الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بين الحوار المختزل والمعلن

بين الحوار المختزل والمعلن
21 يوليو 2007 02:32
من جماليات الوجود ذلك الصفاء الذهني، وتلك الحكمة، التي منها تنبع الرؤى والأحاديث، والأقاويل التي نرددها من أجل الإنشاد الفطري نحو الحياة الفاعلة ذات البيئة المشتركة القائمة على الحوار الشفاف والمغذي للاستمرارية، ربما كانت تلك العلاقة حقيقية أو وهمية، فهي ذات سمات، كالقرارات قبل اتخاذها، مثلا هناك نقاش يحدث مع قرين لا تراه، ربما كان أنسانا وهميا يعيش بداخلك أو هي نفسك في لحظة نقاشاتك وأحاديثك مع الآخر، فقبل كل خطوة تجد حصارا منها، ربما تتكون من الكم الهائل من الأفكار، لتشكل عقلا غير مرئي، يحاورك ويقنعك أو يفرش لك نسيجا من الإرشاد المؤدي إلى القرار النهائي! أحيانا تشعر بأن كل شيء في الوجود يعاد إلى أصله أو حقيقته، ومن خلال أسطوانة فنية، ينطلق الحوار الذي يسيطر على أعماقنا! إلى أن تأخذنا المقاطع ذات صفات التأكيد على المؤكد، فيقال مثلاً: '' هذا أجمل شيء قلته'' أو ''كلامك مقنع'' نشعر بأننا على تفاهم'' مما يوحي بالإشباع الفطري للحوار، بعد جدال أو نقاش! ويقال ''لابد أن تأتي من الآخر'' هنا من صفات المتكلم الذي لا يود الخوض في الفواصل والتشتت واحتمالات التشعب! ويقال: '' لب الموضوع '' أيضا، تحديدا لبدء النقاش وحصاره في العمق المؤدي الى النهاية! لأن من طبيعة البشر بالتحدث هو الانفلات الفطري وتزعزع المفاهيم والرؤى! وعادة هناك من المحاورين ممن لا يشخص نفسه فلا يرى عيوبه! ويرى الآخر على أساس شخصية ما في ذهنه! فقبل بدء الحوار يطغى البعد التكويني المسبق فيشتعل الخلاف الذي يقوم على أرضية هشه ذات مفاهيم مشبعة بالسلب! فهناك سمات ما بين الحوار والمحاور في الشخص الواحد، فمنهم من يود أن يتكلم ولايضيره إذا كان المستمع يتفاعل مع كل ناحية من نواحي الحديث معه أم لا، وهنالك من أسلوبه القفز وإرباك الآخر حتى لايصل إلى الفكرة! وهنا يصبح النقاش فاتراً ومملا معه بل يدور في حلقات مفرغة ولاينتهي بنتيجة سلبية! فما ينبغي ذكره على سبيل المثال بأن طاولة الحوار السياسي عادة ما تكون في نطاق الفشل اذا ما كانت الرؤية المسبقة والقائمة على مبدأ السلب! فلا تجد لها أرضية فكرية ولاعمقا في العلاقات الجوهرية! ومن صفات الحوار بهذا النمط ما ينتاب من خوف من انتصار الآخر، وهنا يبدو الحوار ضحلا ولا يمت إلى مبدأ! ويبدو أكثر انشقاقاً إذا ما لامس الأصول الدينية والمعتقدات الطائفية، فلا يمكن للحوارات أن تنتهي بل لها إفرازاتها المعقدة، ودائماً ما يصعب التكهن عما يحدث حين يغوص المرء فيها! لكن تبقى هذه من مسلمات الحياة أن نرى بعينين أثنتين وأن نتحدث مع الملأ بأكثر من فكرة في الدقيقة الواحدة، وهناك من يبقى على الصمت كمنهج حياتي فلا يعلو إلا إذا كانت الفكرة عميقة والكلمة مفيدة، أما إذا كانت الفكرة أشبعت أو لا جدوى من الإضافات المملة، فالمنطق يبقى على الصمت! فالرؤية المختزلة دائماً هي المحرك للحوارات، وتبقى الصفات الشخصية هي المؤثرة، فهناك المندفع والذي دائماً يبحث عن قضية يثيرها لإثبات الذات بأن الحوار قضية! فإذا ما نظرنا إلى مستوى الحوار وما هي انعكاساته الثقافية على المحاور نعلم كم هو التأثير المختزل ولنا في ذلك تجربة من خلال البرامج القائمة على الحوارات، فأكثرها برامج مشحونة لدرجة قصوى من الإثارة النفسية المختزلة والتي تطغى على الحوار فلا تجني أحياناً فائدة قصوى منه! وبالتأكيد الحوار دائماً ينم عن ثقافة المحاور وهذا ما حدث مثلاً حين استضاف اتحاد كتاب وأدباء الإمارات '' بيتر كلارك '' الذي طرح فكرة المجلس البريطاني الثقافي والتي تتضمن مشروع الاهتمام بالثقافة العربية وترجمة الناتج الإماراتي الأدبي إلى اللغة الإنجليزية، فالفكرة بكل وضوح ثقافية بحته! أو هكذا كانت تبدو لكن شعور بعض من الحضور كان على أساس التأزم التاريخي، وهناك من كان يود الاستفادة القصوى من هذه الفكرة التي من شأنها أن تفتح الحوار الثقافي على أساس أنه الحوار المرن ما بين الشعوب ويفتح أكثر من نافذة على المستوى الحياتي ويشبعها جمالية ·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©