الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لاريجاني قد يدخل التاريخ ولكن من أي الأبواب؟

لاريجاني قد يدخل التاريخ ولكن من أي الأبواب؟
16 يوليو 2007 00:37
من منا لا يعرف محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام العراقي السابق، والذي كان قِبلة وسائل الإعلام العالمية قبيل سقوط نظام صدام حسين وسقوط بغداد بالشكل الذي نعرفه جميعاً، هذا الزخم الإعلامي الذي صاحب الصحاف في تلك الفترة جعل منه علامة فارقة في تاريخ الإعلام العالمي· الآن وفي ظل ظروف مشابهة لتلك الظروف، نرى السيد على لاريجاني في موقف مشابه تماماً، فقد أصبح محط أنظار وسائل الإعلام العالمية بغية التعرف على وجهة نظر إيران حول أحقيتها في امتلاك التكنولوجيا النووية وكذا التعرف على آخر مستجدات المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني بين إيران والأطراف الرافضة لخطط إيران الرامية إلى تطوير قدراتها النووية، وهل سوف تنتهي هذه المفاوضات بصفقة تاريخية تُخرج المنطقة من حالة التوتر غير المسبوقة التي تعيشها، أو أن هناك احتمالات أخرى قد لا تكون جيدة في أغلب الأحوال بالنسبة لكل أطراف اللعبة، فمن هو السيد على لاريجاني الذي أوكل إليه حكام إيران تلك المهمة الصعبة التي من المتوقع أن تلقي نتائجها سلبية كانت أو إيجابية بظلالها على منطقة الشرق الأوسط العقود قادمة؟ المفاوضات الأصعب يشغل السيد علي لاريجاني حالياً منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، وبحكم منصبه هو مسؤول الملف النووي الإيراني وكبير المفاوضين في المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، وبناء على سيرة علمية وعملية طويلة، يمكننا القول إن السيد على لاريجاني هو الشخصية المناسبة لقيادة تلك المفاوضات لان خلفيته العلمية ووجوده في منصب إعلامي رفيع لسنوات طويلة، يجعلانه قادراً على فهم العقلية الغربية وكذا القدرة على التعامل مع وسائل الإعلام العالمية، ونحن نعرف مدى تأثير وسائل الإعلام على الرأي العام العالمي، وهو ما تحتاجه إيران وبشدة في تلك المفاوضات الأصعب في تاريخ الجمهورية الإسلامية، ويبدو أن السيد على لاريجاني يدرك تماماً حجم المهمة الملقاة على عاتقه ففضلاً عن ترأسه للمفاوضات الجارية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، نراه يجوب العالم شرقاً وغرباً لعرض وجهة نظر إيران المتمثلة في مشروعية ملكيتها للطاقة النووية لكونها طاقة متجددة وغير مستنفذة كالبترول، وهو ما سيجنبها أي أزمات أو صراعات مستقبلية تنجم عن نضوب البترول· كما وجدناه يقوم بزيارات عديدة لدول الخليج العربي في محاولة لطمأنتهم بشأن النوايا النووية الإيرانية وبأنها نوايا سلمية تماماً، وفي الثالث والعشرين من يونيو الماضي التقى خافير سولانا الممثل الأعلى للسياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي بهدف تحريك المفاوضات الدولية مع إيران، وفي الرابع والعشرين من نفس الشهر قام لاريجاني بزيارة غير متوقعة إلى محمد البرادعي كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا فاجأه فيها بطلب إيران إرسال فريق خاص من المفتشين الدوليين إلى طهران بغرض التحقق ميدانياً من وجود أي أهداف عسكرية للبرنامج النووي الإيراني من عدمه، وكان لاريجاني قد التقى البرادعي في الثاني والعشرين من نفس الشهر واتفق معه على وضع خطة عمل في غضون شهرين مع الوكالة سوف تلتزم إيران بمقتضاها بتقديم إيضاحات حول المسائل الغامضة في البرنامج النووي الإيراني· مهمة شديدة الحساسية هذه المهمة التي يقودها لاريجاني ونظراً لشدة حساسيتها وشعوره بحجم الكارثة التي قد تلحق بإيران في حال فشله فيها، أوقعته في كثير من مواقف التوتر مع رموز السلطة في إيران وعلى رأسهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، ومنوشهر متقي وزير الخارجية، الذي يرى لاريجاني أنه غير مؤهل لقيادة الدبلوماسية الإيرانية في تلك المرحلة الحساسة، كما وجدناه في مايو الماضي يتقدم باستقالته للمرة الخامسة في الأشهر الأخيرة إلى مرشد النظام على خامنئي احتجاجاً على تصريحات رئيس الجمهورية وزملائه التي تثير عداء المجتمع الدولي ضد إيران، وهو ما يعرقل مسار المفاوضات مع الأطراف الدولية ومحاولات إبعاد التهديدات الموجهة ضد إيران· ولكن المرشد رفض الاستقالة لأنه يدرك تماماً أن لاريجاني شخصية سياسية محنكة من الوزن الثقيل وهو أجدر من غيره على الاضطلاع بتلك المهمة الشاقة، هل ينجح لاريجاني في التوصل لاتفاق يحمي لإيران مشروعاتها النووية، وفي ذات الوقت يبدد مخاوف الدول الأخرى بشأن نوايا إيران من وراء سعيها لتطوير برامجها النووية؟ إذا ما نجح لاريجاني في ذلك لاشك أن اسمه سوف يُكتب بحروف من ذهب في تاريخ الجمهورية الإسلامية، ولكن في حالة عدم التوصل إلى أي اتفاق وتصاعدت الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، فسوف يكون الأمر بالغ السوء لكل الأطراف، حينئذ سوف يدخل لاريجاني التاريخ، ولكن من أي الأبواب؟ هل يكون من باب أصحاب الإنجازات التاريخية الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ شعوبهم والعالم، أو من باب أصحاب الإخفاقات الكبيرة التي صحبتها نتائج كارثية؟ الإجابة على هذا السؤال، هو ما سوف تسفر عنه الأحداث في المدى القريب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©