الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش الأميركي وحوادث القتل العشوائي للمدنيين العراقيين

الجيش الأميركي وحوادث القتل العشوائي للمدنيين العراقيين
15 يوليو 2007 09:41

على رغم مرور أربع سنوات على الحرب، فإن غالبية المواطنين الأميركيين لا تزال تجهل مجريات الواقع اليومي لغزونا للعراق، لا سيما تأثيراته المدمرة على العراقيين أنفسهم· وقد أمضيت بضعة أشهر خلال الفترة الماضية، في إجراء اللقاءات الصحفية مع 50 من قدامى المحاربين، بمساعدة المراسلة الصحفية ''ليلى العريان''، وخرجت من تلك اللقاءات بآلاف الصفحات التي سودتها القصص المرعبة التي حكوها لي عن تجربتهم هناك· وقد شملت قائمة قدامى المحاربين الذين شملتهم اللقاءات هذه، جنوداً من الوحدات الطبية، ورجال مدفعية وقناصين وغيرهم، وحكى جميعهم بقدر كبير من الأمانة والشفافية، قصصاً مثيرة للاستياء والغضب، عن أنماط سلوك قواتنا في العراق· منها على سبيل المثال، ترهيب المدنيين الأبرياء في أنصاف الليالي، إطلاق النيران على السيارات المدنية دون إنذار مسبق، متى ما اقتربت تلك السيارات من محطات الوقود الخاصة بالقوات· كما شملت القصص، حادثة إطلاق قواتنا النيران على إحدى السيارات المسرعة، التي مرت بإحدى محطات التفتيش التي لا تحمل علامة واضحة لافتة للنظر، دون توقف، ليكتشف الجنود لاحقاً أن ضحايا نيرانهم لم تستهدف سوى رجل مسن وطفل لم يزد عمره على ثلاث سنوات فحسب! أما الحملة التي تشنها قواتنا ضد عدو خفي، وقلما يتم العثور عليه، فهي لم تفعل شيئاً سوى إثارة ثقافة الخوف والكراهية في أوساط جنودنا· وأكد قدامى المحاربين هؤلاء، ممن خاضوا المعارك في العراق، خلال الأعوام ،2003 2004 و،2005 أن عمليات القتل العشوائي للمدنيين، إنما تقوم بها قلة من الجنود التابعين لمختلف الوحدات التي عملوا فيها· غير أنهم أكدوا في الوقت ذاته، أن تلك العمليات قلما جرى التحقيق الرسمي فيها، وأنها أبعد من أن تؤدي إلى معاقبة مرتكبيها· وفي المنحى نفسه، قال قدامى المحاربين إن محطات التفتيش بصفة خاصة، تمثل محوراً رئيسياً لأحداث العنف ضد المدنيين· من ذلك مثلاً ما حكاه ''جيفري ميلارد''، البالغ من العمر 26 عاماً، وقد سبق له أن عمل مساعداً لأحد الجنرالات في مدينة تكريت· ويتمتع ''ميلارد'' بإلمامه بأدق التفاصيل الواردة إلى القيادة العسكرية، بحكم طبيعة المهام العسكرية القيادية التي كان يتولاها· فقد كان أحد الجنود الشباب -لم يزد عمره على 18 عاماً- يجلس فوق إحدى سيارات ''همفي'' العسكرية المصفحة، ويحمل رشاشاً آلياً، بينما كانت سيارة مدنية تسرع باتجاهه، ما حمله على الاعتقاد بأنها سيارة لأحد انتحاريي التفجيرات، فما كان منه إلا أن أطلق نحوها 200 رصاصة من رشاشه في أقل من دقيقة واحدة· ولكن من هم القتلى داخل تلك السيارة في واقع الأمر؟ أم وأب واثنان من أولادهما الصغار· وبعد ذلك الحادث المأساوي، قام الجنود التابعون للوحدة المعنية، بإبلاغ الجنرال القائد بما حدث، وكانت مشاعر الغضب طاغية عليهم، خاصة وأنهم وثقوا للحادث فوتوغرافياً، فماذا كانت استجابة الجنرال؟: لو أدرك هذا ''الحاج'' كيف يقود سيارته كما ينبغي، لما حدث ما حدث له ولعائلته!ثم حكا لي العريف ''كاميلو ميجا''، البالغ من العمر 31 عاماً، قصة أخرى مشابهة عن فصل رأس أحد سائقي السيارات المدنية بعيار ناري صادر من رشاش أحد الجنود، على مرأى من ابنه الصغير· وعلى الرغم من أن هذه الحوادث البشعة التي ترتكب بحق المدنيين الأبرياء، وارد وقوعها في ساحات المعارك والحروب، كما يقول ''ميجا'' الذي أدى الخدمة العسكرية في العراق لمدة ستة أشهر اعتباراً من أبريل ،2003 فإنها ليست نادرة كما يفترض· والدليل أن تكرارها المستمر، أثار موجة من الاهتمام والتعليقات حولها بين أوساط قدامى المحاربين بصفة خاصة·  ثم إن الأمر لا يقتصر على حوادث إطلاق النار ضد المدنيين فحسب، وإنما يمتد ليشمل حوادث القتل التي يتعرض لها هؤلاء، جراء حالات الذعر المفاجئ التي يصاب بها الجنود الشباب، نتيجة لتعرض إحدى المصفحات أوالمدرعات أو الناقلات المستخدمة في نقل الأفواج العسكرية الأميركية في المدن والأحياء المأهولة بالسكان· وفي حال تعرض أي منها لهجوم تفجير مباغت من قبل المتمردين، مثلما حدث في هذه الحالة التي أحكي عنها، أثناء تنقلنا عبر حي مأهول بالسكان، فكثيراً ما يفتح الجنود المذعورون النيران عشوائياً على كل من تصادف وجوده في مكان التفجير· والنتيجة المتكررة في أكثر من مرة، هي سقوط عدد من الضحايا المدنيين الذين لا يد لهم ولا ذنب في الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له الناقلة العسكرية الأميركية المشار إليها· ذلك هو ما أدلى به العريف ''بن سكريدر''، البالغ 27 عاماً، من ولاية كولورادو· وأكد ''سكريدر'' تكرار مشاهدته لمثل هذه الأحداث أكثر من مرة واحدة على الأقل· وبهذا نصل أخيراً إلى ما هو أسوأ من كل ما قيل، ألا وهو عمليات محاصرة وتفتيش البيوت والأحياء السكنية· وقد أكد 24 جندياً من قدامى الجنود المشاركين في تلك الغارات الليلية، أنها تجسيد حي بشع لحقيقة الاحتلال· فكثيراً ما شنت تلك الغارات في منتصف الليل أو الساعات المبكرة من الفجر، دون توفر ما يكفي من الأدلة ضد المشتبه بهم· أما الذي يحدث فهو إيقاظ النائمين تحت فوهات البنادق والرشاشات، وقلب البيت كله رأساً على عقب، إلى جانب الإهانة بل وحالات الاعتقال التي يتعرض لها أرباب تلك العائلات وكبارها·  يذكر أن دراسة لرأي الجنود نشرتها ''البنتاجون'' في شهر مايو المنصرم، أكدت وجهات النظر هذه، إذ تبين أن 47 في المئة من الجنود، و38 في المئة من قوات  المارينز، يرون أهمية المعاملة اللائقة للمدنيين· إلى ذلك بلغت نسبة الجنود وقوات المارينز، ممن وعدوا بالتبليغ عن زملائهم الذين يقتلون المدنيين أو يؤذونهم دون مبرر معقول، حوالي 55 في المئة و40 في المئة على التوالي· 

مؤلف كتاب  الفاشيون الأميركيون: اليمين المسيحي والحرب على أميركا ينشر بترتيب خاص مع خدمة  لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©