الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الأمكنة الحزينة

الأمكنة الحزينة
14 يوليو 2007 02:39
تشعر بالعطش الشديد في أوج الأمكنة المحاصرة بالعزلة المؤثرة جداً في محيط الحياة!! تلك التي هي حزينة لكن من شأنها أن تضيء النور والدفء من خلال وهج السطور المطرزة بالبيان، ليمتد الحرف الجميل بمدى عميق في ثورة الكلمة وقيمة الحياة الحقة أو كما يوحي الحال بأن عمق الأسفار اندثر رحيقه وتبدد وجهه أمام تردي الحياة وتخلخل ميزان الحراك اليومي، فأصبح مطليا بالزيف، ففي كل خطوة تجد عبثا بالأشياء القيمة وترى الثقافة نفسها محاصرة بأنياب المدعين والفاشلين وكأن القصد من ذلك نبذ الفكرة العطرة لجمالية المبدأ الثقافي وروعة الإيحاء المزخرف بالأصالة! فمن أراد أن تبقى عيون المكتبات نابضة ببطء شديد حتى توحي بأن الأيام على السخط العظيم والمتداعي وكأنها باتت في غرف مظلمة والرؤى ممزقة، هي الحياة ما تبقت خيول بلا صهيل كل يركب جواد الآخر وكأنها هزلت أو كأن عطبا أصابها في العمق ليشعرك ذلك بالأسى! ويسكن الألم مدارك، حين تمرر خطوة بين حين وآخر نحو المكتبات التي لا تنتشر إلا قليلا وتزخر بالكثير المتنوع من أغلفة، وعناوين توحي بالغثيان أحيانا، وكأن الطبخ لم ينضج بعد وكانه وعد بنقص في الوزن لم يأت قطافه وتعجب أكثر حين ترى ما يخالط الكتب من أدوات ''الماكياج'' ولعب الأطفال وكأنها سمات التنوع الثقافي الآخذ بالأسى أكثر في زمن تباع الثقافة كما تشاء الأذواق! المكتبات في مدارها الحزين واجمة ترنو إلى الوجوه المتبقية من ذاك العصر المكتظ السحيق، لازالت فئة على مسار الخبز اليومي، يستوقفها الكتاب لتأسر الحرف الجميل، ويشدها نسق الفكر، لازالت الرؤى الكتابية تشكل لها ''بانوراما'' ثقافية تستند إليها وسط شتات وصخب الحياة وعبث العابثين! لازالت الوجوه التي اعتصرتها الحياة وكأنها بقايا لازالت تسكن الرفوف الجميلة وقد تعبت من شدة البحث العميق بأمهات الكتب ولها أنوف تشتم حبر المعرفة رغم الفصول المتبقية من رتم الحياة! لكنك تشعر وكأنما النسيان قد طوى المكتبات وأصابها مسار الهجر ولم يعد من النشء لها وله ما يغذي منها فكرا أو ثقافة او ما ينمي الوجد، وتسأل ما الذي أصاب الجمع من تخلخل تسرب إلى أوصال الكبار والصغار حتى باتت تنأى وحيدة عن كل حلمها ذاك القريب القادم بلا وعد!! ألا ترى الذين يرسمون الخطى نحو مدار المعرفة هم القادمون من وحي الحضارة الأوروبية والذين يؤمنون أكثر من شعوبنا بالقراءة، وهذا تأصل في مجتمعات قد بلغت درجة عالية من المتعة الثقافية، فلا تفصل المشاريع الثقافية على الأفراد الذين يسعون إلى الأهمية من وراء ذلك !! وليست للبهرجة الإعلامية أو للاستهلاك المحلي ذي النظرة الضيقة !! وعلى ذلك نقيس، فنسمع عن المشاريع العملاقة بالدولة بينما تبدو المكتبات حزينة، وهي على المنظور الثقافي أساس عملية التكوين المعرفي، فأين الفهم والإدراك القادر على استيعاب الفكرة؟ ولمن نسعى ونخطط ونشيد إذا ما كان ذلك ليس من شأنه أن يتبلور على الصعيد الثقافي بتفعيل المكتبات والمنتديات؟ هل لذلك القادم بمفهومه الحضاري المجرد من الروح أم لهذا خاصية أخرى تدعو للتفاؤل !!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©