الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل حانت فرصة السلام في الشرق الأوسط؟

هل حانت فرصة السلام في الشرق الأوسط؟
21 يوليو 2007 02:37
عند تأمل مخطط الرئيس بوش الجديد للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، من الحكمة أن نضع في الأذهان أنه نظراً لأن الفشل كثيرا ما يكون مصير المبادرات السياسية في الشرق الأوسط، فإن المحللين والمراقبين يعمدون أحياناً إلى وضع الاحتمالات بديلاً للمهارات النقدية· فبعد الرحلة التاريخية التي قام بها أنور السادات إلى القدس في نوفمبر ،1977 انتاب التشكك الصحافيين والمحللين نظرا لأن إسرائيل اضطرت إلى محاربة مصر أربع مرات خلال السنوات الخمس والعشرين الأولى من وجودها· والحال أن الماضي لم يكن صالحاً في هذه الحالة ليكون دليلاً للمستقبل، والشاهد أن السلام الذي عقده مناحيم بيجن وأنور السادات لم يكسر طيلة السنوات الثلاثين المنصرمة· فإدراكا منهما لمصالحهما، شكلت مصر وإسرائيل دائرة، إذا جاز التعبير، من أصل ثلاث دوائر ذات مركز مشترك؛ تحيط بها دائرة ثانية هي دائرة معسكر الرفض العربي، الذي كان ضعيفاً عسكرياً واقتصادياً ومنفصلاً جغرافياً· باستثناء الكتلة السوفييتية، كانت القوى الكبرى، التي شكلت الدائرة الخارجية، مؤيدة بشكل كبير للتقارب؛ وسرعان ما استعملت قواها المتضافرة لكسر الدائرة الوسطى -دائرة معسكر الرفض· والواقع أن وضعاً مماثلاً بدأت معالمه تتضح في الشرق الأوسط مؤخراً· فصحيح أن الولايات المتحدة خاضت حرباً في العراق كما لو أنه لا وجود للتاريخ والاستراتيجية والمناورة والاستعداد والاستشراف والحقيقة والتصرف الحكيم؛ إلا أن هذه الحرب ساهمت في تكسير الأوضاع السياسية السائدة في المنطقة وخلق فرص جديدة، ومن ذلك إمكانية حدوث تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين· بعض الأوساط الحكومية في الولايات المتحدة تنفي وجود هذه الإمكانية، وهي الغاضبة من فشل الإدارة الحالية -الذي كان متوقعا- في تحويل ثقافة الشرق الأوسط السياسية إلى تلك السائدة في الغرب· غير أن المقارنة في غير محلها، ذلك أن الظروف مغايرة، والمهمة مختلفة تماماً· وبفعل انشغال الولايات المتحدة في العراق، فقد أراح ذلك إيران، في وقت أنشأت فيه واشنطن حكومة ذات أغلبية شيعية في بغداد، وجعلت العالم العربي أكثر تقبلاً للآراء الإيرانية· وبموازاة مع ذلك، تمثل الصعود الشيعي في: إيران الصاعدة والضعيفة في الوقت نفسه، و''حزب الله'' في لبنان، والذي بات تحت قيود كثيرة عقب الحرب التي ''انتصر'' فيها العام الماضي، وتحالف سوريا و''حماس'' مع إيران· وخلافا لما يعتقده الكثيرون، بالغ ''حزب الله'' في تقدير قوته، فصحيح أن إسرائيل خرجت من الحرب مهزوزة، ولكنها لم تتكبد خسائر كثيرة· كان نصيبها 4000 من قذائف الكاتيوشا التي قتلت 39 إسرائيلياً· وأظهرت تل أبيب أنها لا تتردد في تدمير أي شيء يقف في طريقها عندما يتم استفزازها، وهو ما خلق صحوة لبنانية أحدثت انفساماً في البلاد وشغلت ''حزب الله''، ورغم أن الأخير يعمل اليوم على إعادة تسليح نفسه، فإنه يظل قلقاً من إسرائيل· ''حماس'' أيضاً بالغت في تقدير قوتها، وهو ما أوجد وضعاً قد يتيح تحقيق سلام فلسطيني إسرائيلي· إذ لأول مرة منذ ،1948 خلق انقساماً كبيراً في الصف الفلسطيني ووضعاً يمكن فيه لرأي أقل ''توتاليتارية'' أن يجد من يحتضنه· صحيح أن الرئيس الفلسطيني وزعيم حركة ''فتح'' محمود عباس ضعيف من نواح متعددة، ولكنه قام بعزل المتشددين· ونتيجة لذلك، يواجه أنصار ''حماس'' اليوم في الضفة الغربية (يشكلون، حسب أحدث استطلاع للرأي، 25 في المئة من السكان) وضعاً ديموغرافيا مختلفاً عما هو عليه الحال في قطاع غزة، واقتصاداً مختلفاً يمكن أن ينتعش أكثر إذا تحلت إسرائيل بالحكمة للقيام بذلك· ونظرا لأنهم محاصرون ومخترقون من قبل الجيش الإسرائيلي وقوات السلطة الفلسطينية، فإنهم لم يعودوا اليوم كما كانوا من قبل· ولذلك يمكن القول إن التقاطع المفاجئ والقوي للمصالح بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل يمثل مقابلاً للاتفاق الذي حدث بين مصر وإسرائيل في ·1977 فالعرب -الدائرة الثانية- غيروا مواقفهم كثيراً اليوم؛ ويتوقع، بالنظر لمخاوفهم من دعم إيران للحرب والفوضى والثورات، أن يمارسوا ضغوطهم على معسكر الرفض· فمصر ودول الخليج العربي والأردن لديها الكثير مما ينبغي أن تتعاطى معه في الداخل وفي الشرق إلى درجة لا تسمح لها بتحمل جبهة جديدة داخلها؛ ونتيجة لذلك، فقد اتجهت نحو تنظيم صفوفها في مواجهة إيران و''حزب الله'' و''حماس''، وجلبت معظم بقية الدول العربية إلى صفها· إنه وضع مذهل ذاك السائد اليوم، إذ بتنا على شفا تفاهم نادر بين سرائيل والسلطة الفلسطينية، والدول العربية الرئيسية والقوى الكبرى· وذلك بالرغم من صحة ما يُقال من أن مصلحة موسكو تقتضي أن يبقى الشرق الأوسط في حالة غليان حفاظاً على ارتفاع أسعار النفط· ورغم أن أوروبا مشلولة عسكرياً، فإنها تلوح بحوافز اقتصادية كبيرة· الدول العربية المهمة والقوى الغربية الرئيسية مصطفة اليوم في مواجهة جبهة إرهابية متشددة، هي، خلافاً لنظيرتها في العراق، متصدعة جغرافياً وفقيرة ومحدودة العدد· والحقيقة أن أي أمر سيئ يمكن أن يحدث في النزاع العربي- الإسرائيلي، وهو عادة ما يحدث، غير أن الأعمدة الرئيسية لسياسة معسكر الرفض ساقطة أرضاً الآن، والمواقف هي اليوم على نحو يمكن فيه لكل طرف منخرط على نحو بناء أن يوفق موقفه مع المواقف الأخرى· وسط حرارة الحرب الفاشلة، يدب الدفء في أوصال العمليات التاريخية ويزيل جمودها· إذا استطاعت إسرائيل والسلطة الفلسطينية مواصلة استراتيجية الأهداف المحدودة، والتركيز على الاتفاقات الثنائية، فيمكنهما أن يحققا شيئاً ما من حجم ما قام به السادات قبل ثلاثين عاما· فالفرص الحالية ربما تكون الأفضل من نوعها منذ ذلك الوقت· كاتب أميركي وزميل معهد كليرمونت ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©