الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

توقعات بزيادة موجة الاندماجات في مختلف القطاعات الاقتصادية

توقعات بزيادة موجة الاندماجات في مختلف القطاعات الاقتصادية
13 يوليو 2007 23:48
أكد عدد من الخبراء والمسؤولين أهمية التوجه نحو الاندماج لمواجهة تحديات المنافسة الإقليمية والعالمية وتلبية حاجات التنمية الاقتصادية التي تشهدها دولة الإمارات في الفترة الحالية· وقال خبراء مشاركون في الجزء الثاني من استطلاع ''الاتحاد'' الأسبوعي عن اندماج الكيانات الاقتصادية: إن المشاريع العمرانية والعقارية الضخمة تفرض اندماج الشركات والبنوك الكبيرة موضحين أن النظام المصرفي غير قادر على تلبية متطلبات تمويل المشاريع الضخمة التي تعلن عنها الشركات يوماً بعد يوم، ولذلك لجأت بعض الشركات العقارية العملاقة إلى إصدار سندات دين تتراوح مدتها بين 3 إلى 5 سنوات لتوفير الأموال اللازمة لتمويل المشاريع التي تقوم بها· وأشار مشاركون في الاستطلاع إلى أن سياسة اقتصاد السوق تدفع نحو اندماج الشركات حيث لا مجال للكيانات الصغيرة أمام الكيانات العملاقة العالمية، داعين إلى البحث عن كيانات عملاقة في دولة الإمارات لتصمد أمام المنافسة محلياً وعالمياً· وقال عدد من المشاركين في الاستطلاع إن قطاع الخدمات والمصارف من أول القطاعات المرشحة، معللين ذلك بأن البنوك تأتي في المقدمة لأهميتها في عمليات التمويل، مؤكدين أن عملية الاندماج تتوقف على واقع وفلسفة عمل كل قطاع، مشيرين إلى أن العملية ليست مرتبطة بالعدد بل بإمكانات كل قطاع· وأكدوا أهمية تجنب المشاكل والمعوقات التي تنشأ عن الاندماجات مثل عدم التقييم العادل للكيانات المندمجة، وضرورة معرفة معوقات الإنتاج والحد من الآثار السلبية مثل التخلي عن جزء من العمالة بحجة التوفير وضمان خلق إدارة ذات كفاءة عالية للكيان المندمج، مؤكدين أن عنصر الإدارة هو الأهم لأنه هو القادر على مزج باقي عناصر الإنتاج للوصول إلى الأهداف المرجوة· ودعا باحثون وخبراء إلى تشخيص الانعكاسات المحتملة للاندماجات على اقتصاد الدول، وتدريب العمالة الفائضة جراء عمليات الاندماج والتملك، وإصدار قوانين منع الاحتكار، وتطبيق أحكامها على عمليات الاندماج والتملك المصرفيين، وإجراء تغييرات هيكلية مالية وإدارية للمصارف المرشحة للاندماج حتى لا يتم دمج المصارف الضعيفة أو التي لا تعاني اختلالات جوهرية، بالشكل الذي يضمن نجاح العمليات الاندماجية· دعا الدكتور احمد البنا، رجل الأعمال والخبير الاقتصادي، الشركات والمؤسسات الوطنية إلى النظر في خطط واستراتيجيات تحقق اندماجات بين الكيانات الاقتصادية المختلفة خلال المرحلة المقبلة خصوصاً في القطاع المصرفي والشركات المتخصصـــة في قطــــاع تجارة الخدمات· وقال البنا إن الحاجة ستتزايد خلال المرحلة المقبلة لتشكيل كيانات اقتصادية قوية وصلبة وقادرة على منافسة الشركات والمؤسسات العالمية التي ستدخل أسواق الدولة والمنطقة، مشيراً إلى أن الخطوة التي اتخذها كل من بنكي الإمارات الدولي ودبي الوطني بالمباشرة في عمليات الدمج كان قراراً إيجابياً وفي محله· وأضاف: اعتقد أن عمليات الدمج بين الشركات والمؤسسات أصبحت مهمة جداً في المرحلة الراهنة سواء على مستوى دولة الإمارات أو المنطقة العربية بشكل عام، بهدف الوقوف بشكل قوي أمام منافسة الشركات العالمية الكبرى ذلك في مختلف القطاعات الاقتصادية التي تطالب منظمة التجارة العالمية بفتحها أمام المنافسة الخارجية من دون قيود من الدول والحكومات، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي يعد احد أهم هذه القطاعات، حيث توجد التزامات دولية على دولة الإمارات بفتح القطاع المالي وعدد من القطاعات الاقتصادية الأخرى أمام الشركات والمؤسسات الأجنبية ومتعددة الجنسيات، والتي تضم شركات كبيرة الحجم وتستطيع الاستحواذ على حصص كبيرة من الأسواق المحلية، مشيراً إلى أن قرار الدمج بين بنكي الامارات الدولي ودبي الوطني يعد من أهم القرارات والخطوات التي تم اتخاذها في هذا الخصوص· وقال أحمد البنا: لا يقتصر الأمر على القطاع المصرفي، فهناك قطاعات أخرى يجب النظر إليها بعين الاعتبار من خلال جدول التزامات الدولة والاتفاقيات الدولية الرئيسية لفتح القطاعات الاقتصادية أمام المنافسة الأجنبية، مشيراً إلى أن هناك 4 أعمدة رئيسية ضمن منظومة منظمة التجارة العالمية تشمل اتفاقية الجات الخاصة بالتجارة والتعرفة الجمركية، إلى جانب اتفاقية (جاتز) لتجارة الخدمات والتي تعد أهم وأبرز اتفاقية يجب النظر إليها، بالإضافة إلى اتفاقية حقوق الملكية الفكرية والتي تعد أبرز الاتفاقيات في هذا الخصوص· وقال البنا: بالنسبة لنا في دولة الإمارات يكمن بيت القصيد في اتفاقية تجارة الخدمات، فبعد الجولة الأخيرة لمنظمة التجارة العالمية في العاصمة القطرية الدوحة، أصبحت هناك ضغوط من الدول والاقتصاديات الكبيرة في العالم لفتح المجال أمام المنافسة من دون عوائد في الدول المضيفة، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية تشمل مجالات عدة منها النقل وكل ما يتعلق به من تخليص وخدمات وغيرها وهو مجال يجب النظر إليه بعين الاعتبار، بالإضافة إلى قطاع العقار والمقاولات الذي توجد التزامات دولية بتحريره، إلى جانب قطاع التأمين وإعادة التأمين وقطاع الخدمات بشكل عام والتي تشمل خدمات التجارة والاستشارات بمختلف أنواعها بما فيها الاستشارات الهندسية والقانونية والإدارية والتسويقية وغيرها، مؤكداً أن هذه القطاعات ستكون الأكثر تأثراً بفتح المنافسة الأجنبية وبالتالي فالحاجة إلى الاندماجات فيها أكثر من غيرها· وقال البنا: نأمل أن نرى اندماجات أخرى سواء في القطاع المصرفي أو في المجالات الأخرى، وعلى الشركات النظر بجدية في هذه الخطوات وخصوصاً العاملة في قطاع الطيران والنقل والمقاولات والتأمين، فقد أصبح من الضروري أن نخلق شركات متينة وصلبة وقادرة على منافسة الشركات والمؤسسات العالمية الكبرى· توقع الدكتور محمد العسومي، الخبير الاقتصادي، أن تشهد دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، عمليات اندماج بين المؤسسات والشركات العاملة في قطاع البنوك والخدمات المالية خلال المرحلة المقبلة، سواء بين مؤسسات في داخل كل دولة أو بين مؤسسات خليجية تعمل في مجال واحد، بعد الخطوات التي اتخذها كل من بنكي الإمارات الدولي ودبي الوطني للاندماج في كيان مصرفي واحد· وقال العسومي: إن عمليات الاندماج في القطاع المصرفي ستقلل تكلفة الخدمات على البنوك بنسب تتراوح بين 25% و30% على الأقل، مشيراً إلى أن هذا التوجه يتيح أمام البنوك قدرات أفضل في الجوانب المالية والفنية وتنوع الخدمات وجودتها وتقليل تكاليفها، خصوصاً أن هذه العوامل لا تتوافر إلا في المؤسسات المالية الكبرى، وهو ما سيعطيها قدرة أكبر على منافسة المؤسسات العالمية العاملة في هذا المجال· وأضاف: هناك تغير في قطاع الخدمات على مستوى العالم وخصوصاً في القطاع البنكي والخدمات المالية، فهناك اتجاه عالمي قوي نحو تحرير القطاع، وعلى الرغم من وجود صعوبات تواجه هذا التغير إلا أن هناك انفتاحاً في هذا الجانب في الوقت نفسه· وقال العسومي إن السنوات المقبلة ستشهد منافسة قوية على المستويين المحلي والخارجي في قطاع البنوك والخدمات المالية، ما يتطلب من المؤسسات العاملة في هذا القطاع أن تكون قادرة على المنافسة من ناحية القدرات المالية والفنية وتنوع الخدمات وتكاليفها بما يتناسب مع المستويات العالمية مع التركيز على جانبي الجودة والتكلفة، وإذا تمكنت هذه المؤسسات من تحقيق ذلك ستتمكن من المنافسة محلياً وخارجياً، أما إذا لم تنجح في ذلك فستتعرض لمنافسة قوية من جانب المؤسسات العالمية مستقبلاً· وأضاف: للوصول إلى ذلك لا بد من توافر إمكانات غير متوافرة إلا لدى المؤسسات الكبرى، واعتقد أن التوجه الذي اتخذه بنكا الإمارات الدولي ودبي الوطني هو توجه صحيح سيتيح قدرات أكبر وخدمات أكثر تنوعاً وأقل تكلفة· وشدد العسومي على أن أي عملية اندماج قادمة يجب أن يكون هدفها هو تحسين القدرة على المنافسة، وليس لمجرد الرغبة في الاندماج، وهو ما يتطلب اعتماد المعايير العالمية السليمة في أي عملية تتم في هذا الجانب· 30% خفضاً في تكلفة الخدمات محاولة جادة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي موضوع دمج البنوك من أكثر الموضوعات المثيرة للجدل حيث يرى البعض أنه يحقق العديد من المزايا الناتجة عن اقتصاديات الحجم الكبير واقتصاديات المجال وزيادة الكفاءة، بينما يرى البعض الآخر أن هناك بعض عمليات دمج لم تحقق هذه الآثار، وتفاوتت الدراسات في هذا الشأن حيث خضعت في الأساس إلى توجهات اقتصادية متباينة· بدأت الظاهرة على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأميركية في عقد الثمانينات في أعقاب التحرر من القيود المصرفية التي كانت مفروضة على البنوك وكذلك في أعقاب أزمة الـ شبزةئش (اتحادات الائتمانات وبنوك القروض والادخار) التي تعرضت لها نسبة كبيرة من البنوك الصغيرة· وساعدت بعض التطورات على المستوى العالمي على تزايد ظاهرة دمج واستحواذ البنوك لعل أهمها زيادة درجة التحرير المالي على المستوى الوطني والدولي والتقدم التكنولوجي الهائل في مجال الاتصالات والصناعة المالية والمصرفية· ونظراً لأن تلك العمليات تعتمد دائماً على أسس اقتصادية تسعى إلى زيادة الكفاءة، فقد تزايدت في الدول المتقدمة، ما أدى إلى الاستغناء عن عدد كبير من العاملين في القطاع المصرفي على مستوى العالم· ويشير المحللون إلى أن تعزيز هذا الاتجاه في العديد من الأسواق الناشئة نتج عن الحاجة إلى إعادة هيكلة النظام المصرفي والذي تأثر بشدة بالأزمات المالية وخصوصاً في النصف الثاني من عقد التسعينات، الأمر الذي أدى إلى خفض العمالة المستغنى عنها إلى أقل حد ممكن، بل تم التوصل إلى اتفاقيات بموجبها جمدت مستويات التوظف، ورأت السلطات والمشاركون في هذه الأسواق أن اندماج هذه المؤسسات يعتبر العامل الرئيس في بقائها قادرة على المنافسة في ظل تسارع وتزايد عولمة الخدمات المالية· على جانب آخر وفي أغلب الاقتصاديات الناشئة يوجد ثلاثة أو أربعة بنوك تجارية كبيرة، وعدد كبير من البنوك الصغيرة، ترجع ملكية معظمها إلى العائلات أو القطاع العام· وتختلف الربحية بين البنوك بدرجة كبيرة حيث تحصل بعض البنوك على عوائد مرتفعة ولكنها لا تعمل بكفاءة، بينما تنافس البنوك الأخرى بضراوة للحصول على جزء هامشي من السوق فضلاً عن بعض البنوك التي تعمل بمستويات منخفضة من التكنولوجيا أو المخترعات المالية· وفي رصد لدوافع الدمج والاستحواذ تبرز الدروس من التجارب الدولية، حيث تنقسم إلى دوافع داخلية متعلقة بتعظيم القيمة، وذلك في حالة وجود أسواق رأسمال كاملة، فإن الحافز الرئيس لأنشطة المؤسسات المالية هو الرغبة في تعظيم القيمة لحاملي الأسهم· ويؤدى الدمج والاستحواذ إلى خفض التكاليف لأسباب منها الاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير أي انخفاض تكلفة الوحدة بسبب زيادة حجم العمليات وخفض الالتزامات الضريبية وزيادة القوة الاحتكارية مما يجعل المؤسسات محل الدمج في وضع أفضل لشراء المدخلات بأسعار أقل، وامكانية دخول المؤسسات المالية إلى مناطق جغرافية جديدة أو أسواق منتجات بتكلفة أقل· وهناك بعض العوامل الخارجية التي شجعت عمليات دمج واستحواذ البنوك وكذلك المؤسسات المالية الأخرى، ولا ترتبط تلك العوامل بظروف وقتية معينة مثل أوقات الأزمات المالية، ولكنها العوامل التي لعبت دوراً مهماً في تسارع ظاهرة دمج واستحواذ البنوك وتتضمن التقدم التكنولوجي، والتخلص من القيود والعولمة· وتستفيض الدراسة في طرح مدى تأثير التقدم التكنولوجي في إعادة هيكلة الخدمات المالية، وتقديم أدوات مالية واستثمارية جديدة مثل المستشفيات وبطاقات الائتمان وتنامي الضمانات خارج الميزانية، وفي ظل العولمة انفتحت الأسواق وأصبحت تكاليف الاتصالات مشجعة على الانخراط في العولمة، وهي أحد العوامل المهمة في تشجيع دمج واستحواذ البنوك وخاصة حالات الدمج عبر الحدود للاستفادة من الأسواق المفتوحة· وعلى الرغم من تشابه العوامل الدافعة إلى اندماج المؤسسات المالية بين الدول المتقدمة والنامية، إلا أن هناك بعض الاختلافات مثل أن تكون في الدول المتقدمة وسيلة للتخلص من فائض الطاقة بدرجة أكبر من الكفاءة مقارنة بالإفلاس وبالنسبة للدول النامية يعتبر الاندماج حلاً للأزمات المالية· ظاهـــــرة عالميـــــة قال غسان العريضي الرئيس التنفيذي لشركة ألفا تورز: تمثل الاندماجات ظاهرة عالمية تتوسع يوماً بعد يوم، بهدف إيجاد كيانات اقتصادية وإنتاجية وخدمية جديدة، كما أنها تلعب دوراً في تعزيز المنافسة بين المؤسسات والاستحواذ على حصص كبيرة من الأسواق كل حسب قطاعه، ولاشك في أنه أمر تفرضه التحديات الراهنة وظروف ومستجدات العولمة، والتي أصبحت النمط الاقتصادي الرئيس المعاش، ولا مفر من التعامل والتعاطي مع هذه الخيارات· وأضاف: لاحظنا في الفترة الأخيرة حديثاً وإجراءات جديدة في مجال الاندماجات، وهو ما يمثل إرهاصات بل خطوات نحو الاقتصاد العالمي الجديد، والذي ينفتح على العالم من دون حدود، ويجسد العولمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولا شك في أن خطوة اندماج بنكي الإمارات الدولي ودبي الوطني ما هي إلا بداية نحو الطريق الذي تستطيع به الإمارات أن تنافس في مختلف المجالات على المستوى العالمي· ويؤكد العريضي أن القضية لا تتوقف عند شكل الاندماج في صورته النهائية، بل يمكن أن تكون هناك آليات تعاون بين المؤسسات والشركات في مشروعات وبرامج إنتاج وخدمات للتعرف إلى السوق ومتطلباته، ويمكن أن تكون مثل هذه الخطوات خطوة وبداية نحو سياسة الاندماجات· ونوه إلى أننا بحاجة إلى الوعي والتثقيف بما يمكن أن نسميه بثقافة الاندماجات والوقوف على مختلف جوانبها، لنحدد ملامح الطريق نحو المفاهيم الأساسية والصحيحة للاندماج بشكله وأدواته السليمين، وهذا يتطلب جهوداً من الاقتصاديين وتنظيم مؤتمرات وورش عمل حول تجارب الاندماجات في المنطقة والعالم وما حققته من نتائج للوقوف على إمكانية التطبيق· وشدد على أهمية مراعاة القطاعات المتشابهة في الإنتاج والخدمات عند بحث ومناقشة الاندماجات، ونموذج بنكي الإمارات الدولي ودبي الوطني، من التجارب التي تصب في الاتجاه الصحيح للاندماج· وأضاف العريضي: يمثل قطاع السياحة مجالاً مهماً لايجاد كيانات سياحية كبيرة قادرة على المنافسة في الإقليم ثم إن وجود مثل هذا الكيان مهم في ظل التوجهات نحو واقع سياحي جديد في الدولة، مشيراً الى أن التعاون بين شركات السياحة خطوة نحو شكل جديد من التعاون القريب من الاندماجات· مكاســــــب ضخمـــــة قال محمد الشوحة، الخبير الاقتصادي: إن هناك مكاسب ضخمة تحققها الكيانات الاقتصادية في الدولة بسبب الاندماج موضحا أن على المستوى المحلي يعتبر تعدد منتجي الخدمة من العوامل المهمة لتحقيق مستوى أعلى من المنافسة سواء على صعيد نوعية الخدمة أو على صعيد سعرها، إلا أن الانفتاح الاقتصادي والعولمة واحتدام المنافسة الدولية بين الشركات يجعل من الضرورة ظهور كيانات اقتصادية قوية قادرة على مواجهة تلك المنافسة العالمية في السوق المحلية· وأضاف: بدأت معظم دول العالم بتشجيع شركاتها خاصة مؤسساتها المالية على تكوين كيانات اقتصادية أكبر من خلال عملية الاندماج وبما ينسجم مع العولمة، وتمكن عملية اندماج الشركات من فتح المجال أمامها للحصول على قروض لتوسعة استثماراتها وتقليل الكلف التشغيلية والتي من أهمها كلف المشتريات من المواد الخام والضرائب، إضافة إلى تنويع الخبرات الفنية والإدارية للشركة الجديدة، وفي قطاع البنوك تساعد عملية اندماج البنوك على زيادة حقوق المساهمين وزيادة قدرة البنك على تقديم قروض كبيرة وتنفيذ مشاريع واستثمارات ضخمة كما يعطيها القدرة على تنويع محافظها الاستثمارية ومناطق وجودها الجغرافي، وقد شهد العالم في الفترة الأخيرة تسارعاً في عمليات الاندماج الناجحة· وحول المردود الاقتصادي المتوقع على الشركات جراء عملية التوسع في الاندماج، يؤكد الخبير محمد الشوحة أنه على المستوى الاقتصادي فإن الاندماج يؤدي إلى خلق كيانات اقتصادية قوية تحقق قيمة مضافة محلية عالية وتقدم خدمات وسلعاً ذات جودة وبأسعار منافسة ناجمة عن انخفاض نفقاتها التشغيلية، كذلك فإن الشركات المندمجة تصبح ذات قدرة أعلى على التصدير، كما أن اندماج البنوك في بنك واحد يعطي ثقة أكبر لدى المودعين بهذا البنك ويسهل عملية الرقابة المصرفية، إلا أن بالمقابل من الممكن أن يؤدي الاندماج إلى انخفاض عدد المنتجين وبالتالي انخفاض المنافسة على المستوى المحلي خاصة في القطاع المصرفي، كما أن كبر حجم البنوك بعد الاندماج يمكن أن يغريها للتوسع في تمويل صفقات تمويل خارجية أو تمويل صفقات الأوراق المالية بحجم كبير ما يؤدي إلى ارتفاع حجم مخاطرتها، إذ أن الإقراض الخارجي والاستثمار في الأسواق المالية يحتويان على مخاطر عالية· وحول رؤيته لنماذج الاندماج في الدولة وهل هناك ثغرات يجب تلافيها عند الإعلان عن دمج جديد بين البنوك أو أي من الشركات، قال محمد الشوحة: اقتصاد الإمارات اقتصاد حر ولا توجد تشريعات تحد أو تعيق قرارات الاندماج إذا ما رغبت الشركات بذلك، وهنالك تشريعات تنظم إجراءات الاندماج كما هو متبع في كل العالم فمن المعروف أن الاندماج يجب أن يتم في ظل قوانين وأنظمة واضحة وتسهل عملية الاندماج بحيث تأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على حقوق المساهمين والتقييم العادل لموجودات الشركات المندمجة وتقييم الأسهم وإعادة توزيعها الأسهم بشكل عادل· وأضاف أن في دولة الإمارات لا تجري عملية الاندماج بشكل واسع بين الشركات وذلك لعدم وجود حاجة ملحة لدى الشركات للاندماج بسبب تحقيقها لأرباح عالية، ولتوافر الفوائض المالية لدى تلك الشركات، وارتفاع قدرتها على الإنتاج بشكل واسع ما يلبي مبدأ اقتصاديات الحجم وذلك من دون الحاجة إلى الاندماج مع شركات أخرى ناهيك عن إمكانية توافر التمويل عن طريق البنوك ما يمكن تلك الشركات من الاقتراض والتوسع بدل اللجوء إلى الاندماج· وحول القطاعات التي يجب أن تشهد اندماجات خلال المرحلة المقبلة ولماذا يذكر الخبير محمد الشوحة أنه لا توجد دراسات وافية تظهر القطاعات التي يجب أن تشهد اندماجات في دولة الإمارات، ولكن بشكل عام يمكن القول إن الاندماج يكون عادة بين شركات تشهد تنافساً كبيراً قد يعرضها للخطر في حال استمرار المنافسة فيما بينها أوبين الشركات الضعيفة التي ترغب بتقوية نشاطها أو تلك التي ترغب بزيادة أرباحها في الاجل الطويل· كما يجب التأكيد هنا أنه لا يفضل أن يكون الاندماج بين الشركات التي لا يوجد منها عدد كبير في السوق وذلك تجنباً لحصول احتكار إنتاج السلعة أو الخدمة بعدد قليل من الشركات· عروض على الرغم من تشجيعه الشخصي لفكرة الاندماج، يؤكد خميس بوهارون، الرئيس التنفيذي السابق للبنك التجاري الدولي أن قرارات مثل هذه متروكة لمجلس إدارة البنك والجمعية العمومية لإقرار ذلك وفقاً للاستراتيجية المستقبلية للبنك· وكشف بوهارون عن تلقي البنك التجاري الدولي في مرحلة ما عروضا للاندماج وقيام عدد من الشركاء الاستراتيجيين بإبداء رغبتهم في المشاركة في زيادة رأس المال، إلا أنه قال: لا توجد نية او خطة حالياً نحو هذا الاتجاه حيث نعتقد أن رأس المال الحالي كافٍ لتمويل خطة التطور التى هي قيد التنفيذ· ولفت بوهارون إلى أن عدد البنوك في الدولة كبير نوعاً ما مقارنة بدول شقيقة مجاورة مثل السعودية والكويت، مؤكدا أن الاستحقاقات القادمة ستفرض على البنوك المحلية الدمج فيما بينها لتكون هياكل مالية صلبة تستطيع منافسة الكيانات العملاقة الكبرى، كما توقع مباركة المصرف المركزي أي عملية دمج تحدث بين بنكين وسيوفر حلولاً جيدة لهذه العملية· خيار البنوك الصغيرة يرى محمد الشروقي الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشرق الأوسط في سيتي جروب أنه ليس أمام البنوك الصغيرة في المستقبل خيار سوى الاندماج مع بنوك أخرى لتشكيل كيانات مصرفية كبيرة تستطيع المنافسة في جميع المجالات المصرفية وخاصة عمليات التمويل إلى جانب تمتعها بكفاءة في رأس المال ومواكبتها لمعايير بازل 2 التى تعيد تحديد متطلبات الكفاية الرأسمالية ومعايير مخاطر الائتمان بطريقة تعزز الموقع المالي لأي مؤسسة مالية، وهذا يعني بالتالي أن على المؤسسة المالية أن تعيد النظر في تقييمها للمستوى الائتماني للعميل على أسس متعددة منها مدة الإقراض والقوة المالية وغيرها· كما يتطلب ذلك من المؤسسة المالية أن تكون مجهزة بأحدث الأدوات التقييمية لقياس مخاطر الائتمان بشكل دقيق· الشراكات·· خطوة صحيحة يرى عبد الله بالعبيدة، الرئيس التنفيذي لمجموعة بالعبيدة التجارية، أن الشراكات الاستراتيجية خطوة الصحيحة في اتجاه الاندماجات والبداية نحو الاندماج الكلي في مراحل لاحقة، موضحاً أن مثل هذا الأمر يعد تربة مناسبة لنا في الإمارات إذا لم تتوافر ظروف الاندماج الصحيح· وعدد بالعبيدة بعض التجارب في هذا الاتجاه مثل الشراكة التي جرت قبل سنوات بين حكومتي أبوظبي ودبي في توسيع شركة دبي للكابلات ''دوكاب'' والذي أسفر عن نجاحات كبيرة في زيادة أعمال الشركة الرائدة في قطاع الكابلات الكهربائية، وتأسيس مصنع جديد في أبوظبي، مشيراً إلى أن هذا الشكل في غاية الأهمية ويعتبر نموذجاً قابلاً للتكرار، ويقع تحت مفهوم الاندماج· وأضاف: من التجارب المهمة في الدولة أيضاً والتي تؤخذ بعين الاعتبار التعاون القائم بين شركة ''مبادلة'' و''دوبال'' في صناعة الألمنيوم والتي تمثل نموذجاً في غاية الأهمية نحو شكل من أشكال الشراكات الاستراتيجية، ويمكن أن نعتبره توجهاً نحو الاندماج· وقال عبد الله بالعبيدة: إن نجاح تجارب الاندماجات يحتاج الى دور مهم من الدولة بحيث تعطي الإشارات الصحيحة للاندماج، ويمكن أن يتم تنظيم ندوات لبحث المجالات التي يمكن أن يتم الاندماج فيها، وتوسعة هذا المفهوم على المستوى الخليجي، على أساس أن هناك فهماً ومجالاً مشتركاً بين دول الخليج يمكن أن يكون قابلاً للتطبيق في قطاعات معينة· علامة إيجابية يرى عيسى الأنصاري، نائب رئيس الأنصاري للصرافة، في الاندماج بين المصارف أو في أي قطاع اخر علامة إيجابية لأن خلق كيان مالي قوي يستطيع أن يخرج عن نطاق المنافسة المحلية وأن يصل الى الساحة العالمية هو أمر مهم تفرضه متطلبات العولمة التى نتأثر بها شئنا او أبينا· ويعتبر أن الحكم على مدى نجاح خطوة اندماج بنكي دبي الوطني والإمارات الدولي ما زال مبكراً لأن ذلك سيعتمد على مدى تمكن الكيان الجديد من تحقيق الغايات المرجوة والتي ستتضح بعد مرور فترة من الوقت· وتوقع الأنصاري أن تمتد موجة الاندماجات إلى قطاعات أخرى بعد نجاح هذه التجربة، مشيراً إلى أنه لا يستبعد أن يحدث ذلك في قطاع الصرافة حيث توجد فرص قوية لتحقيق ذلك لاسيما وأنه يرى أن سوق الصرافة أصبح متشبعاً إلى حد بعيد· وأكد أنه عند التفكير في الاندماج لا يهم النظر إلى حجم الكيانات الراغبة في الاندماج بقدر ضرورة النظر إلى ملاءمة أطراف الاندماج بعضها بعضاً من ناحية الرؤية والاستراتيجية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©