الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التناقض في هجوم ترامب على الإعلام

27 فبراير 2017 22:45
خلال مؤتمر العمل السياسي للمحافظين الذي عقد يوم الجمعة الماضي، اتهم الرئيس دونالد ترامب وسائل الإعلام بأنها تنشر أكاذيب على نطاق واسع، زاعماً بلا دليل أنها «تختلق المصادر، وتستخدم مصادر لا تتم تسميتها». وقد وجه ترامب هذه التهمة للإعلام من قبل. وعلى رغم ذلك، فهي تتنافى تماماً مع تأكيداته، في أوقات أخرى (أو في اليوم نفسه)، بأن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية يقومون بتسريب معلومات سرية للصحفيين، وأنه يجب العثور عليهم. وفي صباح يوم الجمعة أيضاً، قال في تغريدة له على تويتر: «إن مكتب التحقيقات الفيدرالي عاجز تماماً عن وقف مسربي معلومات الأمن القومي الذين اخترقوا حكومتنا منذ فترة طويلة، بل إنهم عاجزون عن العثور على من يسربون المعلومات من داخل مكتب التحقيقات الفيدرالي نفسه». ما هذا؟ هل مصادر الاستخبارات المجهولة التي ورد ذكرها في تقارير لوسائل إعلام مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» و«سي إن إن» وغيرها هي من اختراع صحفيين «غير شرفاء»؟ أم أنهم أناس حقيقيون يقدمون معلومات حقيقية، فمن الذي يجب إيقافه إذن؟ إن بعضاً من مزاعم الرئيس هنا لا يمكن أن يكون صحيحاً. ويبدو واضحاً ما الذي يصدقه ترامب في الواقع. فهو يتحدث ويغرد في أحيان كثيرة عن منع التسريبات التي تسبب ذعراً حقيقياً له هو بالذات. وبعد استقالة مايكل فلين من منصب مستشار الأمن القومي، في أعقاب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» بناء على معلومات تم تسريبها، قال ترامب دون تردد: «إن أموراً يتم تسريبها. إن هذا عمل إجرامي، وهو مستمر منذ فترة طويلة. من قبلي. لكنه يحدث الآن في الواقع»! وبطبيعة الحال، فإن ترامب لم يكن ليطالب (أو يتلقى) استقالة فلين لو كانت المصادر التي تحدثت إلى «واشنطن بوست» مختلقة. فهذا أمر يتحدى المنطق، ومع ذلك، فقد ذكر ترامب خلال مؤتمر العمل السياسي للمحافظين أنها كانت كذلك بالفعل. وقد استشهدت «واشنطن بوست» بـ«تسعة مسؤولين سابقين وحاليين» عندما ذكرت أن فلين ناقش سراً العقوبات الأميركية ضد روسيا مع السفير الروسي في الولايات المتحدة خلال الشهر الذي سبق تولي ترامب منصبه، بعكس ما ذكره مسؤولو الإدارة علناً. وأثناء خطابه أمام مؤتمر المحافظين، قال الرئيس: «ليس هناك تسعة أشخاص. ولا أعتقد أنه كان هناك شخص أو اثنان. إنهم أشخاص غير شرفاء»! نعم، إن المصادر، والتقرير الذي سلمته، كانت وهمية إلى درجة أن الرئيس قرر أن فلين يجب أن يرحل! وفي بعض الحالات، لم تكن هذه المصادر تسرب معلومات، ولكنهم يخبرون الصحفيين في اتجاه البيت الأبيض، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم. وفي الواقع، فقد دبر البيت الأبيض جلسة كتلك قبل أن يرتقي ترامب المنصة خلال مؤتمر العمل السياسي للمحافظين. وهناك ملحوظة أخرى بشأن هجمات الرئيس غير المتسقة على المصادر الإعلامية: لقد استمر ترامب في سرد حجج متناقضة (افتراءات! تسريبات!) في الأسبوع تقريباً، منذ تعيين الخبير الاستراتيجي الجمهوري المخضرم «مايك دوبكي» مديراً للاتصالات في البيت الأبيض. ومن الصعب تصور أن «دوبكي» سيشجع الرئيس على الاستمرار في التناقض مع نفسه. بيد أن ترامب يفعل ذلك، على أي حال. إن انتقاد ترامب اللاذع لوسائل الإعلام يذكرنا بالفعلة المستهجنة التي أقدم عليها إبان حملاته الانتخابية حينما وصف الإعلام بـ«الحثالة». ولا يختلف هذا كثيراً عما أدلى به ستيف بانون، المستشار الاستراتيجي للبيت الأبيض، في تصريحاته لصحيفة «تايمز» البريطانية حينما قال إنه: «ينبغي إحراج الإعلام وإذلاله، وإسكاته»! وأضاف بانون: «الإعلام يفتقر إلى النزاهة والمعلومات، وأصول العمل الجاد». * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©