الطفل بالاختلاف عن الآخرين أو أنه فرد غير مرغوب فيه بين أقرانه أو عدم القدرة على جلب انتباه المحيطين به· ؟ يذهب بعض المختصين في علم النفس والذين يسيرون على مبادئ فرويد في التحليل النفسي إلى أن مص الإصبع عبارة عن امتداد للمرحلة ''الفمية'' في التطور النفسي، وبأن هذه العادة تدل على عدم تطور ''الأنا'' عند الطفل· وقاية وعلاج وللوقاية والعلاج من هذه الظاهرة ترى السجواني أنه لا بد من تهيئة جو مريح وآمن للطفل في المنزل، وأن تكون علاقته بأبويه أقرب إلى الصداقة مع إبعاد الطفل عن كل مظاهر القلق والاضطراب والتوتر· ومن الأفضل للآباء أن يتجاهلوا هذه العادة ولا يبالغوا في الانتباه إليها لأن معظم الأطفال يقلعون عنها عند بلوغهم الخامسة أو السادسة من العمر، في حين يمكن توجيه بعض النصائح للأطفال الذين يستمرون في ممارسة هذه العادة في سنوات المدرسة وإيضاح الآثار السلبية لها، والعمل على إشباع الحاجات الضرورية للطفل كالحب وحرية اللعب والعطف· تشوهات وحول التشوهات التي قد تحدثها هذه العادة على الأسنان وعملية النطق يقول ناظم فوزي الاختصاصي في اضطرابات النطق: ''تشيع عادة مص الإصبع عند الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، وقد أظهرت بعض الصور الطريفة وجودها حتى عند بعض الأجنة في مراحل الحمل الأخيرة· ويجمع العلمــــــاء على آثارها السلبية على صحة الطفل، فعندما يقـــــوم الطفل بمص إصبعه بشكل مســــــتمر تزداد فرصة دخول الجراثيم والميكروبات والمواد الضارة إلى الفم، أما صحة الأسنان وتطــــــورها والمشاكل الناتجة عن ذلك فيمكن تلخيصهـــا في التالي: الأسنان والتجويف الفمي تسبب هذه العادة حدوث تشوهات واضحة في أسنان الطفل الأمامية وأحياناً في القواطع، أهمها ما يعرف ''بالعضة المفتوحة، وهي عبارة عن وجود فتحة بيضاوية الشكل بين حزامي الأسنان العليا والسفلى، وبروز الأسنان العليا الأمامية أو ما يعرف لدى المختصين باضطرابات النطق، واعوجاج في الأسنان السفلى الأمامية أو ميلها إلى الداخل، وجميع هذه التشوهات تعرف بـ ''سوء الإطباق''· ويصل الأمر عند بعض الأطفال إلى حدوث تشوه في منطقة سقف الفم الأمامية على شكل ارتفاع وتقوس غير طبيعي· اضطرابات النطق تسبب تشوهات الأسنان الأمامية صعوبات واضحة في نطق عدد كبير من الأصوات اللغوية التي تعتمد على الأسنان الأمامية في نطقها، وهي: ؟ الأصوات الشفوية - الأسنانية (Labio- Dental) وهما الصوتان: 1 hV ؟ الأصوات بين أسنانية (Interdental) وهي الأصوات التي تحتاج إلى وضع اللسان بين حزامي الأسنان العليا والسفلى (ث - ظ - ذ) · ؟ الأصــــوات الأســـــــنانية - اللثوية (Alvo - Dental) وهي أصوات تحتاج إلى وضع مقدمة اللسان على اللثة والأسنان العليا مثل (س، ز)· ؟ عند وجود تشوه شديد في الأسنان مثل كبر الفتحة بين الأسنان أو حدوث تشوه في سقف الفم من الممكن أن يصل الأمر إلى صعوبة أو عدم قدرة على نطق مجموعة أخرى من الأصوات مثل (ل - ن - ش - ت - د)·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©