الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان والخلاف حول أبيي

21 يوليو 2007 02:38
بمرور عامين على بدء تنفيذ اتفاقية السلام وقيام نظام الحكم المشترك بين الشمال والجنوب، كان المؤمل أن تكون الخلافات بين شريكي الحكم قد تراجعت وأن الثقة بينهما اكتملت، ولكن ما حدث في الواقع كان مخالفاً لتلك التوقعات· في السابع من هذا الشهر، مر عامان من يوم توقيع الاتفاقية الثنائية، وبدأ العام الثالث· وفي ذات اليوم أو بعده بيومين، أعلن الأمين العام لـ ''الحركة الشعبية لتحرير السودان'' (الجنوب) السيد ''باقان أموم'' أن حركته تعبت وملّت من السعي لإقناع الشريك (المؤتمر الوطني) بما ينبغي أن يكون عليه الوضع في منطقة أبيي (Abyai) الحدودية ولهذا فان قيادة ''الحركة الشعبية'' تفكر جدياً في أن تطلب من الإدارة الأميركية أن تتولى هي (أي واشنطن) إدارة الأمر في ''أبيي'' وإعطاء كل ذي حق حقه· وبهذا التلميح والإشارة، فإن ''الحركة الشعبية'' ستنتقل بصراعها أو خلافها مع ''المؤتمر الوطني'' إلى مستوى جديد بإشراك طرف خارجي فيه· لقد كانت (أبيي) إحدى النقاط الساخنة في مفاوضات السلام في (نيفاشا)، ولكن أمكن بعد جدال طويل الاتفاق على إجراءات بدأ تنفيذها على يد مؤسسة رئاسة الجمهورية· وكانت آخر تلك المراحل ما توصل إليه فريق من المحكمين الأجانب وقبلت به ''الحركة الشعبية''، ولكن ''المؤتمر الوطني'' رفضه رغم أن الاتفاق السابق للجوء للتحكيم كان يقول بأن يقبل الطرفان ما يصل إليه المحكمون· إن تهديد ''الحركة الشعبية'' بوضع الأمر بيد الولايات المتحدة الأميركية أثار ربكة في صفوف ''حزب المؤتمر'' صاحب الأغلبية في الحكم، واقتصر ردهّ أو تعليقه حتى الآن على أن السودان إدارة ذات سيادة ولا يصح إدخال دولة أخرى في شؤونه الداخلية· نقاط الخلاف بين الشريكين متعددة ولكن، (أبيي) تبقى أكثرها وضوحاً ومباشرة· والتهديد أو التلويح بإشراك عناصر أجنبية في خلافات الشريكين ليس جديداً، فقد ألمحت ''الحركة الشعبية'' قبل عام أو نحو ذلك، أنها قد تلجأ إلى منظمة (الإيجاد) الأفريقية لتشكو لها من أن ''المؤتمر الوطني'' لا ينفذ التزاماته وفق شروط اتفاقية السلام، وأنه ليس جاداً في عمليات وضرورات التحول للحكم الديمقراطي، ولكن عدل عن هذا الاتجاه لسبب أو لآخر ليتجدد الآن في شكل طلب لواشنطن للتدخل· و''أبيي'' هذه هي منطقة تقع على الحدود بين السودان الشمالي والسودان الجنوبي، وقد رأى المستعمرون في عام 1905م أن تكون تبعيتها الإدارية لمديرية جنوب كردفان رغم أنها جغرافياً تقع ضمن حدود جنوب السودان ومديرية بحر الغزال بالتحديد، وتسكن المنطقة مجموعات من قبائل جنوبية (الدينكا) ومجموعات من قبائل عربية هي: المسيرية، وكانت العلاقة بينهما على خير ما تكون من ألفة ووئام، ولكن ظهور البترول في باطن أرض ''أبيي'' مؤخراً، هو الذي أثار المطامع وأجج الصراع الحالي الذي، تزداد أبعاده عمقاً من حين لآخر· اتفاقية السلام المعروفة باسم اتفاقية (نيفاشا) هي أساس نظام الحكم الحالي في السودان، والذي لا بقاء له إلا باتفاق الشريكين: ''المؤتمر الوطني'' و''الحركة الشعبية'' على كل مقتضبات تلك الاتفاقية، وعليه فإن إقدام ''الحركة الشعبية'' على ما لوحت به من شأنه أن يكون واحداً من أسباب بداية الفشل، وهو أمر لا يرضاه أحد في الشمال أو الجنوب أي العودة إلى الحرب والاقتتال مرة أخرى· ستبقى الأزمة قائمة، إلاّ إذا تراجع ''المؤتمر الوطني'' عن قراره برفض نتيجة التحكيم في ''أبيي''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©