خوفاً من شبح العنوسة الذي يهدد كثيراً من الفتيات انتشرت ظاهرة تبادل الرسائل القصيرة «SMS» عبر القنوات الفضائية والتي تتضمن نصائح بقراءة آيات معينة والاستغفار 100 مرة بعد الصلاة بنية الزواج، وكذلك قراءة الآية 27 من سورة الحج : قوله تعالى :«وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق» وغيرها من الآيات القرآنية التي يعتقدن أن قراءتها بنية الزواج تساعد على جلب العرسان·
ويقول الدكتور محمد نبيل غنايم ـ رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة : كل ما ورد في هذه الأمور غير صحيح وغير شرعي، وليس هناك علاج لمشكلة العنوسة، إلا برضا الله ـ سبحانه وتعالى ـ والصبر على ما قسم الله عز وجل حتى يأتي أمر الله وكثرة الدعاء بالأدعية المأثورة مطلوبة بشكل عام مثل قوله تعالى: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» البقرة 201، وغير ذلك من الآيات التي بدأت بصيغة أو بلفظ «ربنا»
و نحو ذلك من أحاديث رسول الله «صلى الله عليه وسلم»·
وأضاف: هناك دعاء خاص يسمى دعاء قضاء الحاجة سواء كانت هذه الحاجة زواجاً أو شفاء من مرض أو نجاحاً في امتحان أو تفريجاً لأي كرب من الكروب كما جاء في حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «اللهم أني عبدك وابن عبدك وابن امتك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وشفاء همي، وذهاب حزني وغمي»·
ويوضح الدكتور غنايم أن مشكلة العنوسة ترجع إلى عدة أسباب ولو عالجنا هذه الأسباب يمكن أن تُحل هذه المشكلة، ومنها المبالغة في المهور، فكثير من الشباب ان لم يكن كل الشباب عاجزون عن تدبير هذه المهور التي تجاوزت القدر المستطاع· وهناك المبالغة في السكن واثاث البيت، فبعض العائلات تشترط شقة تمليك فاخرة بها عدد معين من الحجرات فمن اين للشباب بشقق تتجاوز اسعارها الملايين؟ وفرش هذه الشقق بأغلى الاثاث؟
وكذلك المبالغة في ضرورة المماثلة في كل شيء بمعنى الوسط الاجتماعي أو المؤهل الدراسي أو العمل، ومعظم هذه الامور غير متاحة، فلابد ان يكون هناك قدر من المرونة بين الاغنياء والفقراء·
ويحذر الدكتور غنايم من تأثير مشكلة البطالة على الزواج مؤكدا ان الشباب الذي لا يجد وظيفة لا يستطيع ان يقدم على الزواج·
وهناك ايضا خروج المرأة للعمل ومناداتها عبر لجان متعددة، بالمساواة مع الرجال في كل شيء ومنافستها للرجال في العمل، مما اسفر عن ضياع كثير من الفرص امام الذكور·
يؤكد الدكتور حلمي عبدالرؤوف ـ استاذ اصول الفقه بجامعة الازهر أن الاستغفار بنية تفريج الهموم بوجه عام شيء طيب ومستحب وعلى المسلم ان يداوم عليه، والدليل على ذلك ان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «لا إله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين، دعوة ذي النون وهو في بطن الحوت، ما دعا بها مسلم في كرب قط إلا فرجه الله، فقال رجل: يا رسول الله ـ صلى الله عليك وسلم ـ هذا ليونس خاصة· قال: لا بل للناس عامة ألم تستمع الى قوله تعالى «فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين»· الانبياء· ولكن لم ترد في الشريعة الاسلامية آيات أو احاديث خاصة بالزواج وجلب العرسان·
ويضيف ان مشكلة العنوسة مشكلة كبيرة تتفاقم خاصة في ظل و جود بطالة بين الشباب وازدياد تكاليف الزواج وعدم المقدرة على الحصول على مسكن الزوجية، لذلك يجب عدم المغالاة في المهور وعدم التمسك بالزواج من رجل غني، وعدم التشدد بوجه عام في طلب الزوجة لاشياء يعجز الرجل عن احضارها لها، وعلى المرأة ان تهتم بأن تتزوج من الرجل الصالح·
ويقول اذا كانت هناك اسباب تمنع من الزواج سواء كانت مادية أو صحية فعلى الشباب ان يصبروا وقد اوصى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من لم يستطع الباءة بأن يصوم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واعف للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»· اي حفظ وحماية من الوقوع في المعاصي·
ويبين أن تفسير قوله تعالى : «واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق» لا يشر إلى الزواج ، وإنما يستدل به ان الله ـ سبحانه وتعالى ـ قال لابراهيم: ناد في الناس بالحج لبيت الله· فقال: يارب كيف ابلغ الناس وصوتي لا ينفذ اليهم ـ اي لا يصل اليهم ـ؟ فقال سبحانه وتعالى: «ناد وعلينا البلاغ، فقام سيدنا ابراهيم وقال: يا ايها الناس ان ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه»، وقوله: «يأتوك رجالا وعلى كل ضامر» يستدل بهذه الآية الى ان الحج ماشيا لمن قدر عليه افضل من الحج راكبا، فليس في تفسير هذه الاية الكريمة علاقة بالزواج
عدد اليوم
