الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي··· ثلاث حقائق مرة

الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي··· ثلاث حقائق مرة
17 يوليو 2007 01:43
كان ياسر عرفات أول الواصلين؛ وقد أتى إلى المكان الذي احتضن المفاوضات بواسطة طائرة هيلوكبتر رئاسية· أما رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك والرئيس بيل كلينتون، فقد وصلا في اليوم التالي· وهكذا، اجتمع ثلاثي السلام الذي تجرأ على تحدي الخلاف والتاريخ· كان ذلك قبل سبع سنوات حين كانت ثمة آخر أفضل فرصة لإنهاء النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني في منتجع كامب ديفيد· وقد كنت هناك أيضاً باعتباري واحداً من المفاوضين الأميركيين· كنا قد أمضينا السنوات الست التي سبقت ذاك الاجتماع في التفاوض، والضغط، ومحاولة الإقناع بخصوص المشاكل المؤقتة لعملية أوسلو للسلام· وكان كلينتون، الذي كان في الأشهر الأخيرة من ولايته الرئاسية الثانية، قد بذل قصارى جهده في مسعى للتوصل إلى حل شامل للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني· غير أن ذلك لم يحدث· إذ انهارت القمة، التي رعاها رئيس أميركي ملتزم وتحدوه نوايا حسنة، قبل نهاية الأسبوع الثاني، وتلت ذلك عواقب كبيرة كان من الصعب توقعها آنذاك· وخلافاً للسنوات السبع التي سبقت القمة والتي عرفت بعض الحراك، كانت السنوات السبع التي أعقبتها عقيمة؛ حيث خلق الإرهاب والعنف والمواجهة والسياسة الأحادية -التي وجدت ما يشجعها في قرار إدارة بوش غير الحكيم بالتخلي عن الدبلوماسية العربية -الإسرائيلية جادة بالكامل تقريباً- وضعاً يدفع المتشككين والمتشائمين، بل وحتى المؤمنين بإمكانية التوصل إلى حل إلى طرح سؤالٍ محزن وجوهري في آن واحد: هل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني قابل للحل؟ بعد مرور سبع سنوات، يبدو الجواب ''كلا، إنه ليس كذلك'' ذو مصداقية أكثر من أي وقت مضى· ورغم أنني تعلمت من تجاربي ألا أقول ''لا'' في مساعي صنع السلام بين العرب والإسرائيليين، غير أن ثلاث حقائق مرة تبعث على التشاؤم· أولاها: أن قدرة مركز فلسطيني رسمي وبراجماتي على الوجود باتت في خطر كبير· قد يجادل بعضهم بطبيعة الحال بأن هذا المركز لم يوجد أبدا من قبل؛ غير أنني أعتقد أنه كان للفلسطينيين بين 1993 و2000 زعيمٌ تعاون مع أربعة رؤساء حكومة إسرائيليين حول عملية لصنع الســـلام، وهو ما أتـــاح لهم التقدم كثيرا إلى الأمــام· صحيح أن عرفات رفض في نهاية قمة كامب ديفيد التفاوض حول أي شيء أقل من دولة فلسطينية تقام على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس؛ غير أن الحقيقة تظل أنه كان الزعيم غير المتنازع بشأنه وصاحب السلطة لشعب يرغب بشكل متزايد في العيش في دولة إلى جانب إسرائيل (وليس مكانها)· ولهذا الغرض، ذهب إلى كامب ديفيد وخاض محادثات كسرت التابوهات وخلقت قاعدة للتقدم· والواقع أن مشكلة عرفات- الذي كان من الصعب التعامل معه، ومن المستحيل التقدم من دونه- وضعٌ أفضل مما نواجهه اليوم بكثير· فاليوم لدينا بيت فلسطيني منقسم ومعطل في جزء من فلسطين لا يسيطر على السياسة أو الحدود أو الموارد أو الأسلحة· وشخصياً، أعرف رئيس السلطة الفلسطينية منذ أكثر من عقد من الزمن؛ إنه رجل فاضل ومعتدل، ولديه الإرادة والحافز لصنع السلام مع إسرائيل؛ غير أنه يفتقر إلى السلطة· فهو بالكاد يسيطر على حركته، حركة ''فتح''، ناهيك عن الضفة الغربية· ومن أجل تقويته، تقدم إسرائيل والولايات المتحدة الأموال والسجناء والدعم السياسي، وربما حتى الأسلحة أيضاً· الواقع أن الأمر يستحق محاولة أخرى، غير أن احتمالات النجاح كانت أفضل بكثير في ،2005 عندما كان عباس المنتخبُ حديثاً أقوى بكثير و''حماس'' أضعف بكثير· ثانياً، تعاني إسرائيل أزمة زعامة أيضاً· والحقيقة أن إجماعاً أقوى من أي وقت مضى يوجد بين الإسرائيليين اليوم حول حل المشكلة الفلسطينية -ولكنهم ينتظرون زعيماً يدلهم على السبيل إلى ذلك· فمنذ اغتيال إسحاق رابين (الذي يعد الزعيم الإسرائيلي الوحيد الذي جمع الصرامة والبراجماتية)، تعاقب على إسرائيل خمسة رؤساء حكومات لم تكن لأي واحد منهم الرؤية والشخصية والذكاء -أو الشريك الفلسطيني- لتحقيق السلام· ومن الواضح أن رئيس الوزراء الحالي إيهود أولمرت ليس سوى وجه مؤقت، وربما يكون حزبه ''كاديما'' ظاهرة عابرة أيضاً· وينظر إليه منافساه المحتملان، رئيسا الوزراء السابقان إيهود باراك وبنيامين نتانياهو، على انه عائق أمام مخططيهما للتنافس في الانتخابات التي لا يستبعد أن تجرى بداية العــــام المقبل· الواقع المر الثالث يكمن في أنه على الرغم من أن حل الدولتين مايزال يعد الخيار الأقل سوءا لإنهاء النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، إلا انه بات أقل احتمالاً· ذلك أن اتساع الهوة بين قطاع غزة والضفة الغربية إنما يؤكد ما يعرفه الكثيرون منذ وقت طويل، ألا هو حقيقة أنه من الصعب تصور دولة فلسطينية مبتورة تفصل بين جزءيها إسرائيل، يضاف إليها اليوم انقسام متزايد داخل الصف الفلسطيني· ونتيجة لذلك، ثمة اليوم كلام متزايد في أوساط الفلسطينيين حول حل الدولة الواحدة - وهو ما لا يعد بطبيعة الحال حلاًّ، وهو ما يعني أيضا نهاية إسرائيل كدولة يهودية· ربما ثمة دائماً فرصة أخرى لإنهاء النزاع العربي- الإسرائيلي، ولكن علينا ألا نضغط كثيراً· فالأحداث وضعتنا خلال السنوات القليلة الماضية بالقرب من نقطـــة لن يصبح بعدها حل الدولتين -وربما أي حل- متاحـــاً لإنهاء النزاع· ولذلك، فمن أجل إحراز التقدم، سيتعين على الولايات المتحدة إلى جانب العالم العربي والمجتمع الدولي أن تتدخل وتطلق جهودا شاملة لإنهاء العنف، وتشجيع الانتعاش الاقتصادي بالنسبة للفلسطينيين، وتدشين عملية تفاوض تتناول القضايا الجوهرية· وسواء شئنا أم أبينا، فلا بد من أن تكون ''حماس'' جزءا من هذا الحل· يبدو كل ذلك خياليا اليوم، ولكن الوضع لن يصحح نفسه· من دون جهود حثيثة تتزعمها الولايات المتحدة، واتخاذ العرب والإسرائيليين لقرارات صعبة، فإن صنع السلام في الشرق الأوسط، وعلى غرار قمة كامب ديفيد، يمكن أن يضيع· مستشار سابق لستة وزراء خارجية أميركيين، وباحث في مركز وودرو ويلسون ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©