الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أمير الشعراء

أمير الشعراء
10 يوليو 2007 02:58
عرفنا الآن الهدف من وراء تنظيم مسابقة أمير الشعراء، وهي اكتشاف المواهب القديرة في كتابة الشعر العربي الفصيح، هذا ما أفصح عنه الدكتور الناقد صلاح فضل في اللقاء الجماعي الذي ضم أعضاء هيئة التحكيم، وبثته قناة أبوظبي، وقال إن كبار الشعراء باتوا معروفين للجميع، أما المواهب فهي في حاجة ماسة إلى من يقدمها، والبرنامج يقوم بهذا الدور· بهذا التوضيح يتم تبرير النصائح التي يتلقاها المتسابقون، إذ عليهم أن يتعمقوا في قراءة الشعر، وأن يطلعوا على تجارب كبار الشعراء، وأن يولوا اللغة والصورة الشعرية اهتماما أكبر، وألا يكونوا منبريين ونظامين فقط، وذلك بأن يضمنوا القصيدة شيئا من أنفسهم وأرواحهم، أي أن يكونوا صادقين، وأن يتجنبوا أصوات الشعراء الكبار في كتاباتهم! هكذا تكون مسابقة أمير الشعراء، شأنها شأن المسابقات الأخرى، التي تسعى لاكتشاف المواهب الجديدة والأصوات الشابة في المجالات الفنية والأدبية، لكن شرط المسابقة الذي يحدد بألا يتجاوز عمر المتسابق خمسة وأربعين عاما، قد يحرج العديد من المتسابقين، خاصة أولئك الذين يعتبرون أنفسهم بأنهم تجاوزوا مرحلة اكتشاف مواهبهم، ومنهم من يصنف نفسه بين الشعراء الكبار، وله إصدارات شعرية كثيرة، ومنهم من يرفض النقد، ومنهم من له صولات وجولات في تقييمه للآخرين بحدة، والانحياز إلى هذا النوع من الشعر أو هذا الشاعر، وإلى هذه المدرسة النقدية أو تلك، ومنهم من يقول إن له جمهوره الواسع، ورغم ذلك تتسع صدورهم ويرضون أن يعودوا إلى مقاعد الدراسة، ليتلقوا الملاحظات برحابة صدر وابتسامات بريئة، وأن ينتظروا نتيجة التصويت، فمنهم من ترتعد فرائصه، ومنهم من هو قلق ومرتبك، ومنهم من هو مطمئن· وفي الواقع، أنا أحسد المتسابقين على شجاعتهم وحبهم للمغامرة والمجازفة بأسمائهم، التي يعتقدون أنها كبيرة، وبعضها كذلك، ولا شك أن هنالك أكثر من سبب لانخراطهم في المسابقة، البعض عينه وجيبه على المليون درهم، والبعض عينه على الوهج الإعلامي والانتشار، والبعض عينه على إمارة الشعر، والبعض يهوى المنافسة، وأبرر لهم كل تلك الأسباب، ولكن هل يستحق كل ذلك المجازفة، خاصة إذا ما رأينا بعضهم يغادر البرنامج في مرحلة التصفيات الأولى، عائدا إلى جمهوره بفشل ذريع! المسابقات لا ترحم، ومن حق القائمين عليها وضع الشروط التي تعجبهم، لضمان مشاركة أكبر شريحة من المهتمين، إلا أن بعض الشعراء لم يرحموا أنفسهم، ويدركوا بأن المسابقة ليست ( امسح واربح)، ولا مجال للمحاولة مرة أخرى! إن تقدير الإنسان لنفسه وموهبته أمر يثير العجب، ولا شك أن الوهم وأحلام اليقظة والاستسهال تقوم بدور ما في التقويم· ففي مسابقة سوبر ستار، على سبيل المثال، والتي أحرص كثيرا على مشاهدة الحلقات الأولى منها، لأشاهد نسبة كبيرة من الشباب والصبايا يمكنهم أن يكونوا أي شيء إلا أن يكونوا مطربين، ولهذا كانت لجنة التحكيم تنفجر بالضحك، أحيانا· وأنا على ثقة بأن نسبة كبيرة من المتقدمين لمسابقة أمير الشعراء، لا يختلفون عن المتقدمين لمسابقة سوبر ستار، وربما أرسل أحدهم قصيدته مع رقم حسابه منهيا المسابقة من أولها· كنت أود لو أطلعنا منتجو البرنامج على بعض النماذج، رغم أننا شاهدنا نموذجا رصيده ثلاثمائة قصيدة، وحين قرأ أمام لجنة التحكيم، حصد ثلاثمائة خيبة· وما زلت أسال نفسي: كيف يقوّم المبدع ذاته؟ هل تكفي الرعونة كي يضع نفسه أميرا للشعراء، ورعاياه الفشل والركاكة· أود أن أوجه الشكر الجزيل للأساتذة في لجنة التحكيم، على صراحتهم الشديدة في معظم الأحيان، وعلى صبرهم وتحملهم (لأمراء الشعر) أما بالنسبة للنتائج، فلن ألومهم، لأن القرار ليس كله بأيديهم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©