الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

علي بــــدر: الأدب المهجـري لا يـــؤثر علـــى الغرب

علي بــــدر: الأدب المهجـري لا يـــؤثر علـــى الغرب
17 يوليو 2007 01:39
علي بدر روائي عراقي يعيش في لبنان، صدرت له سبع روايات ومنها ''الطريق إلى تل المطران'' و''صخبٌ ونساء وكاتب مغمور''، حازت روايته الأولى ''بابا سارتر''على العديد من الجوائز وترجمت إلى لغات أجنبية عديدة، كتب آخر رواياته عن ادوارد سعيد وهي بعنوان''مصابيح أورشليم'' وطُبعت أكثر من مرة وستترجم هذه السنة إلى خمس لغات،''الاتحاد'' التقته على هامش مشاركته في ملتقى أدباء المهجر بالجزائر مؤخراً وحاورته حول قضايا أدب المهجر ولغة الكتابة في بلدان الضيافة، والترجمة، وخصوصية الأدب المهجري وقضايا أخرى· وهذا نص الحوار: لغات الكتابة ؟ قلت إن الأدب العربي الذي يُنتج في الغرب لا قيمة له لأنه لا ينتج بلغات تلك البلدان ليطلع عليه أبناؤها، أليس الأدب المهجري موجَّهاً للقارئ العربي وبالتالي من الطبيعي أن يُنتج بالعربية؟ ؟؟ أقصد أن الأدب المهجري لا تأثير له على العالم الغربي لأن أكثره مكتوبٌ باللغة العربية، المشكلة الأساسية اليوم هي عملية التصنيف، الأدب المهجري حديثٌ لدينا وأكثر الكتّاب العرب كانت هجرتهم حديثة، ونحن بحاجة إلى انتظار عشرين إلى ثلاثين سنة لكي يأتي جيلٌ آخر من الكتّاب الذين يكتبون باللغات الأخرى ويصبح لديهم تأثير حقيقي على العالم الغربي ويكونون فاعلين أيضاً· ؟ الملاحظ أن أدباء المغرب العربي يندمجون في فرنسا والغرب ويكتبون بالفرنسية عكس كتاب المشرق الذين لا يكتبون إلا بالعربية وحدها، ما هي الأسباب؟ ؟؟ بسبب الاستعمار الفرنسي بالتأكيد، كتّاب المغرب العربي يكتبون بالفرنسية بالذات وليس بالإنجليزية أو اليابانية أو لغة أخرى· الفرنسية لديهم هي لغة تفكير، لغة عاطفة، ولغة حياة منذ الصغر، وبالتالي لهم علاقة حميمة معها ويترجمون ذلك في كتاباتهم، أما الكاتب المشرقي فعلاقته الحميمة مع اللغة العربية، حينما يخرج إلى الدول الأوروبية ليست لديه لغة أخرى غير العربية للكتابة والتعبير عن العاطفة والنفس، أما اللغات الأخرى التي يتعلمها فهي لغات تواصل مع الآخر، ولا علاقة لها بمُنتجه الإبداعي، ومن هنا نجد الاختلاف بين كتّاب المشرق وكتَّاب المغرب العربي الذين يكتبون بالفرنسية، لكني لا أوافقك في مسألة الإندماج، فأكثر هؤلاء الذين يكتبون بالفرنسية يشعرون بأنهم يستخدمون لغةَ مستعمر أوَّلاً وبالتالي لديهم علاقة ذات طابع ''منفى'' إزاء هذه اللغة؛ خذ ما تقوله الروائية الجزائرية آسيا جبار مثلاً: ''اللغة الفرنسية هي زوجة الأب الفظة الكريهة''، ومالك حداد يقول:''اللغة الفرنسية هي منفاي''· الدافع الايديولوجي ؟ هل ترى أن الأدب المغاربي المُنتج بالفرنسية له قيمة ما دام يُنتج بلغة الآخر ليطلع عليه؟ ؟؟ من وجهة نظري له قيمة، وقد ناقشتُ الأدباء الجزائريين كثيراً في ملتقى أدباء المهجر والذي أتاح لي فرصة مهمة لإثارة جدال حقيقي حول قضية اللغة، هناك تعاملٌ معها في إطارٍ سياسي، ونحن في المشرق لا نتعامل معها بالمنظور نفسه، هم يتحدثون عن استخدام الفرنسية بدافع إيديولوجي، في حين أن المشارقة الذين يستخدمونها، يفعلون ذلك باعتبارها لغة تواصل؛ استخدام المشرقي لغات أخرى لا يضعه موضع التهمة، ولكن هنالك بالفعل علاقة سياسية باللغة الفرنسية في المغرب العربي وهذا ما رأيناه من خلال الجدالات الحادة المثارة في ملتقى أدباء المهجر، حيث أثيرت اتهاماتٌ حول استخدام الفرنسية وقضايا التعريب· ؟ إذا كانت الكتابة بلغات الآخرين مُهمَّة إلى هذه الدرجة، لماذا لا يبذل أدباء المهجر جهوداً أكبر لترجمة أعمالهم الأدبية إلى هذه اللغات؟ لماذا بقيت الجهود ضئيلة ومحدودة؟ ؟؟ الجهود محدودة بسبب عدم وجود مؤسسات حقيقية تضطلع بمهمة الترجمة إلى لغات الآخر ودعمها، هناك مؤسسة كاملة تابعة للخارجية الإسرائيلية تقوم بعملية الترويج للأدب الإسرائيلي ولديها مجلة بسبع أو ثماني لغات وتُوزَّع على نطاق واسع في العالم، وهي تترجم فصولاً من الروايات والأدب الإسرائيلي، وهذه المؤسسة الخاصة بالترجمة لديها وكيل أدبي يقوم بإقناع دور النشر بطبع هذه الأعمال، طبعاً ليس لدينا نحن العرب من يقوم بهذه الأعمال إطلاقاً؛ فالدول العربية لا تهتم أصلاً بالثقافة ولا تفهم معناها ولا دورها· مُحدِّدات العالمية ؟ هل تُشترط الكتابة بلغات الآخرين لبلوغ العالمية؟ ؟؟ كلا؛ قضية العالمية برأيي فيها محدِّدات عديدة، الكثير من الأدباء العرب يتصور أنه بمجرد أن تترجم روايته على سبيل المثال إلى لغة أوروبية، أو بمجرد أن يكتب رواية وتنشر بلغة عالمية، فقد وصل إلى العالمية، هذا غير صحيح، الأدب العربي هناكَ أدبٌ غير مقروء لأسباب عديدة سياسية وإيديولوجية وثقافية غيرها، أصلاً نحن مقصرِّون في جزءٍ من هذه الأسباب، وهناك أيضاً موقف مسبق من الأدب العربي في الغرب· وبنظري، إذا أردنا بلوغ العالمية، يجب أن تكون هناك مؤسسات عربية تدعِّمنا، هذه القضية أساسية، نعود للحديث عن إسرائيل طالما أن علاقتنا بها صراعية وتنافسية، ديفيد غروسنر وعاموس أوس قرأتُ كل رواياتهما حينما كتبتُ روايتي عن ادوارد سعيد، لا أجدهما يبلغان أيَّ مستوى من مستويات الكتَّاب العرب ولكنهما مع ذلك اليوم ''كاتبان عالميان'' ومرشحان لجوائز نوبل لأن وراءهما مؤسسات قوية تدعمهما، بينما نحن لدينا كتّابٌ متميزون ولكن لا تدعِّمهم أي مؤسسة، وحتى الكتَّاب الذين يكتبون باللغات الأجنبية اختراقاتهم للغرب فردية، وللأسف، هذه أيضاً تُوظف بشكل سياسي، أحياناً حتى تكون كاتباً بلغة عالمية، عليك أن تكتب بصيغٍ ونمطية معينة يقبلها الغرب حتى تكون مقبولاً، وأبسط مثال حصول سلمان رشدي مؤخراً على جائزة''الفارس''البريطانية·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©