الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تعليق عضوية روسيا في معاهدة الأسلحة التقليدية ··· الأسباب والتداعيات

تعليق عضوية روسيا في معاهدة الأسلحة التقليدية ··· الأسباب والتداعيات
16 يوليو 2007 00:38
بعدما أغضبته الخطط الأميركية الرامية إلى إقامة درع صاروخية في أوروبا الشرقية، أبلغ الرئيس الروسي ''فلاديمير بوتين'' رسمياً يوم السبت الماضي حكومات دول حلف شمال الأطلسي، عزم بلاده تعليق التزاماتها تجاه معاهدة القوات التقليدية في أوروبا التي ترجع إلى فترة الحرب الباردة وتهدف إلى تقليص انتشار الأسلحة التقليدية· وقد جاء القرار ليعيد تصعيد حدة التوتر حول خطة الدرع الصاروخية، وليعكس أيضاً مدى تنامي التيار المناهض لأميركا في روسيا، فضلاً عن ارتياب راسخ إزاء الغرب يتزامن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الروسية في شهر مارس المقبل· وحسب نسخة المرسوم الرئاسي المنشورة على الموقع الإلكتروني للكريملن لن يدخل قرار التعليق حيز التنفيذ إلا بعد مرور 150 يوماً، وهو ما يترك المجال مفتوحاً للمزيد من المفاوضات حول معاهــدة عــام 1990 التي ساهمــت في تخفيض كبير للأسلحة على حدود المعسكرين السابقين في أوروبا· لكن رغم إعلان وزارة الخارجية الروسية رفضها لأية قيود تحد من قدرتها على إعادة نشر أسلحة ثقيلة على حدودها الغربية، فإنه من غير المتوقع أن تؤدي خطوة الكريملن إلى إحداث تغيير جذري في الوضـع الأمني· ومع ذلك، يظل قرار تعليق العمل بمعاهدة القوات التقليدية في أوروبا مؤشراً قوياً على أن العناق الحار والابتسامات التي تبادلها الرئيسان بوتين وبوش قبل أسابيع قليلة خلال القمة التي جمعتهما في ولاية ''ماين'' بأميركا لم تسهم كثيراً في التخفيف من حدة التوتر حول إقامة أميركا لدرع صاروخية في كل من بولندا والتشيك، وهما الدولتان اللتان كانتا تابعتين للاتحاد السوفييتي سابقاً· لذا يبدو أن الرئيس بوتين قرر يوم السبت الماضي اللجوء إلى استخدام أداة دبلوماسية قوية لمواجهة ما يسميه بالتنمر الأميركي من جهة ومحاصرة ''الناتو'' وأوروبا لروسيا اقتصادياً وعسكرياً، الذي يعتبره الكريملن خرقاً لمناطق النفوذ الروسية· ومباشرة بعد القرار عبر مسؤولو البيت الأبيض عن خيبة أملهم، لكنهم تعهدوا مع ذلك بمواصلة الاجتماع مع نظرائهم الروس لحل النزاع· وقد عبر عن ذلك ''جوردون جوندرو''، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي قائلاً ''لقد أُصبنا بخيبة أمل جراء تعليق روسيا لمشاركتها في المعاهدة، لكننا سنستمر في عقد المحادثات اللازمة معهم في الأشهر المقبلة للتوصل إلى أفضل الطرق لمعالجة الوضع''· وقد سبق لمنتقدي السياسة الأميركية في تدبير العلاقات مع روسيا أن حذروا إدارة الرئيس بوش من مغبة إيجاد بيئة تدفع روسيا، التي تقوّت مؤخراً بفضل عائدات البترول وبحثها عن استعادة دورها على المسرح العالمي، إلى التنصل من التزاماتها السابقة، لا سيما وأن إدارة الرئيس بوش نفسها لم تهتم كثيراً بمسألة الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية· ففي عهد الإدارة الحالية انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية حتى تتمكن من مواصلة خططها لإقامة درع كونية ضد الصواريخ، وهو المسعى ذاته الذي أغضب الرئيس بوتين ودائرته الخاصة· والواقع أن تصريحات يوم السبت الماضي لم تكن غريبة بالنظر إلى التحذيرات التي أطلقها الرئيس بوتين في وقت سابق، لكن مع ذلك يشير المسؤولون في الإدارة الأميركية إلى التعاون القائم بين البلدين في مجالات أخرى مثل الحد من الانتشار النووي، ومحاربة الإرهاب، فضلاً عن مكافحة تجارة المخدرات· لذا يرفض المسؤولون الأميركيون التقييمات التي تحذر من انهيار العلاقات الروسية- الأميركية· وبينما خلفت التصريحات الروسية يوم السبت الماضي جواً من عدم الارتياح لدى المسؤولين في واشنطن وعواصم دول ''الناتو''، إلا أن محللين بارزين رجحوا أن تؤدي تلك التصريحات إلى تعزيز قيادة الرئيس بوتين لدى الناخبين الروس في انتخابات فصل الربيع المقبل· فقد لعبت المواقف المناهضة لأميركا دوراً بارزاً في تكريس شعبية بوتين، بحيث يتم تشجيعها في وسائل الإعلام التابعة للدولة، وعبر وسائل أخرى مثل المنشورات التي يتم توزيعها من قبل جماعات يمولها الكريملن· قرار بوتين بتعليق مشاركة روسيا في معاهدة القوات التقليدية بأوروبا، فسره الكريملن بـ''الظروف الاستثنائية'' التي ''تؤثر على أمن الفيدرالية الروسية وتستدعي إجراءات فورية''· وفي بيان منفصل أكدت وزارة الخارجية الروسية أن الظروف المحيطة بالقرار غير مرتبطة بمسألة الدرع الصاروخية، رغم أن بوتين ربط بين الموضوعين في خطاباته السابقة· وقد أدى القرار الروسي إلى خلق نوع من الارتباك لدى الخبراء في مراقبة الأسلحة، لأن معاهدة الأسلحة التقليدية لا تنص على إمكانية تعليق الدول الموقعة لمشاركتها في المعاهدة، إذ يمكنها فقط الانسحاب من دون خرق مقتضياتها بعد إخطار الدول الأخرى قبل 150 يوماً على بدء التنفيذ· وبينما يلتزم المرسوم الذي أصدره بوتين بالموعد الزمني المحدد، إلا أنه يطبقه على التعليق بدل الانسحاب، ومع ذلك أكدت وزارة الخارجية الروسية أن القرار يطابق ''القانون الدولي''· وفي تفسير سبب اتخاذ القرار أورد الكريملن ستة دوافع تعكس جميعها إحساساً راسخاً بالمرارة لدى موسكو إزاء ما تراه سلسلة من الوعود التي نكث بها حلف شمال الأطلسي بعد قيامه بتوسيع حدوده إلى دول حلف ''وارسو'' السابق عقب سقوط الشيوعية· وقد أشار البيان الصادر عن الكريملن في معرض تفسيره لقرار التعليق أن دولا انضمت حديثاً إلى حلف شمال الأطلسي مثل لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، لم توقع على معاهدة القوات التقليدية، لكنها تنشر أسلحة تابعة للناتو فوق أراضيها· وتضيف روسيا أن ''الناتو'' تعهد عام 1999 بعدم فتح قواعد عسكرية على أراضي الأعضاء الجدد بالحلف، إلا أنه اليوم يقيم منشآت في كل من رومانيا وبلغاريا، وهو ما ينفيه ''الناتو'' ويعتبره مجرد مواقع للتدريب· والأكثر من ذلك يقول البيان الصادر عن الكريملن إن حكومات الدول المنضمة إلى حلف شمال الأطلسي لم توقع على تعديلات 1999 التي أدخلت على المعاهدة، في حين وقعت عليها روسيا عام ·2004 وترد الحكومات الغربية على ذلك بأنها لن تصادق عليها ما لم تسحب روسيا قواتها من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في جورجيا وميلدوفا· مراسلا نيويورك تايمز في موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©