الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ماريون باري» الجديد!

27 مارس 2016 23:09
يبدو موسم الانتخابات التمهيدية الجمهورية 2016، كحلم طويل ومخيف، باستثناء وحيد هو أن مصدر الخوف ذاته حقيقي وليس حلماً. وهذا المصدر يتمثل في دونالد جون ترامب، النسخة البيضاء من «ماريون باري» عمدة نيويورك الأسود السابق، الذي يحظى بفرصة جيدة للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية نهاية هذا العام. ولو حدث ذلك فإن هناك كابوساً في انتظارنا جميعا. لماذا؟ لأن ترامب، لو منح صلاحيات رئاسية، فسيصبح في وضع يمكنه من إلحاق ضرر فادح بالأمة الأميركية، وبالعالم أجمع. فعندما ندرك أن ترامب أقرب للوصول للبيت الأبيض من أي جمهوري آخر، ونتذكر أن سياسيي الطبقة الحاكمة والخبراء، كانوا قد كتموا ضحكاتهم عندما أعلن نيته خوض السباق الرئاسي في يونيو الماضي، وأنه استطاع -رغم الانتقادات- أن يحقق انتصارات، وأن يتمتع بدعم قطاعات واسعة من الجمهوريين، بل وأن يكون صاحب اليد العليا في المؤسسة الجمهورية المدحورة، فسندرك أن هؤلاء البؤساء الذين سخروا منه، لم تكن لديهم أدنى فكرة عنه. لو كانت انتيليجنسيا الحزب الجمهوري، قد أبدت اهتماماً برأس مال أمتنا خلال فترة ولاية «باري»، سواء كعمدة أو كعضو بلدية، لربما استطاعت أن تتوقع أن شخصية مثل ترامب قادمة على المسرح لا محالة. هل يمكننا القول إن ترامب هو «باري» متنكراً؟ ترامب، كما أظهر باري خلال سنوات ولايته الدرامية، يتصرف كما لو كان حراً في أن يفعل ما يشاء تماماً. فهو يبدو كملك من ملوك الدراما: يسقط، ثم ينهض، ثم ينطلق من فوره لخوض معركة أخرى، وكلها معارك من صنعه، وكلها تتم تحت أضواء الإعلام. وترامب كما فعل باري، تمكن من حشد أتباع مخلصين، يؤمنون به إيماناً أعمى، بصرف النظر عما يفعله أو يقوله. وترامب شأنه في ذلك شأن باري يتمتع أيضاً بإيمان وثقة، يغبطه عليهما منافسوه. وكلٌ من الرجلين استجاب لنداء لم يسمعه سواه، للسعي للسلطة السياسية، وتلقى استجابة فورية من أناس اعتقدوا أنه يعرف كل واحد منهم شخصياً، وأنه يحترمهم، ويتحدث بالنيابة عنهم. وترامب، خلافاً للمترشحين الآخرين، وشأنه في ذلك شأن باري- لا يتردد في الإعراب عن أشواقه وطموحاته وتفضيلاته، كما أن كل منهما جعل من تجاوز الخطوط سمة مميزة لحياته المهنية. فقبل أن يبدأ ترامب حملته ضد المهاجرين، كان باري قد أعرب عن آراء مضادة للمهاجرين، خصوصاً «هؤلاء القادمون من الفلبين»، كما قال في تصريح شهير ذات مرة. و«باري» كانت له طريقة معينة للتعبير عن جنونه، وهو ما ينطبق على ترامب أيضاً. فهو يفهم الناس الذين يتحدث إليهم، ويقدم إليهم نفسه باعتباره البطل القادر على خوض المعارك التي لن يستطيعوا هم خوضها بأنفسهم. وكان باري يستهزئ بالعدو الأبيض، وترامب بدوره يستهزأ بالملونين والسماسرة. وكل منهما يتمتع بالقدرة على توفير ذلك الشعور المريح بالانتقام نيابة عن الآخرين، دون أن يتحمل الجزاءات والعقوبات المصاحبة للمواجهات الحقيقية. وباري مثل ترامب اليوم، يتعرض لهجمات شبه دائمة من افتتاحيات الصحف الكبرى، التي ساهمت في زيادة جاذبية باري لدى سكان واشنطن من قبل، وتساهم في زيادة جاذبية ترامب حالياً، لأن أي إدانة من جانب الصحف المحترمة ينظر إليها من قبل الناس العاديين على أنها دليل على الفعالية والأهمية. الرجل الذي يقف في طريق ترامب لعرش الجمهوريين هو تيد كروز، الذي يبدو أنه لا يخوض السباق من أجل الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، وإنما لكي يكون قائداً لدولة بوليسية. فكروز يكاد يكرر نداء ترامب الخاص بالمنع الكامل للمسلمين من دخول الولايات المتحدة، وكذلك دعوته الخاصة بإبعاد 11 مليونا من المهاجرين غير المسجلين، كما يكاد يكرر دعوته التي تنتهك اتفاقيات جنيف، كما قال ترامب ذات مرة في معرض اقتراحه لطريقة التعامل مع الإرهابيين: «اطردوا عائلاتهم». لكن كروز المناوئ للمسلمين، «يريد من قوات إنفاذ القانون في أميركا القيام بدوريات في الأحياء ذات الأغلبية المسلمة، قبل أن أن يصبح سكانها متطرفين». والسؤال هنا: ما هي الخطوة التالية التي سيقترحها كروز: هل هي القيام بحملات اعتقال ونقل السكان من هذه الأحياء إلى معسكرات مغلقة؟ إن هذا الرجل العاشق للحرية الدينية، والذي يشيطن أتباع دين آخر، هو أيضاً منافس رئيسي في السباق الانتخابي الرئاسي. وحقيقة أن النخبة الجمهورية، الخائفة حد الموت من ترامب، تتزلف الآن لكروز، هي أمر مثير للغثيان حقاً. فترامب (أو باري) وكروز، قائد الدولة البوليسية، هما الآن مادة حلم 2016 الطويل والمخيف في آن واحد. *كاتب عمود في «الواشنطن بوست» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©