الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مثقفون: تعليم الفرنسية أيديولوجي واقصائي

مثقفون: تعليم الفرنسية أيديولوجي واقصائي
16 مارس 2008 03:09
عقدت في الجزائر مؤخراً ندوة بعنوان '' لغات القراءة في الجزائر'' أدارها الشاعر جيلالي نجاري وشارك فيها عدد من المثقفين المتخصصين، وطرح نجاري في تقديمه للندوة عدة أسئلة منها: ما هي اللغات التي يقرأ بها الجزائريون؟ هل هناك تنوع لغوي في القراءة ؟ من هي الفئة التي تقرأ أكثر باللغة العربية ومن هي الفئة التي تقرأ بالفرنسية؟ وماذا عن واقع القراءة باللغات الحية الأخرى؟ ولماذا يجافي القارئ الكتاب بهذا الشكل بغض النظر عن اللغة المكتوب بها؟ وقبل البدء في مناقشة محاور الندوة عرض نجاري تحقيقاً ميدانياً مصوراً نزل خلاله إلى المكتبات ليسأل عن لغات القراءة، فلاحظ أحد الناشرين أن الصغار والشباب يقرأون أكثر باللغة العربية وخاصة الكتب شبه المدرسية، إلا أن تلاميذ المدارس الخاصة يقرأون أكثر بالفرنسية بسبب تكوينهم الجيد في هذه اللغة عكس تلاميذ المدرسة العمومية، وأضاف أن سكان الشرق والجنوب من الجزائريين يطالعون بالعربية أساساً بسبب تكوينهم وميولهم الدينية عكس سكان الوسط، ولاحظ ناشرٌ آخر أن المسنين يقرأون الكتب التاريخية الثورية بالفرنسية· وبعد ذلك تحدث مصطفى ماضي، رئيس دار نشر''القصبة'' عن القطيعة اللغوية بين الجزائريين وقال: إنها أدت إلى ''قطيعة مرجعية'' وهذا هو الأخطر؛ حيث تقوم''النخبة'' المُفرنسة المتحكمة في المؤسسات الاقتصادية والإدارة باقصاء خريجي الجامعة الذين لا يتقنون إلا اللغة العربية، من سوق العمل، وتأسف لرواج الكتب الدينية وكتب الطبخ على حساب الكتب العلمية والأدبية، ونبه ماضي إلى أن هناك ''استراتيجيات عائلية''هي التي تحدد لغة القراءة لدى الطفل؛ فحينما تتعامل عائلة جزائرية باللغة الفرنسية مع طفلها منذ صباه فلن يكون سوى فرنكوفونياً يقرأ بالفرنسية وحدها· أما سفيان حجاج ، مدير دار نشر''البرزخ'' فتأسف لعدم إقبال الجزائري على اقتناء الكتب، وبرر ذلك بأن الكتب لا تمثل لدى الجزائري ''رصيداً رمزياً'' وهو يخسر الكثيرَ على بطاقات تعبئة هاتفه المحمول أو زينته ولا يخسر شيئاً على الكتب· وعارض حجاج فكرة ماضي حول اللغات، وقال إنه يحلل من منطلق إيديولوجي؛ إذ ليست هناك ''حرب لغات'' بالجزائر أو نيَّات للإقصاء اللغوي، بل هناك تعددية لغوية وهذا واقع وهو ينشر الكتب التي يعتقد برواجها بغض النظرعن لغة كتابتها· وأضاف حجاج أن الجزائريين بحاجة إلى القراءة أكثر باللغة الفرنسية لأن الكتب العربية المتوفرة في شتى المعارف والعلوم قليلة، وحركة الترجمة ضعيفة حيث لم يتجاوز عدد الكتب المترجمة في سنة واحدة 400 كتاب، ولذا يجب القراءة بالفرنسية واللغات الأخرى مباشرة للاستزادة من المعارف، والخروج من حلقة ''صراع اللغات''· ويأسف حجاج لضعف القراءة عموماً، وقال إن وجود 15 مليون كتاب في مكتباتنا العامة والخاصة؛ أي بمعدل نصف كتاب لكل قارئ مقابل 4 كتب في العالم، دليل على''عدم وجود علاقة بين القارئ الجزائري والكتاب''· وقال إن الحل الوحيد هو تشجيع القراءة العمومية وبكل اللغات، أو إيصال الكتاب إلى القارئ عبر الاقتداء بالتجربة البيروفية في اقتناء الكتب وإهدائها للعائلات الفقيرة مجاناً· وأثناء المناقشة، لاحظت أستاذة مختصة في علم المكتبات أن القراءة تابعة للحاجة؛ فالقارئ يقبل فقط على ما هو بحاجة إليه من الكتب، أما الروائي بشير مفتي فأبدى انزعاجه من''الانقسام اللغوي'' في الجزائر والذي أخذ طابعاً أيديولوجياً؛ حيث تحولت الفرنسية إلى مظهر ونمط حياة لبعض الجزائريين، وهو ''نمط إقصائي''وضرب مثلاً بجائزة ''المكتبيين الجزائريين'' التي مُنحت 5 مرات لروائيين يكتبون بالفرنسية ومرة واحدة فقط لروائي يكتب بالعربية، كما استدل ببعض المكتبات التي تضع الكتب المُفرنسة في الواجهة وتهمِّش الكتب العربية بوضعها في''ركن منزوٍ''، وفضلا عن ذلك فإن الكتب العربية باهظة الثمن وتكاد أسعارها تكون مضاعفة أحيانا للكتب الفرنسية، وهو تلميح إلى أن القضية مقصودة وترمي إلى الترويج للكتاب الفرنسي والتنفير من العربي· ونبه الدكتورعمر بوساحة إلى أن الكتابَ ليس وحده مؤشراً على لغات القراءة؛ فهناك الجرائد أيضاً حيث إن الصحف الناطقة بالعربية هي الأكثر سحباً ومقروئية من الصحف الناطقة بالفرنسية في الجزائر، وتدخل الروائي أمين الزاوي ليحذر من السقوط في''الابتذال في القراءة'' وأوضح أن الكتاب نخبوي والنخبة لا تتعدى نسبتها عادةً 2 بالمائة في أي مجتمع ويجب ربط المقروئية بها، ودعا إلى إنشاء مرصد للقراءة يتكون من متخصصين يكون من مهامه حسن التوجيه نحو القراءة ورصد اتجاهاتها، وأضاف أن القارئ يبحث عنه ويصنع بوسائل عديدة ومنها الإكثار من معارض الكتاب،وانهال الزاوي بالنقد على سياسة تدريس اللغات في الجزائر وقال إنها أضحت'' معوَّقة ومعطوبة'' وأفضت إلى كارثة علمية وتربوية ومستواها ينحطُّ يوماً بعد يوم عما كان عليه في الستينيات والسبعينيات، وأكد أنه لا يمكن لأي بلدٍ أن ينهض دون أن يعلِّم أبناءَه اللغاتِ العالمية الحية
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©