السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قوى الشد العكسي

قوى الشد العكسي
22 ديسمبر 2012
ثمة عبارات تذهلني خلال سماعها أو قراءتها من خلال وسائل الإعلام - أو أي وسائل آخر- منها عبارة: “العقل المدبر”، التي كتبت عنها في السابق مقالا عرمرميا تمنيت فيه أن أكون عقلا مدبرا لشيء ما- حتى أشعر بأني عقل محض، وأن الناس تنتظر أوامري لتقوم بتنفيذها دون نقاش، وربما تموت من أجلي. اكتشفت مؤخرا عبارة بذات القوة والروعة. في الواقع أنا أعرف هذه المنظومة اللغوية منذ زمن، لكني لم أدرك قوتها الروحية الهائلة، الا بعد أن فشلت في أن أصبح عقلا مدبرا، ولو على قطة نفساء، فبحثت في تلافيف دماغي حتى وجدتها: يوريكا.. يوريكا. العبارة هي: “قوى الشد العكسي”.. يا للروعة!! يا للشجاعة... يا للقوة .. يا للجرأة.. يا للكياسة.. يا للنغاشة... يا للبلاغة... يا للصياعة... يا للغرابة.. يا للمبادرة.. يا للمنابزة.. يا للمبارزة.. يا للمنازلة... يا للمنافسة... يا للمدافشة يا للمرافسة.. يا للمعاقطة، “يا” أداة نداء...................!! إنها من أكثر العبارات تكرارا، في التصريحات السياسية، خصوصا وعموما، حيث أن الرافضين للصيغة السياسية السائدة مهما كانت، يتّهمون القوى الأخرى، دون تسمية، ربما هروبا من المواجهة، ويسمونها قوى الشد العكسي. بمعنى أن هؤلاء يحاولون السير في المجتمع الى الأمام، بينما يمسك هؤلاء – قوى الشد العكسي- بتلابيبهم ويحاولون “إعادة عجلة التاريخ الى الوراء”. هكذا وجد المعارضون ممسحة زفر وشمّاعة يعلقون عليها تراجعهم وفشلهم في تحقيق ما يصبون اليه في المجتمع، لأن قوى الشد العكسي تعيدهم دوما وأبدا الى المربع الأول، وترفض أن يتقدم المجتمع بهم الى الأمام، فيكونون مثل بروميثيوس في الأساطير القديمة الذي يحاول أن يرفع الصخرة الى أعلى الجبل، لكن النسور تنهش من كبده، فتقع منه الصخرة الى الأسفل قبل الوصول بقليل، فينزل ويعيد الكرّة. أما إخوتنا في قوى الشد العكسي، فهم يعتبرون أنفسهم يسيرون في المجتمع الى الأمام كعادتهم، وهم يقودونه منذ زمن بعيد بنجاح منقطع النظير، لكن قوى الشد العكسي التي قويت هذه الأزمان تحاول أن تعرقل مسيرتهم الوطنية وتحاول أن تودي بالوطن، من أجل مصالح شخصية وارتباطات خارجية وأجندات مشبوهة جدا ومصالح خاصة جيدة جدا، لا بل ممتازة. هكذا تضيع عبارة قوى الشد العكسي بين “حانا” المعارضة و”مانا” الموالاة، ولمن لا يعرف القصة، فإن حانا ومانا زوجات لرجل محترم، كانت حانا تحب الشعر الأسود على لحية زوجها، فكانت تنتف الشعرات البيض في ليلتها المخصصة، أما مانا فكانت تحب الشعرات البيض فتنتف الشعرات السود في ليلتها المخصصة... حتى نتفت لحية الرجل تماما من قبل الزوجتين، خلال أشهر، فقال قولته المشهورة: “بين حانا ومانا، ضاعت لحانا”. أما أنا فلست مهتما بـ”حانا” ولا بـ”مانا”، ولا بلحية “أخانا” المنتوفة ، كل ما أريد هو أن أنضم الى قوى الشد العكسي، حتى أشعر بالقوة والجبروت والسؤدد وهي تتسرب بإندفاع شيطاني في شراييني وعروقي كافة، وتتسرب من خياشيمي، وحينما تلتحم بالهواء يتطاير الشرر من مناخيري كثور مصارعة إسباني. لا يهم أين أكون، ومن أشد، لست مهتما بالمعارضة، ولا بالموالاة، أنا من جماعة عدم الإنحياز..... أنا فقط مع قوى الشد العكسي ما غيرها، يا جماعة، أريد أن أكون- ولو مرة واحد قبل أن أموت- في جانب المنتصرين، وأرفع أصابعي بإشارة النصر عن حق وحقيق، وليس لمجرد التصوير، بينما أكون قد قدمت التنازلات تلو التنازلات، لأن قوى الشد العكسي لم تستطع شكمي. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©