الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أزمة أسعار الحديد والإسمنت

16 مارس 2008 01:36
تشهد الإمارات في الوقت الحاضر طلباً غير مسبوق على مواد البناء وخصوصاً الحديد والإسمنت بسبب ازدهار المشاريع العمرانية في البلاد· ويتزامن هذا الطلب مع حدوث نقص في الأسواق المحلية، نتيجة جملة من العوامل بما فيها حدة الطلب نفسه أمام طاقة إنتاج غير قادرة على تلبيته، الأمر الذي مثل العامل الرئيسي وراء صعود الأسعار خلال الأسابيع القليلة الماضية والذي تراوحت نسبته بين 15% و25% بالنسبة للأسمنت و%25 إلى 30% بالنسبة إلى الحديد· وفي مثل هذه الأوضاع غالبا ما تهيمن مشاعر القلق بل والهلع على السوق بما يمنح الأسعار زخما إضافيا نحو الارتفاع قد لا يجد مبررا فعليا له على أرض الواقع، وهو ما ينطبق الآن على سوق الإمارات من مادتي الحديد والإسمنت، إذ أن حدوث نقص في المعروض من هاتين المادتين في مثل هذا الوقت بالذات لن يقتصر في تأثيره على الأسعار فقط بل ويترك آثارا إضافية غير مباشرة تتمثل في إشاعة حالة من تدافع المشترين نحو تأمين طلباتهم بشتى الوسائل مما يقود إلى دفع الأسعار إلى مزيد من الصعود· واعتمادا على تنوع الأسباب المقدمة في تفسير هذا الصعود، خصوصا أن عددا منها يمكن اعتباره أسبابا طارئة نجمت عن انخفاض مفاجئ في المعروض بالسوق، فإن حدة الارتفاع في الأسعار يمكن أن تكون مؤقتة وقد تتلاشى بتلاشي حالة الهلع الحالية، وخصوصا إذا كانت طاقة الإنتاج والواردات كافية لتلبية الطلب المتزايد· لكن ذلك لا يقلل من أهمية وضرورة الوقوف عن كثب على حقيقة وتنوع الأسباب التي دفعت إلى الحالة الراهنة في سوق الإسمنت والحديد بهدف معالجة ما يمكن معالجته من تلك الأسباب· وإذا كان الأمر يتعلق بنقص مزمن في المعروض، فإنه يتعين الإسراع في وضع خطط كفيلة بزيادة الإنتاج تأخذ بعين الاعتبار واقع ومستقبل المشاريع العمرانية ومشاريع البنية التحتية في البلاد· إذ أن جزءا من مشكلة النقص في السوق يعود إلى غياب التقديرات الدقيقة في الماضي والحاضر للحاجة الحقيقية لأسواق الإمارات من مواد البناء والتي على ضوئها يمكن رسم وإعداد خطط التوسع سواء في الإنتاج المحلي أو في الاستيراد من الخارج· فهناك الآن صورة ضبابية وغير واضحة ليس فقط بالنسبة إلى اتجاهات الحاجة إلى المواد الإنشائية بشكل عام، والحديد والإسمنت بشكل خاص، بل وأيضا بالنسبة إلى طاقة الإنتاج الفعلية للمصانع المحلية ومقدار الحاجة إلى الاستيراد· لذلك يجب العمل وبشكل سريع على تشخيص أدق للواقع الفعلي للإنتاج والطاقة الإنتاجية للمواد الإنشائية في الإمارات وكذلك قياس مدى الحاجة الراهنة والمستقبلية لتلك المواد على ضوء المشاريع الجارية والمستقبلية، وذلك من خلال تشكيل فرق عمل متخصصة تقوم بتقييم مدروس للأوضاع الحالية والمستقبلية· في غضون ذلك، يتعين على الحكومة، على المستوى الاتحادي والمحلي، تفعيل دورها من خلال التدخل المباشر في الأسواق وعبر مختلف الآليات من أجل ردم أي فجوة يمكن أن تحدث بين العرض والطلب وعدم ترك ذلك إلى ''حسن نية'' اللاعبين في السوق· إن الأمــــر الصــــــــادر عــــــن صـاحـــــب الســمو الشـــيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي يوم الأربعاء الماضي والقاضي بإلغاء الرسوم الجمركية على الواردات من الحديد والإسمنت يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، ليس فقط من أجل سد الثغرة القائمة بين العرض والطلب على هاتين المادتين، بل وأيضا من أجل خفض أسعارهما في السوق· وللبناء على هذه الخطوة المهمة الرامية إلى إحداث التوازن والاستقرار المطلوبين في سوق هاتين المادتين الحيويتين، يتعين على الحكومة أن تعمل أيضا على تخفيف وإزالة أي مظهر من مظاهر الهلع والتدافع في السوق، لأن مثل هذه المظاهر قد تفرز، في حال استمرارها، زخما إضافيا وعواقب جانبية سيكون من الصعب معالجتها لو بقيت لفترة طويلة· ولتحقيق هذا الهدف يمكن للحكومة أن تدرس إمكانية دخولها كمشجع على الاستيراد بل وحتى كمستورد نشط لهاتين المادتين أو لأي مادة حيوية تشهد نقصاً في السوق· ويتعين النظر أيضا في إمكانية تنويع مصادر الاستيراد وذلك لتجنب الممارسات الاحتكارية التي يمكن أن تبدر عن بعض الدول التقليدية المصدرة· أخيراً لعل أخطر ما في الأمر، وبقدر ما يتعلق الأمر بأسعار الإسمنت بشكل خاص، هو سيادة أسعار تنتهك بشكل صارخ قرارا واضحا صادرا عن وزارة الاقتصاد يقضي بتحديد تلك الأسعار عند سقف محدد ومعلن· فمن شأن ذلك أن يخلق حالة من البلبلة في السوق تتسم بتباين مستويات الأسعار وأن يضعف من مصداقية الوزارة وقدرتها على تطبيق قراراتها بشكل حازم يتم الالتزام به· يجب على الوزارة في مثل هذه الأوضاع إما إعادة النظر في السقف المحدد إذا كان لا يتناسب مع واقع وعوامل السوق أو الإسراع في تطبيق القرار بحزم ومحاسبة وفرض عقوبات على المخالفين· مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©