الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سيناريوهات البرنامج النووي الإيراني

10 فبراير 2014 00:00
جاري ميلوهولين - رئيس برنامج ويسكونسن لمراقبة الأسلحة النووية فاليري لينسي - المديرة التنفيذية للبرنامج نفسه دخلت لتوها المباحثات النووية بين إيران والغرب في مرحلتها الدقيقة والصعبة والتي تنطوي على تحديات كبيرة، فخلال الشهور القليلة المقبلة ستحاول الولايات المتحدة وشركاؤها في المفاوضات مع إيران إقناع طهران، كما جاء على لسان أوباما، بالموافقة على «برنامج نووي ذي طبيعة مدنية» بما يعنيه ذلك من «قدرات تخصيبية متواضعة» تحول دون امتلاك إيران للقدرات التي تمكنها من إنتاج السلاح النووي. والحقيقة أن بلوغ هذا الهدف سيكون أصعب مما يتصـور البعض، فأي برنامج مدني للتخصيب النووي موجـه لأغراض توليد الطاقة هو بطبيعته أكبر من برنامج صناعة القنبلة. وهذا عكس ما يعتقده الناس، إذ يتصور غير المتخصصين أن البرنامج العسكري هو بالضرورة أكبر من نظيره المدني وأنه يتطلب إمكانات أكبر ووقتاً أطول، والحال أنه لا وجود على أرض الواقع لبرنامج تخصيب نووي للطاقة المدنية يكون صغيراً ومتواضعاً. وحتى نفهم الأمر لنلقِ نظرة على الأرقام والمعطيات: من المعروف أن هناك قلقاً إزاء أجهزة الطرد المركزية التي تمتلكها إيران، وهي أسطوانات تدور بسرعة فائقة وتعمل على تخصيب اليورانيوم. تلك الأسطوانات هي المسؤولة عن إنتاج الوقود، سواء للمفاعلات المدنية التي تنتج الطاقة النووية أو التي تصنع القنبلة. وللمقارنة فقط، يتطلب إنتاج الوقود لمفاعل نووي مدني يولد ألف ميجاوات من الكهرباء، قدرة تخصيبية تفوق 25 مرة ما يتطلبه تخصيب اليورانيوم لإنتاج القنبلة. وبعبارة أخرى إذا كانت إيران تملك القدرة التخصيبية لإنتاج وقود لمفاعل بحجم بوشهر وتشغيله لمدة سنة، وقررت بدلا من ذلك صناعة القنبلة، فستكون قادرة على إنتاج وقود لرأس نووي في غضون 15 يوماً وبوتيرة 25 قنبلة في السنة. وبالطبع لن تسمح أي صفقة مع الولايات المتحدة باكتساب هذه القدرة، والأكثر من ذلك فإن السماح لإيران بامتلاك قدرة نووية مدنية سيكون بمثابة توسيع لبرنامجها الحالي، فطهران تنتج حالياً 1.9 طناً من اليورانيوم المخصب سنويا، لكن لتشغيل مفاعل نووي يولد ألف ميجاوات من الكهرباء لابد من إنتاج 20 طن سنوياً، وحتى إذا أرادت إيران إنشاء مفاعل نووي أقل قوة وبنسبة إنتاج تصل 360 ميجاوات، فإنها ستحتاج إلى تخصيب اليورانيوم بوتيرة ثلاث مرات أكثر مما تقوم به اليوم، وفي كلتا الحالتين، سواء وفرت إيران وقوداً لمفاعل مدني كبير بحجم ألف ميجاوات، أو حتى لأصغر منه، فإنها ستتمكن عبر الوقود النووي من تصنيع عدة قنابل نووية في السنة إذا قررت ذلك، وبمعنى آخر سيكون البرنامج النووي الموجه لأغراض مدنية مثل إنتاج الكهرباء كافياً، بل يفيض على حاجة الوصول إلى السلاح النووي. لذا يبقى السؤال المطروح الآن هو: إذا لم يُسمح لإيران بإقامة مفاعل نووي لإنتاج الطاقة، فمَا الجدوى إذن من أجهزة الطرد التي تملكها؟ في هذه الحالة ستكون فائدتها الوحيدة إنتاج الوقود لمفاعل صغير غير مخصص لإنتاج الطاقة وموجه تحديداً لأغراض البحث العلمي. لكن إيران خصبت من اليورانيوم أكثر مما يحتاجه مفاعل الأبحاث العلمية بطهران. والواقع أن أجهزة الطرد المركزية المتوفرة لدى إيران لا تناسب الأهداف المدنية للبرنامج النووي، فهي من جهة لا تملك ما يكفي من تلك الأجهزة لتشغيل مفاعل نووي قادر على توليد الطاقة الكهربائية، إلا أن لديها من جهة أخرى ما يكفي لإنتاج الأسلحة. هذا المعطى الصادم يخيم حالياً على المفاوضين الدوليين، فإلى غاية اللحظة خصبت إيران ثلثي اليورانيوم الذي تحتاجه لتصنيع القنبلة. وبإخضاع مخزونها الحالي للمزيد من التخصيب ستمتلك إيران ست قنابل نووية، فكيف يمكن لهذه المعطيات أن تؤثر على المباحثات النووية الجارية مع إيران؟ وهل يمكن السماح لطهران بامتلاك قدرة تخصيبية متواضعة لا تصل إلى مستوى تصنيع الأسلحة؟ في هذا السياق يبرز سيناريوهان يمكنهما التعامل مع هذه الإشكالية، أحدهما أن تُبقي إيران أجهزة الطرد مشتغلة على أن تتخلص من مخزون اليورانيوم المخصب، في هذه الحالة يمكن تطعيم أجهزة الطرد المركزية باليورانيوم الخام فقط، ما يعني أن الأمر سيستغرق وقتاً أطول للوصول إلى مستوى التخصيب الذي يمكنها من تصنيع القنبلة.كما أنه باستخدام اليورانيوم الخام ستحتاج إيران لستة أشهر على الأقل لتكثيف التخصيب، ما يعطي للمجتمع الدولي فرصة كافية للتدخل، أما السيناريو الثاني فيتمثل في إبقاء إيران على مستويات التخصيب الحالية. لكن مع تقليص أجهزة الطرد العاملة، لأنه بمعدل التخصيب الحالي وبعدد تسعة آلاف من أجهزة الطرد المركزي يعني أن إيران ستحتاج شهرين فقط لتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لحيازة القنبلة النووية. وحتى يعمل السيناريوهان على أكمل وجه سيكون على إيران السماح بوصول المفتشين الدوليين إلى برنامجها النووي للتحقق من عدم وجود تجاوزات، كما سيكون عليها تفكيك، أو تعديل، مفاعل الأبحاث الكبير الذي يعمل بالبلوتونيوم في آراك، وكذا الكف عن توسيع مخزونها من اليوراينوم بدرجة 20 في المئة، والموافقة على عدم تشغيل أجهزة طرد مركزية أخرى، فهل توافق إيران على كل ذلك؟ لغاية الآن تبدو الرحلة طويلة، فإيران روجت خططاً لتوسيع العمل بأجهزة الطرد المركزي وليس تقليصها، لكن مع ذلك على الولايات المتحدة التمسك بأحد السيناريوهين وإلا ستترك إيران بأجهزة طرد لن تفيدها في تطوير برنامجها المدني لإنتاج الطاقة النووية، بل فقط تمهد لها الطريق لامتلاك القنبلة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©