الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الموظفون المتذمرون

17 يوليو 2007 23:40
ذهبت لأراجع إحدى الدوائر الحكومية لتسلم ضمان مالي مسترد، وعندما ذهبت وجدت خمسة موظفين·· تسلمها الأول ولم يقصر فذهب وبحث وطلب أن أعطي المعاملة لزميله الذي يجلس أمامه، فانتظرته واقفاً حتى يحين دوري بعد الانتهاء من المراجعين، وقد لاحظت أنه يفتح دفتراً كبيراً ويكتب فيه بعض الأرقام ويغلقه ومن ثم يقف ليذهب إلى زاوية صغيرة وكأنها مخزن لبعض الدفاتر المرقمة وهو يتأفف·· ويقول ''المعاملة خالصة ليش فلان ما كتب هنا في الدفتر إنها مرت عليه؟·· لا حول إلا بالله''·· ويتأفف!! كل هذا ولم يأت دوري وما زلنا واقفين ننتظر الفرج·· انقضت ربع ساعة، وخلال هذه المدة أتى زائر إلى أحد الموظفين وبدأ الأخ الموظف يتحدث بصوت مرتفع وكأنه في المنزل ويميل مقعده يمنة ويسرة ويقهقهون·· وما استغربت منه كثيراً هو حديثهم عن شيء لا دخل له بمقر العمل وأمام الملأ·· والناس ترى وتسمع وكأنه أحد المسلسلات العربية يتخللها فاصل إعلاني مع مشاركة من الجمهور والأصدقاء، والحديث يستمر ويتخلله مداخلة من أحد الموظفين عن ساعات الدوام الجديدة وهل يا ترى سيكون الغداء وغير الغداء في المكاتب وكيف سيرتبون الوضع·· وكان التذمر واضحاً وبامتياز؟! المهم بعد هذا المسلسل جاء دوري فذهبت وسلمت على الموظف المسؤول، وطبعاً لم يرد السلام، وكأنه لا يريد أن يتسلم المعاملة، فصدمت لهذا الأمر ثم سلمت مرة أخرى، فرد بصوت خافت·· التفتُّ إلى من كان برفقتي وهو ينظر إليّ باستغراب وذهول، وقلت في نفسي ''إذا كان هذا الشخص في بداية الدوام هكذا فماذا سيحصل في ساعات الدوام النهائية؟!!'' المهم تسلم مني المعاملة وأخذ يبحث ويفتش·· ثم ذهب إلى المخزن ورجع مومئاً برأسه، وواضح على وجهه وحركاته أنه قد مل وتعب من وضعه هذا، فرجع إلي وقال: لا توجد أية أرقام أو شيء بخصوص هذا، فقلت له كيف؟ ولماذا أعطاني الموظف هذه الأوراق إذاً، فسكت ومن ثم بدأ يبحث في جهاز الحاسب، وقال: لا شيء هنا جرب مع فلان··!! ذهبت إلى فلان هذا وتبين أنه أكبر الموظفين منصباً فسألته ولم يرد ومن ثم أحسست بعدم الاحترام من قبل هؤلاء الناس لا من كبير ولا من الصغير، فقلت له: ما العمل؟ إذا كان عندك الحل قله أو سأذهب للمسؤول فأخذ الورقة وجعل يبحث في الحاسب وهو يردد (هذه المعاملات صعبة) وكأنه لا يريد البحث، فقلت له: أعطني المعاملة، لن أنتظر ونحن لا نعرف ما هي إجراءاتكم والقسم الذي سبقكم طلب منا أن نراجعكم أنتم·· والأولى بمن يريد أن يعمل أن يحترم الناس ويرشدهم لا أن تفعلوا بهم ما تفعلون، وأخذت المعاملة من يده ورجعت· هذا الموقف حدث مع الكثيرين غيري وتحدث لهم مواقف أكبر من هذه ولكني أستغرب كثيراً من هؤلاء الذين أنيطت بهم مثل هذه المسؤوليات، ألا يتقون ربهم ويحمدونه كثيراً على حصولهم على مثل هذه الوظيفة التي يحلم الكثيرون أو بأي وظيفة، وهم مستعدون للسهر والتعب وتشريف المكان الذي يعملون به ويعكسون الصورة الحقيقية للموظف المثالي، لا أن يعملوا وهم يتذمرون من أي شيء وكل شيء·· حتى الذبابة عندما تحلق فوق رؤوسهم يشكون حالهم منها· سبحان الله·· هكذا تقضون حوائج الناس؟ لماذا نخادع أنفسنا ونخادع الجميع؟ ألا نعلم أن هناك من يراقبنا؟·· إلا أن المتذمر لا يرضى بشيء، حتى ولو كثر عنده يراه قليلاً ويراه عند غيره كثيراً وكبيراً ولو كان قليلاً·· إذا كانت هذه الوظيفة والعيشة لا تعجبكم فاتركوا المجال لغيركم أشرف لكم من التذمر والعبوس في وجوه الناس وتعطيل المصالح·
المصدر: 2
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©