الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التأثر بـ النجوم

13 يوليو 2007 02:08
مما لا شك فيه أن الإنسان يتأثر بمن حوله من أشخاص وأحداث وأشياء·· والإنسان المتوازن يتأثر ويؤثر·· وهذا يعني أن التقليد يمكن أن يكون طبيعياً، حيث يتأثر الانسان بأفكار من حوله وسلوكهم وتصرفاتهم وثيابهم وغير ذلك، وهذا يساهم في قبوله في الجماعة التي ينتمي اليها ويعزز مكانته فيها، ويعتبر ذلك نوعاً من التكيف الاجتماعي الناجح· والطفل أكثر تأثراً من البالغ الراشد فهو يقلد أكثر لأن معلوماته وخبراته قليلة، وعندما يكبر فهو يصبح أقل تأثراً وتقليداً وأكثر تأثيراً واستقلالية· والتقليد بالمعنى المرضي يعني التأثر الشديد بالآخرين، والبحث عن تقليدهم في الملبس والشكل والهيئة وطريقة الكلام، وفي المسكن والمشتريات وغير ذلك، دون أن يكون في ذلك مصلحة حقيقية أو نفع أو ملاءمة لشخصية الانسان وظروفه الخاصة· ومن ذلك تقليد شخصية مشهورة أو مذيعة·· حيث تبذل الفتاة جهوداً كبيرة في التقليد من حيث المظاهر لتصبح شبيهة ''بالبطلة''، دون الوصول إلى المضمون الايجابي والمفيد لتلك الشخصية·· وكثيراً ما يسعى الناس وراء الموضات والمظاهر والتقليد وهم يظنون أنهم أصبحوا أحسن حالاً وأنهم امتلكوا النجاح والمنزلة والشهرة·· ولكنهم في الحقيقة يتعلقون بقشور وأوهام ويضيع منهم الجوهر والمضمون، مما يجعل معاناتهم مستمرة·· فلا يرتوون ولا يشعرون بالرضا الحقيقي عن أنفسهم وظروفهم· والتعلق بـ ''النجوم'' و''الأبطال'' ظاهرة اعتيادية في مرحلة المراهقة·· وتختلف المجتمعات في نجومها وأبطالها وفي صفاتهم وسلوكهم·· والتعلق يرضي حاجات نفسية عميقة ترفع من قيمة الذات وتشعرها بالقوة والرضا·· والقدوة الحسنة مطلوبة دائماً·· ولابد من الاختيار الناجح للنجوم والأبطال وللقدوة الحسنة· وعادة يقلد الأضعف الأقوى ويتأثر به كما يقلد الصغير الكبير، لأنه يشعر بالنقص والضعف ويتمنى أن يتخلص من ضعفه ونقصه من خلال التشبه والشبه·· ويحقق ذلك درجة من الرضا والاطمئنان المؤقت·· وفي الجانب الآخر يمكن أن يكون التقليد دافعاً للجد والتحصيل واكتساب المهارة والقدرات·· وفي ذلك دفع ايجابي وطبيعي ومطلوب·· والانسان يسعى للأفضل والأحسن دائماً·· ولابد من التفريق بين تقليد القوالب الجامدة الشكلية الفارغة، وبين الوصول إلى المضمون الأقوى والأنجح من خلال الجد والتحصيل والعمل· ويلعب الحسد والتنافس دوراً مهماً في التقليد حيث يقلد البعض أعمال الآخرين الناجحة ولكن بشكل مزيف·· لأنه لا يمتلك جوهر النجاح من حيث الموهبة والدأب والمثابرة والإمكانيات·· وأخيراً·· لابد للإنسان من أن يبحث عن ذاته وأن يفهمها ويطورها ويغذيها بما يناسبها من خلال الجد والكفاح والطموح والتحصيل في كافة المجالات المفيدة والبناءة بعيداً عن التقليد السطحي وعن القشور الهشة التي لا تسمن ولا تغني من جوع· مريم حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©