السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الابتكارات التكنولوجية تحول العالم إلى مكتب وتنتهك الحريات

الابتكارات التكنولوجية تحول العالم إلى مكتب وتنتهك الحريات
12 يوليو 2007 23:49
عندما نشر رائد ثورة المعلومات بيل جيتس كتابه الشهير (العمل وسرعة التفكير في عصر النظام الرقمي) قبل أقل من عشر سنوات، بدا لبعض المحللين أنه كان مبالغاً في تنبؤه بالوظائف الجديدة التي ستتولى إنجازها أجهزة الذكاء الاصطناعي بما فيها الكمبيوتر والإنترنت والبريد الإلكتروني· ولو عمد المرء الآن إلى إعادة قراءة الكتاب بطريقة متأنية لوجد فيه عكس ما قاله أولئك المحللون، لأن ما طرأ من تطور على صناعة التقنيات الرقمية خلال السنوات القليلة الماضية فاق بكثير ما كان يحلم به جيتس أو يتوقعه· ففي ذلك (الزمان البعيد) الذي خطّ فيه جيتس كتابه، الذي يقدر بالدهور قياساً بالسرعة الهائلة لتطور الأجهزة الرقمية، لم تكن هناك محركات شهيرة للبحث في الإنترنت، وفي تلك الفترة، لم نكن قد سمعنا بعد عن (جوجل) الذي يرنّ الآن في آذان مستخدمي الأجهزة الرقمية بنفس قوة رنين أجراس المعابد النحاسية التايلانية· وفي ذلك الزمان، كان (الموبايل) مجرّد هاتف مصغّر يحمل باليد دون أن يتفوق في شيء على الهاتف الثابت، بينما أصبح الموبايل اليوم هاتفاً، وتلفزيوناً، ووسيلة للإبحار في الإنترنت، وطريقة لإرسال النصوص، وجهازاً للتوجّه والإرشاد، وبيئة إعلانية للشركات والمؤسسات، ووسيلة لتناقل الصور والبيانات، فضلاً عن العديد من الوظائف الأخرى· وفي العهد القديم أيضاً، لم نكن نسمع عن (آي بود) ولا (بلاك بيري) أو (آي فون)، وهي الأجهزة التي فتحت أمام مستخدميها آفاقاً واسعة للتواصل وتبادل المعلومات· وتوحي هذه السرعة الهائلة لتطور الأجهزة والوظائف الرقمية بالسؤال المهم: إذا كان في وسعنا الآن أن نحدد مكاننا التطوري بالقياس إلى ما كنا عليه قبل عشر سنوات، فكيف سيكون عليه حالنا في المستقبل؟ وما هو مصير الحريات الشخصية في ظلها ؟·· هذه الأسئلة وغيرها من القضايا الحساسة التي تتعلق بالتطور المذهل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كان موضوع ملحق خاص نشرته صحيفة (فاينانشيال تايمز) أول أمس (الأربعاء)· ففي مقال افتتاحي بقلم آلن كين بعنوان: (إلى أين سننطلق من المكان الذي نقف فيه؟) يقول إن مجرّد التفكير بمستقبل التطور التقني يكفي أن يصيب المرء بحالة من الذهول· ويضرب لذلك مثلاً بتطور البريد الإلكتروني الذي أصبح اليوم أحد أهم الأدوات الحديثة في قطاع الاتصالات وأداء الأعمال، ناقلاً عن دون ريبيرت، المدير العام لقسم التكنولوجيا في شركة (آكسنتشير)، أضخم شركة استشارية في العالم قوله: إننا نرى الآن كيف أن الأجيال الجديدة من الشبّان ينظرون إلى البريد الإلكتروني وكأنه من اختراع أجيال قديمة من البشر· ويكمن تفسير هذا الشعور في أن هؤلاء الشبان لم يعيشوا تلك الأيام التي طواها الزمن، حيث كان يفترض في كل من يريد إرسال رسالة أن يخطها بيده، ثم يودعها مظروفاً يكتب عليه عنوانه وعنوان المرسل إليه، ليبحث بعد ذلك عن بائع لطوابع البريد، ثم يلصق الطابع المناسب ويهرع إلى أقرب صندوق بريد ليضع رسالته فيه ثم ينتظر عشرة أيام أو أكثر حتى تصل الرسالة إلى صاحبها· وإذا كان بوسعنا نحن الكبار أن ندرك الآن أهمية البريد الإلكتروني الذي اختصر لنا كل هذه المراحل ببضع نقرات على لوحة المفاتيح، فأن أبناءنا لا يمكنهم أن يستشعروا ذلك أبداً· ويرى خبراء مجموعة (جارتنير جروب) الاستشارية أنه بحلول عام 2011 سوف يتم التراسل الفوري في قطاعات العمل والتجارة بمزيج من الصوت والصورة والنص المكتوب· وهذا يعد تطوراً على جانب كبير من الأهمية· وفي ذلك الوقت أيضاً، ستكون الأجيال الجديدة من الشبان قد انتقلت إلى عالم جديد آخر يختلف عن هذا الذي نعيشه اليوم، وربما يعيشون في عالم افتراضي ثانٍ يصعب علينا اليوم الكشف عن تفاصيله· ويكون من المهم هنا الإشارة إلى أن هذه الدورة التطورية المفتوحة لثورة المعلومات ذات إيقاع متسارع يجعل من العسير التنبؤ بما سيحدث بعد سنوات قلائل أو أشهر معدودة· عولمة الخدمات كثيراً ما يحدث نوع من التقاطع بين المستقبل والواقع في عالم تكنولوجيا المعلومات· ومن أمثلة ذلك أن تيرو أوجامبيرا، مدير قسم التكنولوجيا في شركة نوكيا الفنلندية لصناعة الموبايل، طلب ذات مرة فنجاناً من القهوة في أحد فروع شركة ماكدونالد للوجبات الخفيفة وقال لصاحب المطعم: أريد أن أدفع ثمن القهوة بواسطة جهاز الموبايل· وكان يتوقع أن يكون المطعم مجهزاً بقارئة للبطاقات المغناطيسية للموبايل بحيث يمكنها حسم ثمن القهوة من الرصيد البنكي لصاحب الجهاز، إلا أن المحاسبة التي تجلس على صندوق الحساب اعتذرت عن قبول الدفع بهذه الطريقة وقالت: نحن لا نقبل الموبايل كوسيلة لدفع الفواتير· ربما يعبر هذا المثال بشكل واضح عن ضرورة عولمة الخدمات الإلكترونية حتى تتحقق الفائدة القصوى منها لصالح المستخدمين والمشغّلين على حد سواء· وبالرغم من أن خدمة الدفع ببطاقة الموبايل ليست جديدة، وخاصة بالنسبة لليابانيين الذين يستخدمونها في دفع أثمان تذاكر القطار والمترو وأجور التاكسي والمطاعم، إلا أنهم يطورونها الآن بشكل سريع حتى يضمنوا نشر استخدامها على أوسع نطاق· ويقول أحد اليابانيين الذين دأبوا على اعتماد هذه الخدمة في تعاملاتهم اليومية: لم أضطر لاستخدام محفظتي المالية التقليدية طوال اليوم بعد أن أصبح استخدام الموبايل كبديل للبطاقات الائتمانية بمثل هذه الدقة والسهولة· ويعود الإطلاق الأول لـ(المحفظة المحمولة) إلى عام 2004 من قبل شركة (إن تي تي دوكومو)، وحيث حظيت في ذلك الوقت بالكثير من الإقبال والاهتمام· إلا أنها شهدت تراجعاً في الطلب على استخدامها في اليابان والعالم بعد ذلك، ولم تحقق النجاح الذي كان يتوقعه مخترعوها· وأصبح واحد فحسب من كل خمسة مشتركين في هذه الخدمة يستعملها كطريقة لدفع ثمن المشتريات في اليابان· ويقول تقرير نشرته مجلة (نيوزويك) في عددها الأخير إن هذا الواقع يتغير الآن بسرعة كبيرة، حيث يزداد الإقبال على مثل هذه الخدمات الجديدة بشكل سريع، حتى أن اليابانيين يعتبرون عام 2007 عام (المحفظة الإلكترونية)· وكانت سلسلة محلات البيع بالتجزئة (سفن إليفن) قد أطلقت مؤخراً نظامها الخاص لخدمات الأموال الإلكترونية، وسوف تحذو حذوها سلسلة مراكز بيع البقالة (أيون) قبل نهاية العام الجاري· ومن المنتظر أن تتسع رقعة استخدام البطاقات الائتمانية المحمولة على الموبايل حتى تغطي المزيد من الخدمات الجديدة· ومنها مثلاً استخدامه في تسجيل أوقات دخول وخروج الموظفين في المؤسسات والشركات والدوائر الحكومية والخاصة· ومما يشجّع على نشر هذه التطبيقات أن الطاقة التخزينية لبطاقات الموبايل ازدادت مؤخراً للدرجة التي تسمح بتوسيع استخدامه إلى العديد من مثل هذه المجالات والخدمات المفتوحة· ويقول تقرير (فاينانشيال تايمز): إن مما لا شك فيه أن مثل هذا التقاطع التكنولوجي أو العجز عن نشر مثل هذه الوظائف والخدمات الإلكترونية على المستوى العالمي لن يستمر طويلاً، حيث تشير التقارير إلى أن الموبايل سيستأثر قريباً بدور المحفظة الإلكترونية الجاهزة لاستبدال البطاقات الائتمانية لدفع الفواتير في كل مكان· ولا شك أن المحافظ الإلكترونية سوف تثوّر الطرق والأساليب التي ندفع بها الفواتير وأثمان الأشياء والخدمات التي نشتريها في المستقبل القريب· وأصبحت النماذج الأولى من الموبايل الصالح لدفع الفواتير بمجرد التلويح أمام القارئة المغناطيسية قيد التطوير الفعلي· ويقول كين إنه يأتي بهذا المثال البسيط للتأكيد على أن الكثير من الأجهزة المتقدمة التي نتوقع رؤيتها في المستقبل موجودة الآن بالفعل ومتداولة في بعض الأماكن أو في المختبرات على أقل تقدير· شيفرة الكمبيوتـــــــــــــر توفــــــــر التكلفـــــــة تمكن خبراء شركة (تيراديسي كوربوريشن) من ابتداع تكنولوجيا جديدة لتشغيل الكمبيوتر الشخصي تسهّل على المستخدمين رفع كفاءتهم في معالجة التطبيقات وتخفيض كل من الطاقة الكهربائية المستهلكة ومصاريف التشغيل وإصلاح الأعطال· وبدلاً من استخدام كمبيوتر شخصي كامل، يتم توصيل لوحة المفاتيح وشاشة الاستظهار (من دون وحدة المعالجة المركزية) بجهاز صغير يدعى (شيفرة الكمبيوتر الشخصي) ويتكفل بإرسال الإشارات بواسطة سلك إلى خادم إلكتروني مشترك (سيرفر) يتولى تشغيل البرامج التطبيقية· ويمكن استخدام العشرات من شاشات سطح المكتب المتصلة بـ(الشيفرات) بخادم إلكتروني مشترك وحيد بدلاً من استخدام وحدة معالجة مركزية ذص لكل جهاز· ويبدو تطبيق الفكرة بسيطاً من الوهلة الأولى، إلا أن الصعوبة الحقيقية تكمن في تحقيق الاستفادة القصوى التي تتيحها هذه التكنولوجيا والتي تتلخّص بتشغيل النظام حتى عندما تكون المسافة الفاصلة بين الخادم الإلكتروني وبقية الأجهزة المتصلة به عشرات أو حتى مئات الكيلومترات، بشرط أن يحتفظ الجهاز بقدرته العالية على معالجة واختزان المعلومات والبيانات والصور· ونقل تقرير كتبه دون كلارك، خبير الأجهزة الرقمية، في صحيفة (ذي وول ستريت جورنال) عن دان كوردينجلي، المدير التنفيذي السابق لشركة إنتل والذي يشغل الآن منصب المدير التنفيذي لشركة (تيراديسي)، قوله: إن الهدف الأساسي الذي تسعى إليه شركته يكمن في تذليل هذه الصعوبات، بحيث لا يشعر مستخدمو (شيفرة الكمبيوتر) بأي فرق عن استخدام كمبيوتر سطح المكتب العادي حتى عندما يكون الخادم الإلكتروني الذي يتكفل بتخزين وإمرار المعلومات التي يعالجونها بعيداً عنهم مئات الكيلومترات· وصرّح بعض المستخدمين الذين تلقوا دعوة من الشركة لاختبار هذه التقنية المثيرة بأنها سجلت بالفعل المستوى المطلوب من النجاح· وينقل التقرير عن جو ماكويد، رئيس شركة (ديفون آي تي) التي تتعاون مع شركة (آي بي إم) في تطوير التقنية الجديدة قوله: إن ما يمكن لهذه التقنية أن تفعله يعدّ أمراً غير قابل للتصديق· ويقول بروس كوهين، المدير العام التنفيذي لشركة (كليركيوب تكنولوجي) الرائدة في صناعة شفرات الكمبيوتر الجديدة: أعتقد أن هذه التقنية سوف تصيب مستخدميها بالذهول· ويرى العديد من الخبراء أن هذه الطريقة في الفصل بين (مجموعة التطبيق) التي تتألف من الشاشة ولوحة المفاتيح والفأرة، و(مجموعة المعالجة والتخزين) التي تتألف من (الخادم الإلكتروني)، يمكنها أن توفر الكثير من التكاليف بالنسبة للمؤسسات التي تستخدم عدداً كبيراً من الكمبيوترات· وتأتي مؤشرات أخرى للتغيير والتطور من شركة مايكروسوفت والشركات المتخصصة العاملة في وادي السيليكون، وخلال مؤتمر نظمته صحيفة (ذي وول ستريت جورنال) وتمحورت أشغاله على أحدث التكنولوجيات في صناعة تكنولوجيا المعلومات، كشفت مايكروسوفت عن نتائج بحث دام 6 سنوات وحظي بدعم شخصي من بيل جيتس رئيس الشركة· وتجلّت ثمرة البحث بظهور كمبيوتر جديد اتخذ شكل طاولة ذات سطح مستوٍ يمثل الشاشة اللمسية يمكن استظهار الملفات والصور عليها، وأطلق عليه اسم (مايكروسوفت سيرفيس كومبيوتر)، ويمكن ترجمة اسمه إلى العربية (كمبيوتر مايكروسوفت السطحي)، وهو أول كمبيوتر مصمم للإنتاج على المستوى التجاري في العالم· ويبلغ قياس شاشة استظهار الصور والنصوص فيه 30 بوصة، ويمكن للمستخدم التفاعل معه من خلال لمس الملفات برؤوس الأصابع· ولا تستخدم في الجهاز الفأرة (الماوس) ولا لوحة المفاتيح مما يسمح لمستعمله بالدخول المباشر إلى المحتويات الرقمية المخزونة في ذاكرته· وقالت مصادر شركة مايكروسوفت إنها حددت سعر الكمبيوتر السطحي الجديد بين 5 و10 الآف دولار بحسب المواصفات والخصائص التي يتضمنها، إلا أنها أشارت أيضاً إلى أنها ستعمد إلى تخفيض سعره للمستهلكين خلال السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة· ويعمل خبراء الشركة الآن على تصميم المزيد من (الموديلات) والأشكال الجديدة التي ينتظر أن تطرح في الأسواق قريباً· ويقول بعض الخبراء الذين تفحصوا (الكمبيوتر السطحي) الجديد بأنه مناسب لأعمال إدارة المؤسسات السياحية كشركات الطيران والفنادق والمنتجعات السياحية لأنه يتضمن البرامج التطبيقية التي تسمح للمستخدمين بحجز المقاعد أو الغرف المناسبة وشراء التذاكر بطريقة لاسلكية، كما يعدّ الجهاز مثالياً لممارسة الألعاب الإلكترونية وعرض الصور· ومن جهة أخرى، تعمل شركة متخصصة جديدة يوجد مقرها في كاليفورنيا على إنتاج كمبيوتر آخر له شكل قلم الحبر ويمكنه تسجيل البيانات المقروءة بطريقة صوتية ودمجها مع الرسائل المكتوبة· الموبايل دليل سياحي يرى أوجامبيرا، مدير قسم التكنولوجيا في نوكيا، أن مستقبلاً عظيماً ينتظر تقنيات التواصل والتفاعل بين البشر من خلال ابتكار التكنولوجيات التي يمكنها أن تدمج بين أجهزة الاتصال المتنقلة وخاصة الموبايل الذكي مع نظام (ويب 2,0)، ويقول في هذا الصدد: عندئذٍ سوف تحقق المجتمعات البشرية التي تستخدم الموبايل حاد الذكاء والمجهّز بتقنيات نظام تحديد الموقع والمتصل بالإنترنت نوعاً جديداً تماماً من التواصل والتفاعل بين الناس حيثما كانوا· وتتفق آراء معظم الخبراء الذين تناولوا موضوع التطور الكبير الذي ينتظر تحقيقه في تقنيات الاتصال والتواصل البشري، على أن الأيام والشهور المقبلة حبلى بالعشرات والمئات من الابتكارات الجديدة التي لا يعرف أحد لها حدوداً، ومن ذلك مثلاً أن أوجامبيرا تنبأ بأن السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة سوف تشهد ظهور أجيال جديدة من أجهزة الموبايل المدعّمة بتكنولوجيا التمييز البصري المتصلة بقاعدة بيانات ذكية· ويمكن لهذه الأجهزة أن تتعرف على أي مبنى أو مكان شهير بمجرّد تصويب الكاميرا نحوه مثل قصر باكنجهام أو مجلس العموم البريطاني في لندن· وبمجرد رؤية الكاميرا لمكان ما فإنها تعمد بطريقة آلية بحتة لاستحضار اسمه من قاعدة البيانات وكتابته في مكان مناسب على الصورة· وبهذا يكون الموبايل قد أضاف وظيفة الدليل السياحي إلى مئات الوظائف والخدمات الأخرى التي يتولى القيام بها الآن· وربما يأتي اليوم الذي ستكون فيه تقنية التمييز البصري لكاميرا الموبايل قد تطورت إلى الحدّ الذي يسمح للجهاز بالتعرف على الأشخاص ذاتهم بشرط أن تكون صورهم الشخصية الواضحة قد أدخلت مسبقاً إلى قاعدة البيانات·وعندما يجول أوجامبيرا في ذهنه ويحكّ رأسه وهو يتخيّل المزيد من الوظائف والابتكارات المقبلة في عالم الأجهزة والتكنولوجيات الذكية فإنه يصل إلى الاستنتاج الذي يفيد بأن نقطة تحوّل رئيسية تنتظر هذا العالم الذي نعيش فيه عندما ستتركز جلّ الخدمات والتطبيقات المعقدة التي تنطوي عليها الإنترنت على خدمة الموبايل بدلاً من الكمبيوتر الثابت لسطح المكتب· وهذا يعني بتعبير أبسط أن معظم الخدمات والتطبيقات التي ينطوي عليها الموبايل ستتم في المستقبل ضمن بيئة الإنترنت· ويمكن القول بمعنى آخر إن كل موبايل شخصي سوف يتحول إلى خادم إلكتروني (سيرفر) لشبكة الويب·ووفقاً لما يقوله العديد من الخبراء فنظهور التطبيقات الخاصة الأولى لنظام (ويب 2,0)، مثل خدمات مواقع الشبكات الاجتماعية ومن أهمها موقع (يو تيوب) الذي اكتسب شعبية كبيرة عبر العالم من خلال ما يتيحه لمستخدميه من فرص لتحميل وتبادل ومشاهدة أغاني (الفيديو كليب)، وخدمات موقع (ماي سبيس) المتخصص بتكوين شبكة للتواصل الاجتماعي والذي يقدم لمستخدميه فرصة التعارف وتبادل الصور والرسائل والأغاني الصوتية والمصورة، وبقية خدمات مواقع التواصل عن طريق الشبكات الاجتماعية، تمثل جميعاً أكبر تحوّل شهدته صناعة تكنولوجيا المعلومات منذ ظهورها في حيّز الوجود خلال سنوات الثمانينات من القرن الماضي وحتى الآن· الشبكات الاجتماعية ··تواصل وبيزنس أصبح مصطلح (الشبكات الاجتماعية) كثير التداول في عالم الخدمات المتطورة للإنترنت· وهو يعني تأسيس المواقع على شبكة الإنترنت بحيث تتكفل بمهمة تحقيق الكثير من أوجه التواصل الاجتماعي بين البشر· وهناك العديد من الشركات السبّاقة إلى استغلال الفكرة التي حققت أرباحاً طائلة من إطلاق هذه الخدمات مثل موقع (يوتيوب) الذي يشغله فريق يتألف من ثلاثة مبتكرين طموحين كانوا يعملون لصالح شركة (باي بال) في كاليفورنيا· ويحقق الموقع للمشتركين خدمة تبادل وتحميل ومشاهدة أفلام الفيديو والصور الثابتة والنصوص والملفات والأغاني المصورة· ويشرف على تشغيله في الوقت الراهن 67 موظفاً، وكان قد حاز في عام 2006 على لقب (ابتكار العام) الذي تمنحه مجلة (تايم)· وفي أكتوبر من العام الماضي أعلنت شركة (جوجل) عن التوصل لاتفاق مع شركة (يوتيوب) للاستحواذ عليها مقابل ما يقرب من 1,65 مليار دولار وتم التصديق على الصفقة في 13 نوفمبر من عام ·2006 ويعد موقع (ماي سبيس) من المواقع ذات الشعبية الواسعة وهو متخصص بتحقيق التواصل بين المشتركين من خلال تبادل الرسائل والصور والقطع الموسيقية وأفلام الفيديو والأغاني ليشبه بذلك (يو تيوب)· وتتخذ الإدارة المركزية للموقع من ضاحية بيفرلي هيلز الشهيرة في ولاية كاليفورنيا مقراً لها· وتعود ملكيته لشركة (فوكس إنتر أكتيف ميديا)· ووفقاً لإحصائية أنجزتها مؤسسة (أليكسا إنترنت) فإن (ماي سبيس) يصنّف في المرتبة السادسة على المستوى العالمي كأكثر المواقع الناطقة بالإنجليزية شعبية، فيما احتل المرتبة الثالثة في قائمة أهم مواقع الإنترنت في الولايات المتحدة· ويستأثر (ماي سبيس) بنحو 80 % من عمليات الدخول إلى المواقع الاجتماعية العالمية· وتحصد الشركة التي تشغله مبالغ طائلة من وراء هذه الخدمة· ويعمل في تشغيله طاقم يتألف من 300 موظف· ومما قد يعبر بشكل أوضح عن مدى شعبية الموقع أن عدد المشتركين فيه فاق 100 مليون في 9 أغسطس من عام 2006 ثم قفز إلى 106 ملايين في 8 سبتمبر من العام ذاته بزيادة بلغت 230 ألف مشترك يومياً· صناعة المحمول على صفيح ساخن أحدث إطلاق جهاز الموبايل والتراسل النصّي اللاسلكي عبر الإنترنت مؤخراً ضجة عالمية واسعة· ولم يكن خبراء شركة (آبل) يتصورون أن يلقى مثل هذا الإقبال الواسع النطاق عند إطلاقه رسمياً في 29 يونيو الماضي· ويعد من أهم الأجهزة التي أطلقتها شركة (آبل) في الأسواق· ويتميز بشاشته العريضة ويجمع وظائف الموبايل و(آي بود) والتراسل النصّي الفوري عبر الإنترنت· وهو متوفر بنسختين بسعر 499 دولاراً للأولى و599 دولاراً للثانية· ويتميز بشاشته الواسعة التي يبلغ قطرها 8,9 سنتمتر وبوضوح صورته الذي يبلغ 320 في 480 لكل 160 بيكسيل في البوصة المربعة ويتم إدخال المعلومات إليه باللمس المتعاقب وهو يعمل بنظام التشغيل: Mac OS-X ويبلغ حجم الذاكرة في نوعيه: 4 جيجا بايت أو 8 جيجابايت، ويعمل بتقنيات بثّ نظام GSM بحزمة (كواد- باند) وبتواتر: (850 و900 و1800 و1900) ميجاهرتز· ويجمع (آي فون) الذي يبلغ وزنه 135 جراماً بين وظائف الموبايل وشاشة (آي بود) وجهاز الاتصال بالإنترنت ويتم تشغيل كل وظائفه بتقنية لمس الشاشة· ويقول تقرير لصحيفة (ذي وول ستريت جورنال) إن الجهاز يفتح آفاقاً جديدة في صناعة الاتصالات اللاسلكية الفردية· وبالرغم من أن الشركة تتوقع أن تحصد الكثير من العوائد السوقية بسبب استفرادها بطرح أول جيل منه في الأسواق، إلا أنها ستفاجأ بوجود الكثير من المزاحمين على صناعة مثل هذا الجهاز الذي يمكنه مكاملة وظائف الموبايل والكمبيوتر والكاميرا الرقمية وأجهزة تشغيل الموسيقى والفيديو· وبدأت شركة نوكيا الفنلندية ببيع هاتف خليوي أطلقت عليه اسم (نوكيا إن95) ويعد الأكثر تطوراً في هذه الصناعة منذ انطلاقها للمرة الأولى قبل نحو عقدين من الزمان· وهو يشبه جهاز (آي فون) الذي ابتدعته (آبل) من حيث التنوّع الكبير للأيقونات والألوان الزاهية التي تنتشر في أرجاء شاشته الواسعة ويمكنه الإبحار في الويب وتشغيل الموسيقى وعرض أفلام السينما وأقراص الـ(دي في دي) والفيديو· وآثرت شركة (إل جي إلكترونيكس) عدم الاكتفاء بمراقبة هذه التطورات ذات المظهر التنافسي الحاد، فعمدت إلى طرح أحدث هاتف خليوي مجهز بأول شاشة تعمل بطريقة اللمس برؤوس الأصابع في الأسواق الآسيوية والأوروبية· ويذكر أن شركة (برادا) لتصميم الأزياء أسهمت مع شركة (إل جي) في تصميم السطوح التشكيلية للجهاز الجديد، ولهذا أطلقت عليه الاسم المشترك (إل جي برادا)· ومن المنتظر أن تطرح (إل جي) الجيل الأكثر تطوراً من هذا الجهاز الجديد في الأسواق الأميركية خلال الأشهر القليلة المقبلة· وفي تايوان، عمدت شركة (إتش تي سي كوربوريشن) قبل بضعة أيام إلى إطلاق موبايل جديد تحت اسم (تاتش) أو (إلمس) في الأسواق الأوروبية والآسيوية، وهو يسمح لحامله بفتح الملفات من خلال الأيقونات الملونة المنتشرة على شاشته بطريقة اللمس برؤوس الأصابع وبتقنية مشابهة لتلك التي يتميز بها جهاز (آي فون)· وأدلت شركة (سامسونج) الكورية بدلوها في هذه الصناعة الدقيقة عندما أطلقت في الأسواق مؤخراً الموبايل الموسيقي الأكثر رقّة الذي يعرف باسم (آبستيج)· وهو الذي فضل بعض الخبراء أن يطلقوا عليه لقب (الجهاز الأصغر من دون منازع في عالم صناعة الموبايل)· الهواجس الأمنية تتزايد و البلاك بيري ممنوع في الإليزيه عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ بمستقبل الأجهزة الإلكترونية، فإن نظرة الخبراء إلى الأمر تختلف بحسب طبيعة خبراتهم· ومن ذلك مثلاً أن أوجامبيرا، مدير قسم التكنولوجيا في شركة نوكيا الفنلندية، يتوقع ظهور نوع من (الموبايل) المصنوع من مواد عالية المرونة كالمطاط الطبيعي تجعله قابلاً للطي والعجن والتشكيل والتطويل والتقصير ليشبه بذلك (معجونة التشكيل) أو (الماستيك) التي يستخدمها الأطفال في المدارس· وفيما يبدو بعض الخبراء غارقين في تصور الأشكال والأوصاف والخصائص المدهشة التي ستصبح عليها أجهزة المستقبل الرقمية، فإن بعضهم الآخر يفضل النظر إلى الجانب السلبي في الموضوع عندما يتنبأون بانتهاء عصر الحريات الشخصية بسبب التطور السريع الذي تشهده صناعة كاميرات الفيديو وخاصة من حيث زيادة إمكاناتها وتصغير حجومها إلى الحدود التي تجعلها خافية تماماً عن الأعين، وسوف يكون في وسعها اختراق أصغر الأمكنة وأكثرها خصوصية لتقوم بالتقاط الصور والأفلام للأشخاص من دون علمهم· ولا شك أيضاً أن تقنيات التنصّت على المواد والمعلومات التي يتم تبادلها عبر البريد الإلكتروني سوف تتطور بدورها إلى الحدود التي ستجعل من مسألة الحفاظ على سرية المعلومات مشكلة مستعصية بالنسبة للأفراد والمؤسسات العامة والخاصة على حد سواء· وهناك الكثير والكثير مما يقال بشأن الخوف على خصوصية المعلومات والبيانات السرية بعد ابتكار هذه الباقة المتنوعة من الأجهزة اليدوية المحمولة مثل الموبايل متعدد الوظائف وجهاز (إم بي3) و(آي بود) و(آي فون) واللاب توب، والتي تم تصميمها جميعاً دون أخذ مشكلة أمن المعلومات بعين الاعتبار· وفيما مضى كان نشاط لصوص المعلومات يقتصر على سرقة البيانات والصور الثابتة، ولكنهم الآن قادرون على سرقة الأصوات وأشرطة الفيديو التي أصبحت شائعة الاستخدام والتناقل في هذه الأجهزة· ويضرب كريسبين أوبريان، الرئيس والمدير العام لمجموعة (كي بي إم جي) الاستشارية أحد الأمثلة لهذه الأخطار في حواره مع الصحيفة في ردّه على سؤال حول ما إذا كان هناك أي مستقبل ينتظر الهاتف الثابت وكمبيوتر سطح المكتب فأجاب: هناك الكثير جداً من الأخطار الكامنة في استخدام هذه الأجهزة، ولو أنت نسيت اللاب توب في المقعد الخلفي لسيارتك عندما تتركها في مكان عام، فستكون قد عرضت نفسك لأخطار عظيمة، ولا شك أن تقنيات تشغيل الموبايل والأجهزة الحساسة الأخرى مثل بلاك بيري تتطلب الكثير من العمل الابتكاري الذي يضمن في النهاية تحقيق أمن وسلامة المعلومات التي يتم تناقلها عبرها· وأشار التقرير إلى أن القرار الذي اتخذته المصالح الأمنية الفرنسية مؤخراً بمنع استخدام جهاز (بلاك بيري) في قصر الإليزيه ومكاتب رئاسة مجلس الوزراء يعد أكبر دليل على خطورة الموقف· وتمكن رجال الاستخبارات الفرنسية مؤخراً من التعرف على أوجه الخطر الكامنة في جهاز (بلاك بيري) الذي لا يزيد وزنه عن 150 جراماً، ويمكنه أن يبحر في صفحات الويب وأن يرسل ويستقبل البريد الإلكتروني، وهو أيضاً جهاز موبايل فائق الذكاء· وتكمن الخطورة الأمنية للجهاز في أنه يعد وسيلة ممتازة لنسخ وإرسال أخبار وأسرار المؤسسات والشركات من قبل الموظفين المتواطئين مع جهات أو أجهزة أجنبية، كما أن معلوماته ذاتها تمر عبر خوادم إلكترونية (سيرفرز) تشرف عليها أميركا وبريطانيا· وأشارت صحيفة (لوموند) الفرنسية إلى أن الأمانة العامة للدفاع الوطني في فرنسا عمدت إلى اتخاذ قرار يقضي بحظر استخدام (بلاك بيري) داخل القصر الجمهوري والوزارات الحكومية· وكشفت الصحيفة عن سرّ خطير يفيد باكتشاف حالات كثيرة كان يتم فيها نقل معلومات وبيانات حكومية حساسة عبر أجهزة (بلاك بيري) إلى جهات حكومية في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا· وبالرغم من أن (بلاك بيري) أكثر تداولاً في الولايات المتحدة مما هو في فرنسا، إلا أنه أصبح يحظى بشعبية متزايدة وخاصة في أوساط المدراء التنفيذيين للشركات والمحامين والكثير من الفئات والشرائح الاجتماعية والاقتصادية الأخرى بمن فيهم البيروقراطيون الحكوميون والشخصيات السياسية· وكانت شركة (أورانج) الفرنسية للاتصالات التابعة لمؤسسة (فرانس تيليكوم) التي تشرف على تشغيل أنظمة وخدمات الموبايل في فرنسا، قد بدأت بطرح خدمة (بلاك بيري) قبل ثلاث سنوات· وقال جان ماري كولبين، نائب رئيس شركة أورانج فرانس، في نشرة صحفية وزعت لتعريف الفرنسيين بالخدمة الجديدة عند إطلاقها في عام 2004: أصبح الدخول السهل لمستهلكي خدماتنا إلى البريد الإلكتروني بمثل أهمية الاتصال أو تلقي المكالمات الهاتفية الثابتة· وتضمن هذه الخدمة لزبائننا الاستفادة من خيارات كثيرة ومتعددة مطروحة أمامهم للدخول إلى المعلومات وتناقلها· ويخلص تقرير صحيفة (فاينانشيال تايمز) من هذا العرض إلى أن من الخطأ قصر النظر إلى هذه الأجهزة على النواحي الإيجابية وحدها، خاصة أنها فتحت آفاقاً جديدة للتواصل البشري وإغفال التحديات الكبيرة التي يخلقها استخدامها وانتشارها على نطاق واسع·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©