الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان···المساعدات الخارجية والمشكلات الاقتصادية

باكستان···المساعدات الخارجية والمشكلات الاقتصادية
12 يوليو 2007 02:38
شكلت السنوات القليلة الماضية بالنسبة لـ''فايز باراشا''، مدير المبيعات بشركة ''سوزوكي'' للسيارات في إسلام أباد، مفاجأة كبرى· والأرقام الوطنية واضحة؛ فقد حققت البلاد نسبة نمو تبلغ 8 في المئة لسنتين متتاليتين، وشهدت مبيعات السيارات والأجهزة الإلكترونية ارتفاعا بنسبة 50 في المئة سنوياً· في ''سوزوكي''، كان ''باراشا'' شاهداً على التغيير بنفسه· فقد تضاعفت مبيعاته سبع مرات منذ 2002؛ حيث انتقلت من 400 سيارة إلى 2800 سيارة هذا العام· والحال أن هذا الأمر لا يشكل مفاجأة من نواحٍ عديدة· فتاريخياً، تزامنت طفرات باكستان الاقتصادية مع الفترات التي تعرف زيادة الاهتمام الأميركي· يُذكر هنا أن باكستان تتلقى دعماً مالياً كبيراً نظراً للمساعدة التي قدمتها للولايات المتحدة على محاربة السوفييت، في الماضي، والإرهاب، اليوم· اللافت أن تحولاً حدث اليوم إذ انضمت قوى أخرى إلى هذا الزخم· غير أن المراقبين يرون أن العديد منها - سواء من استثمارات الباكستانيين المقيمين في الخارج إلى القروض الاستهلاكية الرخيصة في الداخل- قد تكون بصدد خلق السراب بدلاً من خلق المعجزة؛ حيث تذكي الكمية الضخمة من الأموال التي تتدفق على باكستان عجزاً تجارياً قياسياً· وفي هذا الإطار، يقول ''قيصر بنغالي، المحلل الاقتصادي المستقل في كراتشي:''إننا نشبه سيارة تكون في حالة جيدة عندما تقاد بسرعة 50 كيلومترا في الساعة، وترتفع حرارتها جدا عندما تقاد بسرعة 90 كيلومترا في الساعة''، مضيفاً ''من الواضح أن ثمة مشكلة في بنية الاقتصاد''· ومن جانبه، يقول شاهد جافد بوركي، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس البنك الدولي السابق، إن المال الأميركي كان في معظم السنوات الستين الماضية يشغِّل الاقتصاد الباكستاني· ففي عقد الستينيات مثلاً، عندما سمحت باكستان للولايات المتحدة باستخدام أراضيها كقاعدة لطائرات التجسس ضد الاتحاد السوفييتي، نما الاقتصاد بـ6,5 في المئة سنوياً، بعد أن كان متوسطه خلال الخمسينيات 2,7 في المئة· وفي عقد الثمانينيات، عندما كانت باكستان تمثل الخط الأمامي ضد الغزو السوفييتي لأفغانستان، ازدهر الاقتصاد ونما بنسبة 6,5 في المئة سنوياً- بعد أن كان يبلغ نحو 4 في المئة خلال السنوات التي قبله· الأمر نفسه ينطبق على باكستان اليوم؛ إذ تتلقى الحكومة نحو 2,5 مليار دولار في السنة من بلدان أخرى-ولاسيما الولايات المتحدة؛ وعلاوة على ذلك، فإنها تُعفى من تسديد معظم ديونها مقابل تعهدها بعد الحادي عشر من سبتمبر بمحاربة الإرهاب· قبل ،2001 كان ثلث ميزانية باكستان يُرصد لتسديد الديون؛ وكان النمو الاقتصادي يبلغ 2 في المئة· ونظرا لعبء الدين الذي كان يثقل كاهل الحكومة -يقول ''بنغالي''- ''إن باكستان لم تكن تتوفر خلال عقد التسعينيات على السيولة المالية لتنفيذ أعمال تنموية''· ومع توفر هذا الفضاء اليوم، تبنى الرئيس برويز مشرف سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية· وانتشرت دورة النمو الاقتصادي الباكستانية متجاوزة الأموال الأميركية لأول مرة· فمنذ ،2001 تطلع المستثمرون الدوليون إلى وفاء سادس أكبر بلد في العالم من حيث السكان بوعده الاقتصادي· ومما يذكر هنا أن ''ميريل لانتش''، الخبير في الاستثمارات الدولية، وصف باكستان بأنها أفضل سوق في آسيا· وعلاوة على ذلك، يضخ العمال الباكستانيون في الخارج والمستثمرون العرب في البلاد نحو 10 مليارات دولار كل سنة· وقد بلغت الاستثمارات الخارجية المباشرة 7 مليارات دولار خلال الأشهر الاثني عشر المنصرمة، مضاعِفة بذلك الرقم القياسي للعام الماضي· غير أن المشكلة تكمن -حسب المحللين- في أن البنية الاقتصادية لم تتغير كثيراً منذ 60 عاماً· إذ تظل باكستان عموماً اقتصاداً زراعياً لا يتوفر سوى على قليل من الصناعة، يعتمد نحو 65 في المئة من سكانه على الزراعة· لقد مضت باكستان في طريقها نحو الرخاء بمساعدة المال الخارجي، ولكنها لم تبنِ قدرات داخلية للحفاظ على مثل هذا النمو بمفردها· إذ بدلاً من الاستثمار في الزراعة أو الصناعة من أجل بناء البلد، يختار المستثمرون المجالات التي تعود عليهم بأرباح كبيرة· ونتيجة لذلك، تدفقت على البنوك وشركات العقار والاتصالات مليارات الدولارات· ونظرا لهذه السيولة المالية الكبيرة، تقدم البنوكُ اليوم قروضاً استهلاكية منخفضة، وهو ما يفسر بيع ''باراشا'' للعديد من السيارات خلال الأعوام الماضية· إذ يقول هذا الأخير إن ما بين 80 و85 في المئة من السيارات ممولة من قبل البنوك· ومن جهة أخرى، يقول ''بوركي'' إن ثمة مخططات لبناء 40 برجاً تتألف من 30 طابقا على الأقل في مدينة لاهور لوحدها· والحال أن هذا النمو لم يخلق فرص عمل أو مقاولات كثيرة· ففي 2004 و،2005 على سبيل المثال، كانت الزراعة القطاع الوحيد الذي سجل نمواً واضحاً من حيث توفير فرص العمل، بفضل المحاصيل الموسمية· بالمقابل، يفيد تقرير أنجزه ''مركز السياسة الاجتماعية والتنمية'' في كراتشي أن القطاعات الأخرى حققت نمواً ضعيفاً جداً أو لم تحقق أي نمو · الواقع أن من شأن معدلات الادخار الشخصي العالية وقطاع زراعي قوي أن يحولا دون حدوث انهيار اقتصادي· غير أن مبعث فخر الاقتصاد الباكستاني -قطاع الخدمات الذي يشكل أكثر من نصف نمو البلاد- ''ليس مستديما''، كما يقول ''كازي مسعود أحمد'' من ''معهد إدارة الأعمال'' في كراتشي· إذ من المتوقـــع مثـــلاً أن يسجل العجز التجاري ارتفاعاً قياسياً يبلـــغ 9 مليارات دولار نظراً لأن باكستـــان تستهلــك اليوم المزيد من السلع، ولا تصنــع الكثير منها· ولعـــل أكثر المتضررين من هـــذا الاستهــــلاك هــو الباكستاني العادي إذ يتجـــاوز التضخم عـــادة 7 في المئـــة· ------------------------------------------------------------------ مراسل كريستيان ساينس مونيتور في إسلام أباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©