الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة المسجد الأحمر ··· تحدٍ جديد لبرويز مشرف

أزمة المسجد الأحمر ··· تحدٍ جديد لبرويز مشرف
9 يوليو 2007 02:27
ليست الاضطرابات الحالية التي تجتاح العاصمة الباكستانية وما يصاحبها من أزيز الرصاص ودوي المتفجرات على خلفية أزمة المسجد الأحمر وسط إسلام أباد، سوى بعض من تلك التحديات الجسيمة التي تواجه الرئيس برويز مشرف· لكن تبقى المشكلة الأساسية على المدى القريب هي ضمان إنهاء الحصار الذي فرض على المسجد بأقل الخسائر الممكنة، واحتواء أية تداعيات عكسية، لا سيما في حال أسفرت المواجهات عن نهاية دموية· ويبدو أن الحكومة التي بذلت أقصى جهدها لتجنب مثل تلك النهاية بدأت تكسب الجولة، لا سيما وأن المقاتلين المتحصنين في المسجد الأحمر، كانوا أول من بادر بإطلاق النار، ما أدى إلى سقوط أحد أفراد قوات الجيش· ولم يحظَ رجال الدين والطلبة في المسجد بتعاطف كبير من قبل الرأي العام سواء في الأحياء المحيطة بالمسجد، أو حتى في عموم البلاد بسبب تشددهم في تطبيق الشريعة الإسلامية والهجوم على المحلات، فضلاً عن تدمير أسطوانات وأشرطة الموسيقى· وقد شكل اعتقال زعيم المسجد ''مولى عبدالله عزيز'' الذي حاول الهرب متخفياً خلف برقع للنساء وتاركاً وراءه المئات من طلبته مادة دسمة لتندر وسائل الإعلام التي وقفت في أغلبها إلى جانب الحكومة· ولم تظهر أية احتجاجات من الرأي العام، أو الأحزاب الدينية ضد الحكومة التي نالت تقدير الأطراف كافة نتيجة لضبط ردة فعلها وعدم تنكيلها بالمحاصرين· بيد أن الأزمة الحالية هي أبعد ما تكون عن نهاية وشيكة، لا سيما في ظل التفجيرات التي شهدتها المناطق الشمالية الغربية من البلاد المتاخمة للحدود خلال الأسبوع الجاري، بما في ذلك التفجيرات الانتحارية وعملية إطلاق النار الأخيرة على طائرة الرئيس مشرف أثناء إقلاعها يوم الجمعة الماضي· وفي هذا السياق لا تشكل أزمة المسجد الأحمر سوى الجزء الظاهر من مشكلة أعمق تتمثل في تفشي ظاهرة الحركات الإسلامية المقاتلة في أحياء المدن الباكستانية وتنامي قوتها في جميع أنحاء البلاد· وفي ظل هذا الواقع الأمني المضطرب، يتساءل المراقبون عن السبب الذي جعل الحكومة الباكستانية تنتظر كل هذه المدة قبل التحرك ضد المسجد الأحمر· ويأمل المسؤولون الحكوميون أن يكون التحرك المقبل ضد رجل الدين المتشدد ''فضل الله''، زعيم الجماعة المتطرفة ''حركة تنفيذ الشريعة الإسلامية'' التي سبق وأن أعلنت دعمها لحركة ''طالبان'' وللتفجيرات الانتحارية، فضلاً عن تأييدها لطلبة المسجد الأحمر· غير أن ملاحقة الأفراد الذين يتزعمون الجماعات المتشددة قد لا تكون كافية· فقد كشف تحقيق نشرته الصحيفة اليومية ''ذي نيوز'' يوم الجمعة الماضي بأن هناك ما لا يقل عن 88 حلقة دراسية تعقدها التيارات الدينية المختلفة يستفيد منها أكثر من 16 ألف طالب في العاصمة إسلام أباد· والأكثر من ذلك كشف التحقيق أن عدد الطلبة المنتسبين إلى المدارس الدينية التابعة لمذهب ''ديوباندي'' المعادي للغرب والمؤيد للمدرسة الأصولية الجهادية، التي تشكل الأساس الفكري لحركة ''طالبان'' وباقي الحركات المتطرفة، قد تضاعف خلال السنة الأخيرة· وقد أوردت الصحيفة، استناداً إلى معلومات استقتها من الدوائر الحكومية، أن أعداد الطلبة الذين أجروا امتحانات في عام 2006 بلغ 5039 طالباً ينتمون إلى ''ديوباندي''، وهي الامتحانات التي أشرفت على تنظيمها الهيئة المركزية للامتحانات التابعة للمذهب المتشدد، بحيث ينتسب ثلاثة آلاف من هؤلاء الطلبة إلى المسجد الأحمر· وقالت الصحيفة إن عدد الطلبة تضاعف اليوم في المسجد الأحمر متجاوزاً 10 آلاف طالب، مضيفة أن ''السبب وراء هذا الارتفاع الكبير في عدد الطلبة الذين يستقطبهم المسجد الأحمر، مايزال غير معروف للحكومة''· ولا تختلف هذه الأرقام في العاصمة عما هو موجود في محافظة بلوشستان، فضلاً عن وجود عدد مماثل من الطلبة في المدارس الأخرى بالعاصمة، التي يبلغ عددها حوالي 74 مدرسة دينية تابعة إلى مذاهب وتيارات مختلفة· هذا وقد شهدت المدارس الدينية ارتفاعاً متزايداً في عددها منذ عقد الثمانينيات عندما شجع الجنرال ''ضياء الحق'' على إنشائها كرافد مهم للمجاهدين في قتالهم ضد الاتحاد السوفييتي السابق· فخلال فترة حكم ''ضياء الحق'' التي دامت 15 عاماً أُسست سبع مدارس في العاصمة، كما أقيمت أكثر من 15 مدرسة طيلة 11 عاماً اللاحقة التي تولى فيها المدنيون الحكم تحت إدارة ''بنازير بوتو'' و''نواز شريف'' من 1988 إلى ،1999 وأخيراً أقيمت 14 مدرسة خلال الثماني سنوات التي قضاها برويز مشرف في الحكم· ونوهت صحيفة ''ديلي دون'' الباكستانية في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي إلى الدروس والعبر التي يتعين استخلاصها من تجربة المسجد الأحمر قائلة ''إن شخصيات مثل الأخوين اللذين يتزعمان المسجد الأحمر موجودة على امتداد البلاد، إنهم يملكون المال والسلاح، وقد تمكنوا من غسل أدمغة الشباب لتنفيذ ما يرمون إليه''· وأضافت الصحيفة أنه إذا كان أتباع المدارس الدينية هم أبرياء وصادقون في معتقداتهم، إلا أن الزعماء غالباً ما يتحركون خارج القانون وعلى الحكومة أن تستهدفهم قبل كل شيء· وأكدت الصحيفة أن ''المسجد الأحمر ليس سوى دلالة على حالة عميقة من التململ تشهدها باكستان، لذا يُتوقع من الحكومة أن تتحرك ضد الإرهاب حتى تقضي على قوته''· وفي خطاب ألقته الأسبوع الماضي بواشنطن قالت ''تيريزا شافير''، مساعدة سابقة لوزيرة الخارجية لشؤون جنوب آسيا إن الرئيس برويز مشرف يحتاج إلى أن تنتهي أزمة المسجد الأحمر بنجاح، وذلك من أجل دعم موقفه، مضيفة أن الفشل في التحرك مبكراً كان دليلاً على تآكل سلطة الحكومة، وهو في حاجة إلى إعادة فرضها اليوم· مراسلة ''نيويورك تايمز'' في باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©