الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون السوريون... معاناة يزيدها الشتاء

25 ديسمبر 2012
كارول موريلو – يايلاداجي تركيا تفكر أم خالد في بيع بعض حصص الطعام الأساسية التي تمنح للاجئين السوريين من أجل شراء ملابس شتوية دافئة لأطفالها الثمانية. وتقول، وهي تقدم القهوة سريعة التحضير التي أعدتها على صفيح ساخن داخل الخيمة التي تأوي العائلة منذ أن فروا من سوريا قبل 18 شهراً: «لقد كنت أفكر في أنني أستطيع شراء شيء ما كل شهر لطفل واحد بهذه الطريقة». وخارج الخيمة، سقطت أمطار غزيرة أدت إلى تشكل برك صغيرة وحولت التراب إلى وحل زلق. ورغم أن الجو كان بارداً ورطباً، إلا أن الأطفال كانوا يجرون ويلهون عبر المكان مرتدين سترات وصنادل مفتوحة فقط. وتقول أم خالد، التي تبلغ الثانية والثلاثين من عمرها وكانت ترتدي فستاناً طويلا رقيقاً كانت تلبسه عندما وصلت إلى تركيا الصيف الماضي: «إنني لا أبالي بنفسي، بل أهتم فقط بما يحتاجه أطفالي». والواقع أن دنو فصل الشتاء يزيد حياة قاسية أصلا صعوبةً بالنسبة للـ500 ألف سوري الذين يعيشون في مخيمات للاجئين في البلدان المجاورة، رقم قالت الأمم المتحدة إنه قد يتضاعف بحلول منتصف العام المقبل. غير أن الوضع أسوأ بكثير في بعض المخيمات داخل سوريا حيث إمدادات الطعام لا تكفي، والمصدر الرئيسي للضوء هو شموع مثبتة على علب قصديرية. لكن مشاعر الاستياء من الشتاء محسوسة حتى في مخيمات أجمل مثل المخيم الذي يأوي قرابة 2800 سوري في يايلاداجي، حيث قامت الحكومة التركية بتزويد الأرضية المحيطة بمخزن سابق للتبغ بالعديد من المرافق الأساسية التي تهدف إلى جعل حياة اللاجئين محتملة. ذلك أن كل واحدة من الخيام الـ239 التي تضم نصف عدد اللاجئين موصولة بالكهرباء بقصد تشغيل مصباح وجهاز تدفئة على شاكلة رادياتور محمول على عجلات. والكثيرون هنا لديهم قنوات تلفزيونية فضائية على أجهزة تلفاز رخيصة ابتاعوها، غالباً بواسطة أجور تقاضوها مقابل صباغة المنازل أو جني الزيتون في يايلاداجي. كما توجد في المخيم بضع آلات غسيل أيضاً. وفي بوابة المخيم، يساعد جهاز كشف المعادن، رغم أنه يتم تجاهله في الغالب، على الإبقاء على الأسلحة خارج المخيم الذي يعد نصف سكانه من الأطفال. أما اللاجئون الأوفر حظاً، فقد تم إيواؤهم داخل بناية فارغة في المجمع، حيث تزدحم عائلات بأكملها في 276 غرفة يعادل حجم الواحدة منها مساحة حجرة صغيرة لحفظ الثياب. ورغم أن أكثر احتياجاتهم الأساسية تلبى، فإن العديد من السكان متجهمون لأنهم يواجهون ثاني فصل شتاء في مخيم للاجئين. وفي هذا السياق، تقول هاوية سموع (55 عاماً)، وهي تقتسم غرفتين في المخزن مع زوجها وأبنائها الثلاثة وزوجة ابنها: «إنني أبقى في الداخل طوال الوقت... ولا أخرج إلا إذا كنت ذاهبة إلى الطبيب». معطفان رجاليان، مستعاران من لاجئين آخرين لديهم فائض من المعاطف علقا على المشجب. أما سموع، فلم تكن ترتدي أي سترة تحت عباءتها السوداء. الحرارة تنخفض عادة إلى ما دون درجة التجمد خلال ليالي الشتاء الباردة في يايلاداجي؛ وقمم الجبال غير البعيدة كسيت بالثلوج. وتقول امرأتان تغسلان الأواني عند صنبور ماء بارد قرب سياج معدني تعلوه أسلاك شائكة، إن الكبار يصابون بالبرد والزكام من الأطفال. وتقول رضا، وهي حامل في شهرها السادس: «إننا نمرض دائماً، جميعنا». ومن جانبه، يقول سليمان كباي (18 عاماً)، وهو عامل بناء يرتدي سترة جلدية رقيقة، إنه يكره تكرار سيناريو الشتاء الماضي عندما تسبب سقوط الثلج بكثافة في انهيار عدد من الخيام. حينها، انقطع التيار الكهربائي لثلاثة أيام، ومكث العديد من اللاجئين في خيامهم مكومين تحت البطانيات إلى أن عادت الكهرباء واشتغلت مدفئاتهم من جديد. وفي هذه الأثناء، تعمل الحكومة التركية على تحسين ظروف العيش في يايلاداجي، يقول مدير المخيم محمد جونس، حيث تقوم بتجديد مخزن آخر حتى يستطيع السكان الذين يعيشون في خيام حالياً الانتقال للعيش داخله، وتعتزم حفر قنوات لصرف مياه البرك المتجمعة. كما تم توزيع بطانيات إضافية بحيث تصبح لدى كل لاجئ بطانيتان. ويتوقع وصول شحنة من الملابس الدافئة الجديدة التي اشترتها الحكومة قريباً. غير أن ذلك لن يخفف من الشعور القوي بالخسارة في المخيم بينمـا لا تلوح في الأفـق بوادر نهاية وشيكة للحرب في سوريا. وفي هذا السياق، يقول مروان سليم (39 عاماً)، وهو محام: «إن أطفالي فقدوا عامين تقريباً من حياتهم في هذا المخيم»، متأسفاً لكونهم يتعلمون باللغة التركية وليس العربية. أم خالد تضع وجهها بين يديها وتبكي عندما تتذكر المنزل الحجري الذي تركته خلفها في بلدة جبل الزاوية، محاطاً بأشجار العنب ومزوداً ببئر في الخلف. لقد عادت إلى سوريا هذا الشهر لأول مرة، ووجدت منزلها محروقاً بالكامل. وتقول إنها رأت طائرات حربية سورية تلقي قنابل على بلدة مجاورة، وأدركت أنها لن تستطيع العودة إلى وطنها قريباً. وعلى حافة المخيم، أشارت سميرة زحلوق (48 عاماً)، إلى بقع بنية على خيمتها البيضاء نتيجة الأمطار التي تهاطلت. وخارج الخيمة، تجمعت بركة صغيرة من مياه الأمطار وكبرت مع الوقت. ونتيجة لذلك، ابتلت البطانية الصوفية البنية التي تغطي أرضية خيمتها، وتقول: «كل ما أريده هو العودة... لا توجد حياة هنا». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©