القطب الشمالي يتخلى عن عزلته

لم يعد القطب المتجمد الشمالي أرض المغامرات المثيرة ولا عمليات الإنقاذ البطولية، فالقطب المتجمد الشمالي يخلع الآن رداء العزلة وتغيرت الصورة المعهودة عنه كمكان شديد الصعوبة للمرور بالسفن وللوجود العسكري، وبدلاً من ذلك وبينما يذوب جليد القطب المتجمد الشمالي بأسرع مما توقع أي أحد فإن مسؤولي الجيش والعلماء الاميركيين يحذرون من الصراعات العسكرية والاستراتيجية القادمة، وتضع بلدان أخرى إلى جانب الولايات المتحدة اعينها على القطب عملاً على استغلاله في مجال الطاقة والنقل والمجال التجاري· ولاول مرة هذا الاسبوع اجتمع قادة رفيعو المستوى من البحرية وحرس السواحل الاميركي مع علماء وخبراء متخصصين في المناخ لتقويم الوضع، وذلك في ندوة عالية المستوى يقول رعاتها: إنها تعكس الاهتمام المتزايد في واشنطن بشأن تغير المناخ والامن القومي· ويقول الادميرال البحري تيموثي ماكجي مسؤول ادارة الارصاد الجوية وعلم المحيطات بالبحرية الاميركية: ''لقد تأخرنا في مواجهة التداعيات الاقتصادية والجيو سياسية لظاهرة تغير المناخ العالمية''، وقال: إن على الولايات المتحدة أن تدعم وجودها في منطقة القطب الشمالي في إطار ائتلاف دولي· وقال مسؤولون كبار على شاكلة السيناتور ليز موركويسكي من الاسكا وقائد حرس السواحل الاميركي تاد الين ونائب رئيس العمليات البحرية نائب الادميرال جون مورجان في الندوة: إنه على الولايات المتحدة إقامة قواعد متقدمة وزيادة دورياتها البحرية في مياه القطب ومراجعة سياساتها في تلك المنطقة والسعي وراء المزيد من التعاون الدولي في هذه القضية· فمع تخلص القطب المتجمد من ثلوجه والمتوقع صيف عام ،2050 فان الخطوط الملاحية قد تزيد بما يتراوح بين 6 الاف الي 9 آلاف كيلومتر- اونحو نصف المسافة- قبالة الطريق من آسيا الي أوروبا مع فتح الممرات· وسيزداد موسم الملاحة البحرية على الارجح بما يتراوح بين ثلاثة إلي أربعة شهور بحلول نهاية القرن بحسب مسؤولين· وقام الروس بالفعل بمرافقة عدة سفن- بكلفة عالية حسبما يقول البعض- عبر طريق بحر الشمال عامي 2005 و 2006 والذي سيكون على الارجح اول طريق قابل للاستمرار طبقاً للكندي دوجلاس بانكروفت مدير هيئة كاناديان اسي سيرفس لخدمات القطب الشمالي، وهو يتوقع ان يكون الطريق العابر للقطب الشمالي التالي في الافتتاح، بينما يرجح ان يظل ممر الشمال الغربي عبر الارخبيل القطبي الكندي مغلقاً لفترة اطول حيث يتركز الجليد القطبي في تلك المنطقة على ما يبدو· وفضلاً عن طرق النقل المربحة فإن القطب الشمالي يحتوي على ما يقدر ب 25 في المائة من احتياطات البترول والغاز والالماس والنيكل وغيرها من المعادن على الارض، كما أنه مصدر لامكانات استراتيجية وتجارية وبيئية هائلة تجعله مصدراً للجذب والتنافس من جانب الدول الثمانية المتاخمة له· وتزعم روسيا بالفعل أن لها حقوقاً في الممر الشمالي لأن الطريق يقع داخل الحد الساحلي الذي تبلغ مساحته 320 كيلومتراً من السيادة الاقتصادية التي يكفلها قانون البحار الذي اصدرته الامم المتحدة وهو عبارة عن معاهدة مدتها 15 عاماً لم تصدق عليها الولايات المتحدة بعد· ووعد رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر الاثنين الفائت ببناء 8 سفن مسلحة للقيام بدوريات حراسة في القطب الشمالي بموجب استراتيجية تشمل انشاء ميناء للمياه العميقة وفاء لوعد تضمنه برنامجه الانتخابي·