الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب الكاكاو ··· ومخاطر الصراع السياسي في ساحل العاج

حرب الكاكاو ··· ومخاطر الصراع السياسي في ساحل العاج
18 يوليو 2007 02:45
في البدء كان ''الماس الدم'' في سيراليون، حيث تحالف المتمردون مع الرئيس الليبيري السابق ''تشارلز تايلور'' في التسعينيات لتلقي أسلحة استخدمت لترويع السكان وإرهابهم مقابل الحصول على الأحجار الكريمة التي كانت تباع عالمياً إلى مستهلكين لم يكونوا يعرفون مصدرها· ثم بعد ذلك جاءت ''غابات الدم'' من ليبيريا عندما فرضت الأمم المتحدة عقوبات على تصدير الألماس من ليبيريا في عام 2001 ليلجأ حينها ''تايلور''، الذي يحاكم اليوم في لاهاي بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، إلى نهب الغابات لتمويل حربه الطاحنة عبر حدود البلدين· واليوم يبدو أن صراعاً آخر اندلع في أفريقيا الغربية وتموله سلعة مغايرة تقع موقع الحب في نفوس الغرب ألا وهي الشوكولاته· فقد استغلت كل من الحكومة وقادة المتمردين في ساحل العاج، وهي أكبر دولة مصدرة للكاكـــاو، العائدات الكبيرة لهــــذه السلعة الحيوية لتمويل الحرب الأهلية التي اجتاحت هذا البلد الأفريقي بين 2002 و،2003 رغم أنه معروف في السابق باستقراره وازدهاره، وذلك حســـب ما جاء في تقرير ''جلوبال ويتنس''، المنظمة اللندنيــــة التي تهتم بالصراعات الناجمة عن استغلال الموارد· ويؤكد التقرير المعنون ''الشوكولاته الساخنة: كيف غذى الكاكاو الصراع في ساحل العاج'' تتلقى الحكومة أكثر من 58 مليون دولار من صناعة الكاكاو، بينما حصل متمردو ''القوات الجديدة'' على 30 مليون دولار منذ 2004 على شكل ضرائب وعائدات· ويُشار إلى أن ساحل العاج تعتبر المنتج الرئيسي للكاكاو في العالم، بحيث تنتج 40% من مجموع الصادرات العالمية، وهو ما وفر لها في السنة الماضية مليار دولار من العائدات· ولم تنتهِ المعارك الضارية بين الحكومة والمتمردين إلا بسيطرة حكومة الرئيس ''لورو جاجبو'' على الجنوب، الذي ينتج 90% من الكاكاو، وتمركز ''القوات الجديدة'' المتمردة في الشمال· لكن الطرفين وقعا اتفاقية للسلام في شهر مارس الماضي أسفرت عن انضمام زعيم المتمردين ''جويوم سورو'' إلى الحكومـــة وتقلـــده منصـــب رئيس الوزراء· وتعتقد منظمة ''جلوبال ويتنس'' أن تجارة الكاكـــاو لم تقتصر فقط على تغذية اقتصاد الحرب، بل إنها ساهمت في تعزيز مصالح الحكومـــة والمتمردين الذين جنوا مكاسب سياسية واقتصادية من دون محاسبة· واللافت أن مؤيدي الرئيس ''جاجبو'' وحكومته لم ينفوا نتائج التقرير، ولم يبدوا أي استياء إزاء ذلك· فقد تساءل ''آبيا كابران''، نائب مدير ''المجلس الوطني للمقاومة والديمقراطية'' الموالي للحكومة قائلا ''وأين تعتقدون أننا سنجد المال لخوض الحرب''، مضيفاً أن أي جماعة تتعرض للهجوم يتعين عليها توفير الموارد الضرورية أينما وجدت· لكن المتمردين ينكرون من جانبهم استخدام أرباح تجارة الكاكاو لتمويل جيوشهم، حيث أكد ''سيراتيجوس كونات''، المتحدث باسم ''سورو'' في معرض نفيه لاتهامات استغلال عائدات الكاكاو، أن المتمردين لم يكونوا مسؤولين عن الاقتصاد في المناطق الغنية بالكاكاو في ساحل العاج وبأنها كانت خاضعة لسيطرة الحكومة· غير أنه على امتداد العقد الأخير، دأبت الحكومات والمتمردون في غرب أفريقيا على توظيف أموال البضائع لتمويل نزاعاتهم· ولعل ما يفصل بين حروب الألماس والغابات في ليبيريا عن حرب الكاكاو في ساحل العاج هو قيام مجلس الأمن بفرض عقوبات على المُنتجيْن الأوليْن لقطع المال عن المستفيدين الذين يدعمون الأنظمة العنيفة، بينما ظل الكاكاو خارج نطاق العقوبات· وحسب ''ألفونس مادي''، أمين عام ''حزب ساحل العاج الديمقراطي'' المعارض الذي حكم البلاد قرابة أربعة عقود حتى الانقلاب العسكري لعام ،1999 تعتمد الحكومة والمتمردون على موارد أخرى غير الكاكـــاو تشمـــل البن والقطن والنفـــط، معتبراً أن بيع تلــــك السلع لم يكن في يوم الأيام شفافـــاً· ويلقي ''ألفونس'' أيضاً اللوم بشكـــل خاص على البنــــك الدولي الذي دفـــع البلـــد إلى التخلي عن مراقبة الأسعار لصالح تحرير الســـوق، وهو ما سمح لحكومة ''جباجو'' بشراء ما تحتاجه من أسلحة· وبرغم أن رأيه يخضع لاعتبارات حزبية وظروف الصراع السياسي، فإن التقرير نفسه يشير إلى غياب واضح للشفافية والمحاسبة في قطاع الكاكـــاو بساحل العـــاج· ويدعو التقرير في هذا السياق إلى توقف المصنعين الغربيين عن التعامل مع الكاكاو القادم من ساحل العاج للحد من احتمال اندلاع حرب الشوكولاته· بيد أن النوايا الحسنة التي تسعى إلى وقف الحرب وحقن الدماء قد تأتي بنتائج عكسية كما يحذر من ذلك ''دانيال بلينت كورتي''، خبير في شؤون ساحل العاج ومحلل لدى ''تشاذام هاوس'' بلندن· فقد يؤدي قطع إمدادات الكاكاو القادمة من ساحل العاج إلى الأسواق العالمية إلى إلحاق ضرر بالغ بأربعة ملايين شخص يعملون في القطاع· ولا يبدو أن تطلعات الأمين العام ''لحزب ساحل العاج الديمقراطي'' الذي كان يتمنى استفادة الشعب من عائدات الكاكاو وتوجيهها إلى توفير الخدمات الضرورية في الصحة والتعليم وغيرهما قريبة التحقيق في ظل غياب آلية لمراقبة تجارة الكاكاو وتضمن المحاسبة والشفافية· فاليوم يقول ''ألفونس مادي'' إن الحكومة تبيع سلعتها في الأسواق العالمية لكن العائدات سرعان ما تختفي من دون أن يستفيد منها السواد الأعظم من الشعب· غير أن ''آبيا كابران'' الموالي للحكومة نفى أن يكون الرئيس قد اغتنى من عائدات الكاكاو متسائلاً عن سبب إثارة موضوع حرب الكاكاو في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى إحلال السلام قائلا ''لماذا لا يتم الحديث عن النفط في العراق الذي بات أكثر دمويـــة من الكاكـــاو؟ مراسل كريستيان ساينس مونيتور في ساحل العاج ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©