الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوش والعراق··· من خيالات النصر إلى الدعوة للصبر

بوش والعراق··· من خيالات النصر إلى الدعوة للصبر
21 يوليو 2007 02:37
عكف الأعضاء ''الديمقراطيون'' في مجلس الشيوخ على خوض دورة جديدة من المناورات التشريعية الهادفة إلى وضع حد للتورط الأميركي الحالي في العراق، أو لإحداث تغيير فيه على أقل تقدير، خاصة بعد أن أرغمت الحقائق السياسية والعسكرية على الأرض، الرئيس بوش على التواضع والتراجع عن فكرته الخيالية الواهمة عن ''النصر'' الحاسم في تلك الحرب، كما كان يعتقد لحظة الإعلان عنها وبعد ذلك، بعدة سنوات· ولذلك فقلما سمعت عنه مؤخراً أصداء تلك الثقة المفرطة بسحق المتمردين داخل العراق وأنصارهم من القوى الخارجية، ممن حولوا العراق إلى بركة من الدماء والنزاعات والحروب الأهلية· وفي حين لا تزال شتى الفصائل العراقية المتناحرة تسعى لإبرام مصالحة وطنية تبدو مستحيلة فيما بينها حتى هذه اللحظة، فقد تضاءل الرئيس بوش كثيراً ليتقلص خيلاؤه السابق وزهوه بالنصر المؤزر المرتقب، إلى مجرد مناشدة لحوحة لأمته وللكونجرس بالمزيد من الصبر، بينما نفد صبر الشعب والكونجرس في واقع الأمر· أما الآمال التي كان قد سبق لبوش أن علقها على كسب الوقت حتى حلول شهر سبتمبر المقبل، كي تتضح النتائج العملية الملموسة لاستراتيجية زيادة عدد القوات التي طبقت أخيراً، فمن الواضح أنها قد تبددت هباءً، إثر التقارير الواردة مؤخراً عن المسافة الشاسعة التي تفصل بين مستوى الأداء الحالي، ومعايير التقدم في الأداء التي حددها الكونجرس، وجعل منها شرطاً لازماً لاستمرار تمويل الحرب· وفيما يبدو، فإن حقائق الأرض نفسها، سوف تلقي بآثارها الوخيمة على تقرير التقدم المؤقت في الأداء، المرتقب عرضه على الكونجرس خلال الأسبوع الحالي· وعلى الأرجح أن تضطر الإدارة إلى الاعتراف بأن طريق التقدم الجديد الذي حاولت أن تسلكه، لم تتضح معالمه بعد، على رغم تنفيذ الزيادة الكلية المقررة في عدد الجنود المرابطين في العراق· والحقيقة أن النداء الذي وجهه بوش لأمته بالانتظار قليلاً إلى حين حلول موعد عرض تقرير الجنرال ديفيد بتراوس، القائد العام للقوات الأميركية في العراق، بحلول شهر سبتمبر المقبل، قد فشل فعلياً بفعل تصاعد موجة السخط ونفاد الصبر على الحرب، حتى داخل الحزب ''الجمهوري'' نفسه· فلا يمر يوم واحد الآن، إلا وعلا فيه صوت ''جمهوري'' قوي، يطالب بأن الوقت الصحيح هو الآن وليس بعد شهرين، لكي تتبنى الإدارة سياسة أكثر واقعية إزاء العراق· كما يرجح أن تدفع حجة بوش القائلة بضرورة منح الوقت الكافي لآخر السياسات التي جرى تطبيقها في العراق، بعض ''الجمهوريين'' إلى تبني المقترحات التي تقدم بها أكثر ''الديمقراطيين'' تطرفاً فيما يتصل بالسياسات وسلطة التفويض الدفاعي· وقد تجد بعض تلك المقترحات ما يكفي من دعم بعض ''الجمهوريين'' لها، بهدف إرغام الرئيس بوش على التحلي بالمرونة التي طالما ازدراها وتأفف منها حتى الآن· ''الديمقراطيون'' طرحوا عدة خيارات لتغيير السياسات الحالية في العراق، تتراوح بين المطالبة بالانسحاب التدريجي للقوات، وفقاً لجدول زمني محدد ومقرر، مروراً بالتلويح بعصا وقف تمويل الحرب، وسحب التفويض باستخدام القوة، والتحول من المهام القتالية إلى مهام التدريب، وصولاً إلى تطبيق توصيات لجنة ''دراسات العراق''، بما فيها تبني نهج دبلوماسي جديد في التعامل مع الدول المجاورة لبلاد الرافدين· يذكر أن المرة الأخيرة التي خاض فيها ''الديمقراطيون'' مواجهة قانونية مع سياسات بوش الحربية، كانت في شهر مايو المنصرم، حيث مارس بوش ضد تشريعاتهم الداعية إلى تحديد جدول زمني للانسحاب، حق ''الفيتو''، ما أرغمهم على الانحناء له· وكان السبب الرئيسي وراء هزيمة ''الديمقراطيين'' أمام الرئيس حينها، قناعة الكثير من أعضاء الكونجرس ''الجمهوريين'' حينها، بضرورة الانتظار لبعض الوقت، حتى تثمر سياسة زيادة عدد القوات التي أقرت مؤخراً، عن المزيد من الاستقرار الأمني، في ذات الوقت الذي تتكثف فيه المساعي لدفع القادة العراقيين إلى تطبيق معايير التقدم التي أقرها الكونجرس، بما فيها الدفع باتجاه المصالحة الوطنية العراقية· بيد أن مواقف ''الجمهوريين'' هذه المؤيدة لخطة الرئيس بوش، سرعان ما تراجعت، إثر الفشل الذي منيت به الخطة الأمنية العسكرية الجديدة، لكون الخطة نفسها قد وفرت لمقاتلي تنظيم ''القاعدة'' وأشباههم المزيد من الأهداف البشرية· كما تأثر هؤلاء المشرعون، وخاصة الذين استمعوا إلى آراء قواعدهم مؤخراً، بتصاعد المطالبة الشعبية الواسعة بخفض عدد القوات، فشرعوا في بث آراء قواعدهم وتوصيل رسالتهم إلى الإدارة· وبالفعل فقد ترددت أصداء المطالبة بتبني سياسات جديدة إزاء العراق، بين جدران مجلس الشيوخ نفسه، إذ علا صوتا اثنين من أبرز وأقوى قادته، هما السيناتور ''ريتشارد لوجار''، العضو البارز بلجنة العلاقات الخارجية بالمجلس، وزميله ''جون وارنر''، القيادي بلجنة الخدمات المسلحة· وتشكل مواجهة هذين القائدين الجمهوريين للرئيس بوش، أقوى تحد ومطالبة له بتجاوز حالة الشلل العراقي التي يعانيها الآن· أما بالنسبة للحزب ''الديمقراطي''، فقد نفد صبر أقوى الأعضاء المناهضين للحرب، وشرعوا في شق عصا الطاعة الحزبية أيضاً· ويأخذ هؤلاء على حزبهم ضعفه أمام الإدارة وعدم استخدامه لسلاح المال، ومن ثم عدم استمراره في المطالبة بوقف تمويل الحرب، مع العلم أن في وسعه فعل ذلك· غير أنه لم يكن في مقدور الحزب ''الديمقراطي'' تبني خطوة كهذه، دون أن يوفر ما يكفي لدعمها من الأصوات اللازمة داخل الكونجرس· وعليه فإن الأمل معقود الآن على حشد المزيد من أصوات ''الجمهوريين'' المؤيدة لمطالب تغيير السياسات المطبقة حالياً في العراق· فهل يتحقق الأمل؟ كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع ''تريبيون ميديا سيرفيز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©