الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجاوز الأوهام··· الحل الوحيد للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي

تجاوز الأوهام··· الحل الوحيد للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي
10 يوليو 2007 02:59
في الشهر الماضي، وأثناء زيارة إيهود أولمرت الأخيرة لواشنطن، طلبت من مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن يوضح لي رؤية رئيس وزراء بلاده للنتيجة التي ستفضي إليها سياساته، التي طالما سارعت إدارة بوش إلى تبنيها، والرامية إلى عزل حركة ''حماس'' في قطاع غزة· فمنذ انقلاب حماس على منظمة فتح العلمانية في منتصف شهر يونيو المنصرم، سمحت تل أبيب بدخول فرق الغوث الإنساني بهدف المساعدة في توفير الطاقة ومياه الشرب للمواطنين، إلا أنها أغلقت القطاع وسكانه البالغ تعدادهم 1,5 مليون نسمة· وجاءني رد ذلك المسؤول الإسرائيلي بالقول: ما أن تزداد الأحوال المعيشية سوءاً بين مواطني القطاع، حتى تزداد نقمتهم على حركة ''حماس''· ويتوقع للسخط الشعبي أن يزداد بينهم إلى درجة ينقلبون فيها على حكامهم الإسلاميين في نهاية الأمر، بما يهدد بانهيار مشروع الدولة الإسلامية المزمع إقامتها في تلك المنطقة الجغرافية الواقعة بين مصر وإسرائيل· وفي المقابل، سوف تتمكن حركة ''فتح''، التي تدعمها كل من تل أبيب وواشنطن، من استعادة سيطرتها على القطاع مجدداً· بعبارة أخرى، تفسر إجابة هذا المسؤول الإسرائيلي، بتعويل تل أبيب على شعب القطاع المعدم الجائع، والذي تتفشى بينه الأمية بدرجة مرعبة، في أن يهب في أول ثورة شعبية ضد حكومته، في هذه اللحظة من تاريخ الشرق الأوسط المعاصر· كما تفترض الإجابة نفسها، أن يطالب الشعب المعدم المحروم، بأن تتولى زمام أمره وقيادته حكومة أكثر اعتدالاً وديمقراطية· ويبدو هذا المنطق متسقاً مع ذاته على الأقل، فيما لو أمعنا فحصه ودراسته· والشاهد أن كلاً من أولمرت وبوش، قد تبنيا معاً سلسلة من السياسات الفاشلة، القائمة على سيناريوهات بعيدة كل البعد عن الواقعية، منذ الفوز الانتخابي الذي حققته ''حماس'' في الانتخابات الفلسطينية التي أجريت في مطلع العام الماضي· وكان في اعتقاد هذين الحليفين، أن قطع المساعدات الإنسانية، مصحوباً بقطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة ''حماس''، سوف يفضيا في نهايـــة الأمر إلى أحد الأمرين: إما أن تنهار تلك الحكومة، أو أن ترغم على الاعتراف الرسمي بحق إسرائيل في البقاء· ثم ارتبط ذلك التصور بتنبؤات أخرى خاطئة، مفادها حدوث انقسام واسع النطاق على امتداد منطقة الشرق الأوسط بأسرها، بين دول متطرفة وأخرى معتدلة، مع توقع انحياز الدول المعتدلة إلى صف إسرائيل في نزاعها ضد كل من حركة ''حماس'' وإيران· والآن فهاهما الحليفان، يتوقعان انحياز ذات الدول إلى حركة ''فتح''، باعتبارها الطرف المستضعف في النزاع الفلسطيني الداخلي، بينما يتوقعان للمنظمة أن تخرج منتصرة على خصمها في نهاية الأمر، بفضل الدعم الإقليمي والدولي الذي تتمتع به· غير أن الحادث حتى هذه اللحظة، أن هذه الاستراتيجيات الوهمية لم تزد حركة ''حماس'' إلا منعة وقوة، بينما عمقت كثيراً نزعة التطرف الراديكالي لدى الفلسطينيين· واليوم فإن التهديد الأكبر الذي يواجه حكومة القطاع، ليس هو حركة ''فتح''، بقدر ما يتمثل في فرق وعصابات الموت المتعطشة للدماء، كما هو حال حركة ''الجهاد الإسلامي''، و''جيش الإسلام''· إلى ذلك يعتقد الكثيرون بدنو دخول تنظيم ''القاعدة'' إلى حلبة الموت هذه· وإن كان ثمة شيء واحد يشد حركة ''حماس'' إلى الخلف، فهو تفكيرها الطوباوي· ولكي نقف على هذا الفكر، فلننظر إلى حادثة إطلاق سراح آلان جونستون، الصحفي في ''بي· بي· سي، إثر تمكن حركة ''حماس'' من الإطاحة بحكومة ''فتح''، والسيطرة على القطاع· والشاهد أن تلك الحادثة لم تكن مؤشراً إيجابياً البتة، على نية الحركة في بسط استتباب الأمن والنظام مجدداً في أراضي القطاع· ذلك أنه كان في تقدير قادة الحركة، لا سيما خالد مشعل، المقيم في العاصمة السورية دمشق، أنه وبإطلاق الحركة لصحفي غربي مختطف، فإن ذلك سوف يكسبها اعترافاً دولياً· ولم يكن مصير إطلاق سراح الصحفي هذا، مختلفاً في نتائجه النهائية عما انتهى إليه اعتقاد خالد مشعل السابق، القائم على افتراض أن مشاركة حركته مع ''فتح''، في تشكيل حكومة وحدة وطنية، سوف تعجـــل بإنهاء المقاطعة الغربية المفروضة على الحركة· غير أن الذي حدث، هو مسارعة الاتحاد الأوروبي للإعلان عن عدم حدوث أي تغيير في سياساته إزاء ''حماس''· أما التصورات الواهمة المشتركة بين كل من تل أبيب و''حماس''، فتتلخص في اعتقاد كلتيهما بإمكانية تجاهل إحداهما للأخرى، فيما عدا حالة تبادلهما للصواريخ والقنابل· ومن ناحيتها فقد ظلـــت تل أبيب ثابتــة على اعتقادها القائل بإمكانية محو الحركة الإسلامية الفلسطينية من الوجود تماماً، أو على الأقل، إمكانية إزالتها كقوة سياسية وعسكريـــة على حد سواء· أمـــا الوهم المعشش في أذهان قادة ''حماس''، فيتمثل في إمكانية حصول الحركة على الاعتراف الدولي الذي تتطلع إليه في نهايـــة الأمر، دون التدخـــل في هدفهـــا الرامي إلى تدمير الدولة العبرية! أما على أرض الواقع الفعلي، فربما كان السبيل الوحيد لإحراز أي تقدم يذكر في منطقة الشرق الأوسط، بل في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على وجه التحديد، هو أن تتواضع تل أبيب وحركة ''حماس'' على مبدأ التفاوض والحوار، شريطة أن تضعا نصب عينيهما مؤقتاً، حقيقة أن اعتراف الحركة الرسمي بإسرائيل، في مقابل الاعتراف الرسمي الغربي بالحركة، لن يتحققا إلا في المرحلة الأخيرة من التفاوض والمحادثات بينهما، وليس في بداية الطريق· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©