الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الخلايا الجذعية» بارقة أمل لعلاج الأمراض المستعصية وزراعة الأعضاء

«الخلايا الجذعية» بارقة أمل لعلاج الأمراض المستعصية وزراعة الأعضاء
25 ديسمبر 2012
نجح فريق من العلماء البريطانيين بجامعة “شيفيلد” في تطوير تقنية جديدة، تعتمد على نقل الخلايا الجذعية للعين، تساعد على إصلاح مشكلات وأمراض الإبصار، الناجمة عن المعاناة من أمراض معينة أو نتيجة التعرض لحادث ما. واعتمد العلماء في أبحاثهم على تقنية خاصة، تعمل على تكوين أغشية مساعدة في عملية ترقيع الخلايا الجذعية للعين، حيث قام العلماء بتكوين قرص دقيق من المواد القابلة للتحلل، والتي يمكن وضعها على قرنية العين، ليتم تعبئته مع الخلايا الجذعية التي تتكاثر لتصبح ثابتة في العين بشكل طبيعي. ما الآفاق الجديدة للعلاج بهذه التقنية ؟ خورشيد حرفوش (أبوظبي) ـ تطالعنا النشرات العلمية كل يوم عن توظيف جديد للخلايا الجذعية في علاج كثير من الأمراض، وتعلق كثير من الآمال المستقبلية على نتائج البحوث العلمية المرتبطة بزراعتها، للاستفادة منها في مجالات كثيرة، خاصة في معالجة عدد من الأمراض المستعصية أو في زراعة الأنسجة والأعضاء، بل والأعصاب. وتتسابق الدوائر العلمية المتخصصة لتسجيل سبق طبي مؤثر في هذا المجال. فإلى أي مدى يمكن أن يستفيد البشر والمرضى من هذا الإنجاز العلمي الخطير؟ يوضح البروفيسورالدكتور كمال إبراهيم، أستاذ جراحة العمود الفقري في جامعة لايولا الأميركية، ماهية “الخلايا الجذعية”، ويقول:” إن الخلايا الجذعية “Stem Cells” هي الخلايا الأصلية المََُوَلدة أو الخلايا الأم “التي تتصف بنشاطها الانقسامي المتجدد في طبيعتها الحيوية، والتي توجد في المراحل الأولى من التشكل الجنيني للفقاريات، ومنها الثدييات والإنسان، وقد وجدت في عدد كبير من النسج والأعضاء في مراحل الاكتمال حتى بعد البلوغ، وهي موجودة بالحبل السري والنخاع العظمي وبعض أنسجة الجسم الأخري. وتُعد الخلايا الجذعية ذخيرة ثمينة، فتحت الآفاق الواسعة لإجراء بحوث علمية متطورة تستخدم نتائجها في التطبيقات البيولوجية والطبية. ولما كانت في الأصل خلايا لا متمايزة، فهي قادرة على الانقسام والتكاثر لتعطي خلايا جديدة غير متمايزة أو أنها تتجه، في شروط حيوية محددة، نحو التمايز لإنتاج خلايا نسيجية، مثال الكريات الدموية أو الخلايا الكبدية أو البنكرياسية أو العضلية أو العصبية، وغيرها من الخلايا في أعضاء الجسم المختلفة. ويمكن توجيهها للتمايز لإعطاء خلايا عصبية أو عظمية أو حتى أوعية دموية. الآفاق المستقبلية ويكمل الدكتور كمال إبراهيم: «كان يعتقد إلى وقت قريب جداً أن الخلايا الجذعية الجسمية لها مصير محدد للتمايز باتجاه تعويض خلايا النسيج أو العضو الموجودة فيه. ولكن تبين أنه يمكن التحكم في توجيه تمايز هذه الخلايا الجذعية بشكل كبير ومتعدد، لأنها تتمتع بمرونة كبيرة. ومع بداية القرن الواحد والعشرين انتشرت البحوث التي بيَّنت أن الحبل السري، الذي كان يرمَى بعد الولادة، يشتمل على خلايا جذعية جنينية، يمكن حفظها وتجميدها لاستخدامها عند الحاجة في معالجة حالات مرضية للوليد في مراحل طفولته أو كهولته. وأُسست شركات في أوروبا وأميركا تشجع الأمهات الولاّدات على عدم التفريط بالحبل السري، لأنه يمكن أن يكون كنزاً ثميناً في المستقبل لأطفالهن. وفتحت البحوث المتقدمة في زراعة الخلايا الجذعية الجنينية والجسمية الآفاق لتطبيقها في معالجة كثير من الأمراض التي كانت تعد أمراضاً مستعصية ميؤوساً من شفائها كحالات داء براكنسون، والزهايمر، والسرطانات، إلى جانب أمراض القلب والسكر والكبد والكلى، وغيرها”. العلاج الخلوي يشير الدكتور عباس السادات، استشاري الأمراض الباطنية والكبد، وزميل الجمعية الملكية للأطباء في إنجلترا، إلى أن جهود العلماء تركزت في أخذ الخلايا الجذعية ووضعها في المعمل وتهيئة ظروف معينة لها، تجعلها تسير في اتجاه التحول لخلية كبد أو قلب أو كلية أو بنكرياس. وزرع الخلايا الجذعية يمكن أن يقلل بالفعل من الحاجة إلى نقل الأعضاء، فهذه الخلايا تتميز بليونة وتنوع كبير من حيث قدرتها على التحول لخلايا عدة، مكونة لأجزاء مختلفة في الجسم، مما يعطي أملاً في استخدامها لعلاج أمراض عديدة، كأمراض السكر والقلب، وبعض الأمراض الوراثية، كعلاج خلوي لكثير من الأمراض التي لا تستجيب للأدوية أو في العلاجات التعويضية. وقد نجحت مؤخراً أول جراحة في الشرق الأوسط لزرع خلايا جذعية داخل القلب، كعلاج لانسداد الشرايين، وتم زراعتها لأربعين مريضاً من مرضي الكبد، كانوا في حاجة إلى زراعة كبد بديلة، وبعد الزرع نجحت هذه الخلايا في القيام بعمل الخلايا الكبدية وتحسنت حالتهم، لكن بعض الحالات يحتاج الى إعادة الحقن بالخلايا مرة أخرى. كما تم الأمر نفسه لبعض مرضى الفشل الكلوي» ويضيف الدكتور السادات: «لقد نجح فريق من العلماء الأميركيين في استنباط خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، مع انعدام فرص رفض الجسم له‏. ولا يزال العلاج بواسطة زرع الخلايا محدوداً، بسبب اضطرار المريض المتلقي للخلايا المزروعة إلى تناول عقاقير شديدة الفاعلية لتثبيت العضو الجديد والحيلولة دون رفض الجسم له، في الوقت الذي تتسبب فيه بعض العقاقير في حدوث الكثير من الأعراض الجانبية الكيميائية السامة، مع زيادة فرص الإصابة بالعدوي الميكروبية‏.‏ وهناك تجارب عديدة في أنحاء العالم كافة تتم على بقية الأعضاء». كبسولة حيوية يكمل الدكتور السادات: «هناك تطور كبير وملموس في المجالات البحثية منذ عام 1989، ونواكب كل تطورات الأبحاث العالمية، وقد تمكن العلماء من عمل كبسولة من غشاء حيوي طبيعي ـ لكلب ـ لا يلفظه الجسم، ووضع خلايا البنكرياس بداخلها وزراعتها، وقد توصلنا إلى ذلك بالحصول “الغشاء المبطن للجنين في رحم الأم”، وتم عمل الكبسولة من هذا الغشاء، مع إعادة زراعته في الغشاء البريتوني لكلب آخر، وتم استخراج الكبسولة في أيام مختلفة، بعد الزراعة وفحصها باثولوجياً، وتبين تكوين أوعية دموية جديدة حول الكبسولة، مما يتيح إمداد الخلايا الموجودة داخل الكبسولة بالغذاء اللازم لها، للحفاظ على حيويتها وضمان أداء وظيفتها. ومن ناحية أخرى لم يلفظ الجسم هذه الكبسولة لأنها مصنوعة من غشاء حيوي طبيعي. كما تم التفكير في علاج مرضي السكري الذين يتم استئصال البنكرياس لديهم لوجود تلف في خلايا الهضم، بشرط بقاء خلايا الأنسولين سليمة، وحيث يتم فصل خلايا الأنسولين من داخل البنكرياس، بعد استئصاله، مع إعادة زراعتها للشخص نفسه داخل غشائه البريتوني من دون كبسولة حتى لا يحدث لها لفظ، لأنها للمريض نفسه. ويعود بعدها إنساناً طبيعياً. وقد نجحت هذه التجارب بالفعل على الحيوانات. فالنتائج مبشرة للغاية. والعلماء في الغرب متحمسون جداً لهذه الأبحاث، وينفقون عليها جيداً، ويؤكدون أن هذا العلاج سيكون في المستقبل الأمل الوحيد لمرضي السكري الذين يعتمدون على الأنسولين”. ثورة نوعية يؤكد الدكتور عبد الحميد النشار، استشاري جراحات الأنف والأذن والحنجرة والرقبة، أن التقنية الطبية العلاجية بالاعتماد على الخلايا الجذعية تمثل ثورة نوعية، ونقلة فارقة في الطب الحديث، حيث لا تقتصر النجاحات على الجانب العلاجي، وإنما فتحت آفاقاً جديدة للطب التعويضي وزراعة الأعضاء، بل تعدى الأمر إلى إنتاج أعصاب جديدة بدلاً عن الأعصاب المريضة أو التالفة بالولادة أو بعد الحوادث. فإذا كانت سجلت نجاحات في علاج بعض السرطانات ومنها سرطان الرأس والرقبة، والحنجرة أو علاج الغدد اللمفاوية وسرطان الدم وأمراض القصبة الهوائية أو استعادة القدرة على الحركة بعد التعرض للحوادث، فإننا اليوم أمام آفاق جديدة في توجيه الخلايا الجذعية لإنتاج الغدد المختلفة، بل تعويض واستعادة حاستي الشم أو السمع بإنتاج عصب جديد للشخص المريض».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©