السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رصد جرائم الكراهية

23 ديسمبر 2012
روبرت أمير بيري كاتب متخصص في مجال حل النزاعات من المعروف أن الإعلام يلعب دوراً كبيراً في تشكيل توجهات الرأي العام في زمننا هذا، كما أن بمقدوره نشر الوعي على نطاق واسع بقضايا وهموم المجتمع، وذلك من خلال تقديم الحقائق والوقائع بطريقة مهنية نزيهة، بعيدة عن ترويج الصور النمطية الخاطئة، أو اجترار الأحكام المسبقة. وقد برز هنا في أميركا مؤخراً التساؤل حول الكيفية التي يمكن بها للإعلام أن يلعب دوراً ملموساً في نزع فتيل أي وضع اجتماعي محتقن أو إشعاله، وذلك بعد جريمتي حقد منفصلتين وقعتا ضد المسلمين في منطقة كوينز الشهر الماضي. فقد جرى الاعتداء على رجل مسن يدعى علي أكمل، وهو جد محبوب يبلغ من العمر 72 عاماً يوم 24 نوفمبر الماضي، بينما كان يمارس رياضة المشي كما يفعل عادة صباح كل يوم. وفي حادث منفصل آخر وقع أيضاً في الشهر نفسه، جرى كذلك الاعتداء بالضرب والطعن على بشير أحمد، وهو سائق شاحنة توزع اللحم الحلال، خارج مسجد الصالحين، عندما كان يهمّ بدخول المبنى لأداء صلاة الفجر. وقد أعطت مجموعة من وكالات الأنباء الاعتداءين، اهتماماً واسعاً ضمن توجه عام يمكن استخدامه لرصد أخبار جرائم الحقد، ونشر الوعي بضرورة مواجهتها. ولكن جعلتني واحدة من هذه الحالات خاصة أتوقف عندها دون غيرها، حيث إنها بدت كما لو كانت تعزز الصور النمطية. فعند مقارنتها مع بعض الأمثلة الإيجابية للإعلام الذي يدحض الأساطير والصور النمطية خلال السنة الماضية، يتضح أن كيفية نقل إعلام التيار الرئيس لذلك الخبر بالذات لم تكن مناسبة، كما يتضح أيضاً بالقدر نفسه أن التغطية المتوازنة المهنية للأحداث يمكن أن تنجز فرقاً كبيراً بين الوعي بهذا النوع من الممارسات، من عدم الوعي به. وبدلاً من التركيز على الضحية البريء لجرائم الحقد، ركزت بعض المقالات على الغضب المفرط الذي عبّر عنه هذا الضحية ضد مرتكب الجريمة. وأتوقع بالطبع أن يكون ضحية الجريمة العنيفة كان غاضباً وقتها إلى حد بعيد. وقد جعلني هذا التركيز غير الملائم أشعر بعدم الارتياح، ودفعني لأن أتساءل: هل كان الإعلام سيستخدم مثل هذه العناوين لو كان ينقل أخبار ضحايا جرائم الحقد من أي مجموعة أخرى في الولايات المتحدة؟ هل يستطيع الإعلام لعب دور أكبر في دحض أسطورة أن الإسلام مرتبط بالعنف، حتى لو كان المسلمون في هذه الحالة هم الضحايا؟ والحال أن تغطية هذه الأحداث في مدينة نيويورك من نواحٍ عديدة تشكل صورة مصغّرة للتغطية الإعلامية النمطية السابقة المتحاملة التي تدين المسلمين في نزاعات مختلفة حول العالم. وينتهي الأمر بهذه التقارير، أحياناً عديدة إلى أن تتحول من كونها جرائم ضد المسلمين إلى خبر صغير في زاوية بعيدة، يعزز الصورة النمطية بأن المسلمين عنيفون، على كل حال. ويستطيع المحررون والصحفيون، من خلال تجنّب التصوير النمطي والتأكد من أن العناوين والتعليقات والتصريحات لا تسيء تمثيل الوضع، أن يساعدوا على الحد من تلك الصور النمطية، وربما تحجيم حالات العنف كذلك. وفي نهاية المطاف، فقد ساهم الصحفيون بشكل كبير خلال السنوات الماضية في دعم ثقافة نيويورك العامة المتسامحة ذات الشمولية الأوسع، والتي تتسع لجميع الثقافات والمعتقدات، ويتعايش فيها الجميع في جو من الاحترام والأخوة الإنسانية الراقية. وفي فترة مبكرة من عام 2012، عندما تم إطلاق حملة دعائية في محطات قطارات الأنفاق في المدينة، شعر الكثيرون بأنها تنتقد المسلمين بشكل عام دون وجه حق، ولكن قدّم أيضاً عدد من وسائل الإعلام أصواتاً بديلة من الأميركيين المسلمين لإظهار أنه لا يمكن تعريفهم أو تقديمهم بطريقة مختزلة من خلال بضعة إعلانات متحاملة. وفي مثال آخر، كان الإعلام هو الذي تحدّى أيضاً علناً بعض جهود مكافحة الإرهاب وقوانينها المثيرة للجدل التي استهدفت جاليات الأميركيين المسلمين أكثر من غيرها، وذلك لأن الإمكانات الكامنة في الإعلام وقدرته على لعب دور مؤثر، وعلى أن يصبح نافذة للجميع ووسيلة للتغطية الموضوعية التي تمثل جميع الأطراف، كل ذلك بدا أمراً واضحاً، وهنالك الكثير من المكتسبات التي يمكن تحقيقها نتيجة لاعتماد تغطية متوازنة كهذه. وقد أظهر كل ذلك مرة أخرى أن في مقدور الصحفيين، من خلال التغطية المهنية ونشر الوعي، أن يلعبوا دوراً إيجابياً في دحض كافة الصور النمطية، وفي دعم جهود بناء الجسور بين أتباع مختلف الديانات. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©