الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«بستان المحبة» تستعيد قيم التكاتف والتعاون بين الأشقاء

«بستان المحبة» تستعيد قيم التكاتف والتعاون بين الأشقاء
24 ديسمبر 2012
احتضنت القاعة الكبرى لقصر الثقافة بالشارقة مساء أمس الأول ثالث عروض الدورة الثامنة من مهرجان الإمارات لمسرح الطفل مسرحية “بستان المحبة” لفرقة مسرح رأس الخيمة، تأليف وإخراج الفنان مرعي الحليان، المكرّم في الدورة الحالية من المهرجان. وما لفت الانتباه في هذا العرض خصوصا الحضور الغفير للجمهور من الصغار والكبار، لدرجة أن عددا كبيرا من هذا الجمهور لم يجد المقاعد الشاغرة فانسحب تدريجياً وغادر المكان، وهو أمر رغم أنه مبهج ومفرح لأهل المسرح إلا إنه يفرض البحث عن حلول جذرية لهذا الإشكال الذي بات يتكرر في المناسبات المسرحية الكبرى ومنها أيام الشارقة المسرحية ومهرجان مسرح الطفل، وأصبح الأمر ملحا لبناء صالات عرض جديدة مجهزة بتقنيات متطورة ومساحات قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من محبي ومتابعي الحراك المسرحي المحلي بكافة أنماطه وتوجهاته. القصة يحكي عرض “بستان المحبة” قصة خمسة أشقاء يرعاهم العم سالم (يقوم بدوره سعيد بتيجا) والذي يرى أن هناك من يتطلع إلى الاستيلاء على بستان الأشقاء الذي تركه لهم والدهم الراحل، وأوصى سالم بالحفاظ على نماء وتوسع وثراء البستان، والأهم من ذلك الحفاظ على النسيج المتماسك بين الأخوة وعدم التفريط بالرباط القوي الذي يجمعهم ويحميهم من أي أطماع شخصية أو أنانية قد تتسلل إليهم، وهو الأمر الذي يتحقق فعلا عندما يجد (حركوش) الشخصية الشريرة والمتلونة سبيلا لإغواء اثنين من الأشقاء كي يتمردا على القيم والتعاليم التي غرسها سالم فيهم، فيقومون بطرد سالم والأخوة الثلاثة من البستان كي يمتلكوه من أقصاه إلى أقصاه وكي تكون منافعه مسخّرة لهما دون مشاركة أحد، وهنا وفي هذه اللحظة التي تجتمع فيها كل عناصر الأنانية والجشع والتسلط، يأتي من هو أكثر بطشا وتسلطا من الأخوين وهو (الشراني) ــ يقوم بدوره الفنان مبارك خميس كي يستغل ضعفهما ويبطش بهما ويمارس عليهما أكثر الأساليب إهانة وعسفا كي يذيقهما من ذات الكأس المرة والممتلئة بالجحود والنكران التي شرب منها سالم والأخوة المظلومون، فيضيف البستان الذي كان عصيا وصعبا الاستيلاء عليه في السابق إلى ممتلكاته الأخرى التي تولاها جورا وظلما من المستضعفين من أبناء المنطقة، وبتخطيط دفاعي ومن خلال حيلة ذكية يتمكن سالم والأشقاء الثلاثة من العودة مجددا إلى البستان والتخلص من الشراني وأتباعه وتحرير الأخوين الضالين والمخدوعين كي تعود المياه إلى مجاريها وتزدهر مملكة المحبة بين الجميع اتعاظا من درس الماضي وويلاته، وتأكيدا على أن الفرقة والتشتت هما سبيل مغر للأعداء والحاقدين كي يعيثوا فسادا وفتكا في البيئات المتصالحة والطاهرة والنقية. عرض (بستان المحبة) يحمل في مضامينه ورسائله ما هو جدير أن ينتمي للنوايا الحسنة والاستئناس بمقولات عاطفية عامة حول التعاون والتكاتف ونبذ الخلافات ومحاربة الدخلاء والغرباء الذين يعيثون فسادا في هذه المنظومة البريئة والطاهرة من علاقات الود والمحبة التي تجمع الأشقاء وتجعلهم متماسكين وسط نسيج متصالح يؤدي إلى ازدهار ونماء البستان الذي يضمهم ويحميهم تحت ظلاله الوارفة. إلى هنا فإن المقولة المثالية تظل مبثوثة في تفاصيل ومكونات ومشاهد الحالة الدرامية، ولكن الإشكال القائم بين النص المكتوب وبين المعالجة الإخراجية ظل حاضرا هو الآخر ومهيمنا على الصيغة المتمازجة والنهائية التي لم يستطع الحليان أن يكسر بها طوق التكرار والمداومة والاجترار لهكذا قصص تضع حدا فاصلا بين ثنائية الخير والشر، وكأنها خطان متوازيان لا يتماسان ولا يلتقيان أبدا، هذا الحكم القطعي أثر أيضا على التكنيك الإخراجي الذي اتبعه الحليان من حيث الزهد التقني والانكفاء التزييني في فضاء السينوغرافيا والمؤثرات السمعية والبصرية، التي كان من الواجب التركيز عليها واستثمارها لجذب انتباه الطفل وإشغال حواسه المتحفزة أولا، وثانيا لتنويع مستويات العرض وتخطي الحضور الثقيل والطاغي للحوارات المزدحمة، وتراتبية السرد بحبكته التقليدية وصولا إلى الذروة والنهاية السعيدة والكلاسيكية.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©