الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختطاف الأطفال يُرعب الجزائريين ومطالبات بإعدام الجناة

اختطاف الأطفال يُرعب الجزائريين ومطالبات بإعدام الجناة
3 فبراير 2013 22:10
حسين محمد (الجزائر) - أحدث تفاقمُ جرائم اختطاف الأطفال وقتلهم بالجزائر مؤخرا رعباً كبيراً لدى العائلات، التي باتت متخوفة بشدة على مصير أطفالها، وأضحت تمنعهم من الخروج وتقيِّد حقهم في اللعب وترافقهم إلى المدارس ذهاباً وإياباً. وبالموازاة، فتح القانونيون والسياسيون مجددا نقاشا حول عقوبة الإعدام المجمدة منذ نهاية عام 2003، مطالبين بتفعيلها كحل وحيد أمام هذه الجرائم الوحشية المتنامية بحق الطفولة البريئة. مأساة شيماء مع أن جرائم اختطاف الأطفال بالجزائر ليست وليدة اليوم، إلا أنها تفاقمت في السنوات القليلة الماضية، وتكشف إحصاءات جمعيات مهتمة بحقوق الطفل إلى أن نحو 15 طفلاً يتعرضون للاختطاف شهرياً، كما كشفت إحصاءاتٌ أمنية أن نحو 500 طفل اختطف عام 2010، و619 في 2011، بينما بلغ العدد 276 طفلاً مختَطفاً في السدس الأول لعام 2012. وانشغل الرأي العام الوطني هذه الأيام بمأساتي اختطاف الصغيرتين شيماء وسندس وقتلهما في ظرف أسبوع واحد بطريقة وحشية أبكت ملايين الجزائريين، وأثارت بشدة مخاوفهم على أطفالهم. وحدثت مأساتا شيماء وسندس في الأيام الأخيرة من العام الماضي حيث تمّ اختطاف شيماء (8 سنوات) من منزل عائلتها بمنطقة «أمْعالمة» بالضاحية الغربية للجزائر العاصمة، إذ تجرّأ الخاطف وطرق باب البيت، وحينما سارعت شيماء إلى فتحه معتقدة أن الطارق هو أبوها؛ قام الخاطفُ بحملها والانطلاق بها حسبما استنتجت أجهزة الأمن لاحقاً، وبعد نحو ساعة تمّ العثورُ عليها في مقبرة المدينة جثة هامدة وعلى وجهها آثارُ الضرب. وأكد التقرير الطبي لاحقاً أن شيماء تعرضت لاغتصاب عنيف مصحوب بضرب وحشي من طرف الخاطف أو الخاطفين الذين تجردوا من إنسانيتهم تماماً واعتدوا بشكل همجي على طفلة، وباشر الأمنُ تحريات واسعة أفضت إلى القبض على أحد المشتبه بهم، وهو جارها مدمن المخدرات، ولا تزال التحقيقات مستمرة لمعرفة شركائه، ودوافع الجريمة. زوجة العم لم يكد الجزائريون يتجرعون مأساة شيماء حتى بلغهم نبأ اختفاء طفلة أخرى لا تتجاوز السادسة من عمرها بمنطقة «درارية» بضواحي الجزائر العاصمة أيضاً، وشرع الأمن في البحث عنها على نطاق واسع، وبعد يومين من الاختفاء، تبيّن أنها موجودة داخل البيت العائلي، ولكنها جثة هامدة. وبعد تحقيقات مكثفة، تمكّن الأمنُ من تفكيك بعض ألغاز الجريمة البشعة، حيث تبين أن الجاني ليس سوى زوجة عمها القاطنة معها في البيت نفسه، وأنها قامت بخنقها بخمارها دون رحمة إلى أن لفظت أنفاسَها الأخيرة، ولم تجد ضيراً بعدها في «إخفائها» داخل الخزانة، وبعد أن تعفنت الجثة وتسربت رائحة كريهة من داخل الخزانة، أمكن العثورُ على الطفلة، ثم تحديد هوية المجرم لاحقاً، وهنا كانت المفاجأة مزدوجة، حيث تبيّن أن زوجة العم قد قامت من قبل بجريمة مماثلة بحق أخت سندس سنة 2008، وهي رضيعة لا يتجاوز عمرُها الشهر، وقد قتلتها بالطريقة نفسها، ولكن كل التحقيقات عجزت آنذاك عن فك لغز الجريمة ومرتكبها ليُطوى الملف وتُسجل الجريمة ضد مجهول. أما دافع المرأة لاختطاف سندس وقتلها وكذا قتل أختها الرضيعة قبل أربع سنوات، فلم يُعرف بعد على وجه الدقة، وقد تظاهرت زوجة العم بالاضطراب العقلي للإيحاء بأنها غير مسؤولة عن أفعالها «غير الإرادية»، بينما تحدثت أنباءٌ أخرى عن أنها ارتكبت جريمتيها بدافع الانتقام من والدي سندس بسبب خلافات عائلية. رعبٌ وحيرة خلفت الجريمتان اللتان حدثتا في ظرف أسبوع واحد ذهولاً واسعاً لدى الجزائيين وهلعا وخوفاً على مصير أطفالهم، ولاسيما بعد أن بدأت الصحفُ المحلية تنشر كل يوم أنباء غير مؤكدة عن «اختفاء» أطفال وإمكانية تعرّضهم للاختطاف، كما بدأت الإشاعات تسري في مختلف الأحياء والمدن عن حالات اختفاء عديدة، ما ساهم في زيادة وتيرة القلق والخوف في نفوس العائلات ودفعها إلى اتخاذ المزيد من التدابير الاحتياطية، تقول حياة معتيب، أم لطفلين «كنتُ من قبل أترك طفليّ يذهبان إلى المدرسة لوحدهما، أما الآن فقد قررت أنا وزوجي مرافقتهما إلى غاية بابيْ المؤسستين التربويتين، زوجي يتكفل بالطفل الكبير وأنا بالطفل الصغير، وفي حدود الساعة الـ12 أنتظر خروجهما لوحدي لمرافقتهما إلى البيت بعد أن يغادر زوجي إلى العمل، ثم أكرر السيناريو معهما في الفترة المسائية ذهاباً وإياباً، هذه الطريقة متعبة، ولكن لا يمكنني أن اطمئن على مصيرهما إلا إذا رافقتهما». بينما قالت إحدى جاراتها «أصبحتُ أضيّق الخناق على طفلتي الوحيدة التي لا تتعدى الخامسة من العمر، لا أرسلها إلى محلّ المواد الغذائية كما كنتُ افعل من قبل، ولا أتركها تلعب إلا لفتراتٍ قليلة في ساحة الحيّ برغم قربها من البيت، وأتفقدها باستمرار وأكلف بنات أكبر منها بمراقبتها وأوصيهن باليقظة، كما أوصيها بعدم الذهاب مع أي جار إذا ناداها، لم نعد نثق بأحد». وتؤكد تقارير أمنية أن أغلب حالات اختطاف الأطفال تورّط فيها جيران، وأن أغلبهم مدمنو مخدرات وأصحاب سوابق، وأنهم يلجؤون إلى قتل ضحاياهم بعد الاختطاف بهدف إخفاء جرائمهم. إعدام الخاطفين أعادت الجرائم البشعة المرتكبة بحق الأطفال المخطوفين، إلى الواجهة مجددا، جدلاً كان قد خفتَ منذ أشهر حول حكم الإعدام، وهل ينبغي إلغاؤه تماماً أم إعادة العمل به وتنفيذه بعد نحو 20 سنة من التجميد؟ ويؤكد نقيب المحامين مصطفى لنْوَر أن «تجميد تنفيذ أحكام الإعدام شجَّع الخاطفين على ارتكاب جرائمهم لأنهم متأكدون أنهم سيُسجنون فقط لبضع سنوات ثم يستفيدون من العفو الرئاسي ويُفرج عنهم، ولو كانوا يدركون أنهم سيُعدمون لفكّروا ألف مرة قبل الإقدام على جرائمهم»، ويؤيده في هذه الدعوة ثلاثة أحزاب إسلامية، حيث طالبت الحكومة بإعادة العمل بتنفيذ أحكام الإعدام، ووجهت مساءلة لوزير العدل عن «التنامي المخيف لآفة اختطاف الأطفال»، بينما عارض المحامي والحقوقي فاروق قسنطيني العودة إلى تنفيذ أحكام الإعدام بذريعة أن التنفيذ «سيريح الخاطفين المجرمين». وطالب بالحكم بسجنهم مدى الحياة لـ»يموتوا ببطء داخل السجن مع استثنائهم من إجراءات العفو إلى غاية وفاتهم». أما الجزائريون الذين قلّب تكرارُ جرائم اختطاف الأطفال وقتلهم حياتَهم رأساً على عقب، فيميلون إلى التأكيد بأن الخاطفين الذين قتلوا شيماء وسندس، لا يستحقون بدورهم ذرة رحمة، ومن ثمة فإن الإعدام هو جزاؤهم العادل، وهم يأملون أن يُرفع التجميد عن تنفيذ أحكام الإعدام، في أقرب وقت بهدف التصدي للجريمة التي استفحلت على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، ومنهم جرائم اختطاف الأطفال وانتهاك أعراضهم وقتلهم بكل وحشية، كما يطالبون الأمنَ بمضاعفة جهوده لحماية أطفالهم وبخاصة في الأحياء السكنية وأمام المدارس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©