السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إرهابيو أميركا··· جماعات خاملة تنتظر التحول

إرهابيو أميركا··· جماعات خاملة تنتظر التحول
16 مارس 2008 03:06
كيف سيتعامل الرئيس المقبل مع الأزمة الإرهابية لعامي 2010-2011؟ لا أقصد هنا التعامل مع إرهابيي هجمات 11 سبتمبر، إنما مع المتطرفين المحليين الذين تشير وقائع التاريخ وأحداثه إلى احتمال نهوضهم واستئنافهم لأعمال العنف الوحشي، ومع أن محاولة التكهن بموجة جديدة من التطرف السياسي تبدو أقرب إلى محاولة التكهن بفناء العالم، إلا أن لها أساساً يدعمها في التاريخ السياسي الأميركي على أي حال، ففي شهر نوفمبر المقبل لا يستبعد انتخاب قيادة ديمقراطية جديدة لتحل محل المؤسسة السياسية المحافظة التي طال أمد سيطرتها على مقاليد الحكم في البيت الأبيض، فقد تكرر حدوث تحول سياسي كهذا ثلاث مرات خلال الثمانين عامـــاً الماضية من التاريخ الأميركي، في الأعــــوام ،1932 ،1960 و،1962 مـــع استثناء هزيمة الرئيس الأسبق ''جيرالد فورد'' لأسباب عديدة· وفي كل فترة من هذه الفترات، كان يتكرر بروز مروع لليمين الراديكالي، وكذلك ظهور الحركات العسكرية وشبه العسكرية، في مدة تتراوح بين كل سنتين إلى ثلاث سنوات، وفي كل حالة من تلك الحالات، كانت الحركات الغاضبة هذه، تفرخ مجموعة من الخلايا الإرهابية التي تدبر وتنفذ عمليات الاغتيال وتفجير القنابل وغيرها، والمثير للملاحظة هنا أن نهوض هذه الجماعات، عادة ما يصحب التحول السياسي من سيطرة المحافظين إلى صعود الإدارات الليبرالية الديمقراطية، كما يجب القول أيضاً إن الحركات العسكرية هذه ينخفض عددها وحجمها ونشاطها في ظل وجود الإدارات الجمهورية المحافظة، فعلى إثر تولي ''فرانكلين روزفلت'' لمهامه الرئاسية في عام ،1933 استعار عدد من الحركات والمنظمات اليمينية المتطرفة، ذات الأساليب والشعارات التي رفعتها الفاشية الأوروبية، ولعل أشهر هذه الحركات وأقواها تأثيراً حينئذ جماعة ''سيلفر شيرت'' التي جمعت بين عنف العداء للسامية من جهة، والروحانيات الحديثة من جهة أخرى· وبحلول نهاية ذلك العقد، شرعت ''الجبهة المسيحية'' الموالية للنازية في تسليح مجموعة من مقاتليها بهدف القيام بانقلاب عسكري، خططت لاغتيال الساسة الأميركيين المؤيدين لأجندة ''الصفقة الجديدة'' إلى جانب قصف المدن الساحلية الشرقية بالقنابل وتنظيم مجازر جماعية لليهود· ثم عاودت هذه المليشيــات اليمينيــة المتطرفــة الظهور تارة أخرى عقب انتخاب الرئيس ''جون كنيدي'' في الوقت الذي تعززت فيه قناعة اليمين المتطرف بأن إدارة ''كنيدي'' كانــــت تحــت طائلــــة تأثيـــر شيوعـــي قـــــوي، مــا حمــل بعض تلك الجماعــــات على التعهــــد بتنظيم تمرد عسكري يرمي للإطاحــــة بـ''الإدارة الحمراء'' على حد وصفهـــم، وقد تمكنـــت الجماعة التي اتخذت لنفسها الاسم التاريخي ''مينيتمان'' من بناء ترسانة أسلحة مروعة، بينما حملت نشراتها الدعائية أسماء ساسة قالت إن رؤوسهم قد حان قطافها بفوهــــات بنادق القناصين، وقد عمـــد بعــــض مقاتلــــي هـــذه الجماعــــة إلى تمويـــل عملياتهـــم المتطرفـــة عن طريق السطو على البنوك، بينما تحالــف البعض الآخر مع منظمة الـ''كوكلاس كلان'' المتطرفة التي كانت صفوفها تضم عشــرات الآلاف من الأعضاء الناشطين· لم تتمكن هذه الجماعات مطلقاً من تنفيذ كامل الخطط الإرهابيـــة المتطرفة التي دبرتها في السابق، ولكنهــــا تمكنـــت خلال سنوات إدارة ''كلينتون'' من ترك بصمات أقوى من غيرها، فبحلول عام ،2004 ذهبت التقديرات إلى انخراط نحو ربع مليون أميركي في مليشيات ''وطنية'' مسلحة ومتدربة، كان هدفها مقاومة ما وصفته بالنظام الليبرالي اليساري العالمي الجديد الذي وضعتـــه تلك الإدارة، ومثلما حـــدث في الماضي، فقد انحرف بعض هذه المجموعات إلى هوة تطرف جد خطير بتحالفه مع الحركــــات العنصرية المعاديــــة لليهود بصفة خاصة، وما أن حدثت تفجيرات مدينة أوكلاهوما في عام ،1995 حتى تبين للجميـــع مدى خطورة مثل هـــذه التحالفـــات، بل إن من هــذه الجماعات مـــن يتطلــع إلى ما هو أشد خطراً من كل هـــذا، كالحصول على الأسلحة البيولوجية والنووية· وهذا ما وصفته رواية ''مفكرات تيرنر'' التي تحولت إلى كتيب مرشد للحركات اليمينية المتطرفة، لما لبطلها من قدرة إلهام هائلة لارتكاب أعمال العنف، إذ تنتهي حياة البطل بتنفيذه هجوماً نووياً ضد البنتاجون · وما يفسر تكرار ظهور مثل هذه الحركات، ليست دورات التاريخ الغامضة الغريبة، بل المخاطر الماثلة والمتوقعة، الناشئة عن سياسات الحكومات واستجاباتها، يذكر أن الإدارات الجمهورية التي سيطرت على البيت الأبيض خلال القرن الماضي، طالما قدمت نفسها على أنها حامي حمى التراب الأميركي ضد أي مخاطر خارجية محتملة، ومن ناحيتها فقد اعتقدت الإدارات الليبرالية المتعاقبة دائماً أن تلك المخاطر مبالغ فيها، ولذا فقد انصب جل اهتمامها على أولويات السياسة المحلية، وتباعاً خلال عقود الثلاثينيات والستينيات والتسعينيات من القرن الماضي، دأب منتقدو الإدارات الليبرالية من اليمينيين، على تصوير هذه الإدارات ليس على أنها ضعيفة في قضايا الأمن القومي فحسب، بل على أنها إدارات خائنة تخطط عمداً لبيع البلاد لأعدائها، وفي سبيل مواجهة خطر متوهم كهذا، لجأت هذه الحركات للتقليد الأميركي المتوارث منذ قديم الزمان، حمل السلاح في وجه الطغاة كلما استدعت الضرورة· والسؤال الذي نثيره الآن: هل يمكن لهذا أن يتكرر ثانيةً؟ للإجابة على هذا السؤال، عليك أن تتخيل سيناريو إدارة ديمقراطية تعلن انسحابها من العراق، وأن المحافظين قد استشاطوا غضباً من خيانة الليبراليين للتضحيات الجسيمة التي قدمها جنودنا هناك، ولكي تكتمل عندك الصورة، فإن عليك أن تضع في الحساب كافة الأفراد الذين عملوا في شركات الخدمات المسلحة والأمنية الخاصة طوال السنوات الماضية في العراق وغيره، بكل ما توفره لهم خبرتهم العسكرية والأسلحة التي حصلوا عليها، من تأهيل لأن يصبحوا أقوى العناصر المقاتلة وأكثرها فتكاً في أي مليشيات يمينية جديدة ربما ترفع السلاح في وجه الإدارة الليبرالية الجديدة! فيليب جنكينز مؤلف كتاب قارة الرب: المسيحية والإسلام وأوروبا الأزمة الدينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©